الحياة قبل بداية 2022 ليس كبعدها، أمر ينطبق على الظروف الاقتصادية التي تعاني منها أغلب الدول في العالم بسبب آثار الحرب الروسية- الأوكرانية، ومصر ليست بعيدة عن هذه الظروف، حيث تسببت في خروج أموال ساخنة وصلت قيمتها إلى 20 مليار دولار مع بداية الحرب بحسب بيانات رسمية للبنك المركزي المصري. وعلى الرغم من نجاح مصر في التجربة الاقتصادية التي بدأتها مع عام 2017 وإعلان العديد من القرارات التي تهدف لإصلاح اقتصادي دعمه صندوق النقد الدولي بقرض وبرنامج اقتصادي شامل، إلا أن الأزمة العالمية اضطرتها للإعلان عن اتفاق جديد مع الصندوق، توقع معه خبراء قرارات اقتصادية جديدة من المقرر الإعلان عنها خلال الأيام المقبلة. ما قصة قرض الصندوق؟ من المقرر أن يبحث المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي طلب مصر الحصول على تسهيل ممدد جديد، في اجتماعه المقرر يوم 16 ديسمبر، وكانت مصر قد توصلت إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي للحصول على برنامج قرض جديد بقيمة 3 مليارات دولار نهاية أكتوبر الماضي، إلا أنه يتعين الحصول على موافقة المجلس التنفيذي كي يبدأ صندوق النقد في صرف القرض، ومن المنتظر الموافقة على تسليم الشريحة الأولى منه لمصر بقيمة 750 مليون دولار خلال هذا الاجتماع. الدكتور أحمد شوقي، الخبير الاقتصادي، في حديثه ل«المصري اليوم» يرى أن هناك العديد من الأمور التي توجه قرار البنك المركزي، من بينها قيمة العجز في ميزان المدفوعات على سبيل المثال حيث وصل إلى 10 مليارات دولار، وطالما كان هناك عجز فإن قيمة الجنيه ستنخفض، حيث وصل التضخم إلى 21% بحسب بيان البنك المركزي أيضا، فيما تصل الفائدة إلى 17% في البنوك وبالتالي لا قيمة لها أمام العجز. وفي بيان، توقع بنك «بي إن بي باريبا» أن ينخفض سعر صرف الجنيه مقابل الدولار إلى 33 جنيها بنهاية العام، و37 خلال الربع الأول من عام 2023، وذلك من أجل حسم منح صندوق النقد الدولي الدفعة الأولى من القرض، البالغة نحو 750 مليون دولار من القيمة الإجمالية التي تبلغ 3 مليارات دولار تقريبا. في الوقت نفسه، تشير توقعات «الأهلي فاروس» إلى أن البنك المركزي المصري قد يجتمع قبل اجتماع لجنة السياسة النقدية المقرر في 22 ديسمبر، وأن يرفع أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس، ليصل سعر الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة إلى 15.25% و16.25% على التوالي. واتفق في ذلك الخبير الاقتصادي فرج عبدالله، الذي أشار إلى أنه مع ارتفاع معدلات العجز واتجاه الفيدرالي الأمريكي لرفع سعر الفائدة من المتوقع أن يرفع المركزي سعر الفائدة بمقدار 200 نقطة جديدة، وبالتالي عدم الرفع فيما بعد حتى شهر أبريل المقبل مع الزيادات التي تحت ال17% من قيمة الفائدة خلال العام الجاري 2022. وأضاف الخبير الاقتصادي فرج عبدالله أن تحقيق الاستقرار في السوق متعلق بسيناريوهين: أولهما: متوقع خفض مدار لقيمة الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي بقيمة تصل إلى حوالي 20% كاملة، فيما يتوقع سيناريو آخر الاعتماد على الروبل والعملات الصينية واليابانية لسد احتياجات الدولة والمعاملات الدولية. أول اجتماعات المركزي هذا العام للتعامل مع الأزمة كان في مطلع شهر فبراير الماضي، وقام البنك المركزي المصري بتثبيت سعر الفائدة عند 8.25٪ في 3 فبراير 2022، وذلك للحفاظ على معدل التضخم وقتها والذي كان يسجل 7%. وانتهى اجتماع البنك المركزي في 22 سبتمبر 2022 بتثبيت سعر الفائدة عند 11.25%، وقد خالف المركزي بقراره توقعات معظم محللي الاقتصاد الذين توقعوا أن يرفع الفائدة بمعدل 1%. وجاءت هذه الخطوة على الرغم من ارتفاع التضخم السنوي العام إلى 14.6٪ في أغسطس 2022. وكان اجتماع البنك المركزي في 27 أكتوبر 2022 اجتماعًا استثنائيًا فاجأت قراراته جميع المواطنين، إذ رفع البنك المركزي سعر الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس إلى 13.25%، وكان ذلك بهدف السيطرة على أمن الاقتصاد الكلى، وتثبيت توقعات التضخم، وبالتالي ضمان استقرار الأسعار على المدى المتوسط. في الوقت ذاته، يرى الخبير الاقتصادي المتخصص في إدارة المخاطر أحمد شوقي أن قرارات البنك المركزي من هدفها حفظ الاستقرار في السوق، في ظل حالة تخبط عالمية يتم على إثرها اتخاذ قرارات اقتصادية مختلفة في العالم كله وليس في مصر فقط، والتي نجحت بالفعل في التعامل مع الأزمة الاقتصادية الداخلية عام 2017. سعر الدولار اليوم وشهد سعر الدولار في ختام تعاملات اليوم الثلاثاء استقرار نسبيا مقابل الجنيه المصري على مستوي جميع البنوك التي تعمل داخل مصر، ووصل سعر الدولار اليوم في البنك المركزي المصري إلى 24.59 جنيه للشراء، و24.67 جنيه للبيع.
