تتجه انظار المجمتع الدولي إلى مدينة شرم الشيخ بالتزامن مع بدء انطلاق فاعليات مؤتمر قمة المناخ cop 27، أمس، والذي سيستمر في الفترة من 6 نوفمبر وحتى 18 من الشهر نفسه، وسط اضطرابات سياسية تشهدها الساحة العالمية. وخلال الأسبوعين المقبلين، سيحث المفاوضون من حوالي 200 دولة بعضهم البعض في COP27 على رفع طموحاتهم في مجال الطاقة النظيفة، حيث ارتفع متوسط درجة الحرارة العالمية بالفعل بمقدار 1.15 درجة مئوية منذ الثورة الصناعية. وقالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، أمس الأحد، إن السنوات الثماني الماضية كانت في طريقها لتكون الأكثر دفئًا على الإطلاق، مستشهدة بآثار تراكم انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي منذ بداية العصر الصناعي رغم جهود اتفاقيات باريس المناخية الموقعة في عام 2015. لكن الخطط التي قدمتها البلدان لخفض هذه الانبعاثات لا تكفي. نظرًا للوعود الحالية للبلدان، سترتفع درجة حرارة الأرض إلى ما بين 2.1 و2.9 درجة مئوية بحلول عام 2100، في نهاية المطاف، يحتاج العالم إلى خفض انبعاثات الوقود الأحفوري بمقدار النصف تقريبًا بحلول عام 2030 لتجنب 1.5 درجة، وهو احتمال مخيف للاقتصادات التي لا تزال مدينًا للنفط والغاز الطبيعي والفحم. ويزداد عدد ضحايا الكوارث الطبيعية يومًا بعد الأخر، ووفق احصائيات المنتدى الاقتصادي العالمي بإنه من المتوقع أن يكون هناك 1.2 مليار نازح ولاجئ نتيجة التغير المناخي والكوارث الطبيعية والأعاصير والفيضانات بحلول عام 2050. وتتهم الدول الفقيرة والنامية الدول الصناعية بتسببها في أزمة التغير المناخي، نتيجة زيادة انبعاثاتها لغاز ثاني أكسيد الكربون، مطالبة إياها بدفع تعويضات في المقابل كانت الدول الصناعية بزعامة الولاياتالمتحدة وأوروبا، ترفض المقترح. تعويض الخسائر والأضرار وفي سابقة في مؤتمر شرم الشيخ، ذكر الحساب الرسمي لمؤتمر قمة المناخ أنه «للمرة الأولى منذ اعتماد اتفاقية الأممالمتحدة للمناخ، اتفقت الأطراف على تقديم تمويل الخسائر والأضرار بند من بنود جدول الأعمال في مؤتمر المناخ COP27». وفيما يعتبر عدد من المراقبون أن إدراج تلك القضية على أجندة المؤتمر يعد انتصارًا هامًا للدول النامية والدول الجزرية الصغيرة الأكثر تأثراً نتيجة ارتفاع منسوب البحار والمحيطات، في المقابل قلل أخرون من تأثير تلك الخطوة. وحول جدوي تلك الخطوة علق سايمون ستيل، رئيس وكالة تغير المناخ التابعة للأمم المتحدة بالقول: «لقد تم توفير الفضاء للمناقشة» في إشارة إلى أن القضية بعيدة عن التسوية ولا وجود لاتفاق حول إنشاء آلية لتعويضات الدول المتضررة وفق تحليل لصحيفة نيويورك تايمز. من جانبها رفعت منظمة من الدول الجزرية الضعيفة شعار «التضامن وليس الأعمال الخيرية». وقالت في بيان صادر عن تحالف الدول الجزرية الصغيرة «نحن لا نطلب خدمات»، وأضاف البيان «لن نكون ضحايا صامتين لتكلفة التلوث الذي يسببه الآخرون، لمصلحة القلة». واشنطنوبكين أكبر مصدر لغاز ثاني أكسيد الكربون وتعد الولاياتالمتحدةوالصين هما أكبر دولتين مصدر للانبعاثات في العالم فكلاهما يمثل ما يزيد عن 40% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وفق بيانات عام 2016. من جانبه، ذكر موقع «our world in data» نقلاً عن «Global Carbon Project» أن الصين ساهمت بمقدار 10.6 مليار طن من الغازات الدفينة في عام 2020، فيما جاءت الولاياتالمتحدةالأمريكية بإجمالي 4.7 مليار طن من الغازات الدفينة، فيما جاء إجمالي انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بمقدار 34.7 مليار طن أي أن مجموع ما شكله البلدين يساوي 44% وفق موقع our world in data . تعاون هش بين الولاياتالمتحدةوالصين في المقابل ووسط التوترات السياسية بين بكينوواشنطن، يبدو أنه ليست هناك آفق للتوصل لاتفاق بين أكبر الدول المساهمة في التغير المناخي لتعويض الدول النامية، وانهار التعاون في هذا الملف بين البلدين الصيف الماضي، حين أعلنت الصين أنها ستعلق محادثات المناخ مع الولاياتالمتحدة كجزء من الانتقام الأوسع من زيارة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إلى تايوان. قال جون كيري مبعوث الولاياتالمتحدة لشؤون المناخ مؤخرًا إن محادثات المناخ بين البلدين لا تزال معلقة ومن المرجح أن تظل كذلك حتى يعطي الرئيس الصيني شي جين بينج الضوء الأخضر. من جانبه وعد الرئيس الأمريكي جو بايدن بأن تساهم الولاياتالمتحدة بمبلغ 11 مليار دولار بحلول عام 2024 في هذا الجهد. لكن طلب بايدن يعود في النهاية إلى الكونجرس للموافقة عليه، ومن المرجح ألا يذهب إلى أي مكان إذا فاز الجمهوريون بالسيطرة على الكونجرس في انتخابات التجديد النصفي. تعمل الولاياتالمتحدة على إبرام صفقات منفصلة مع دول من بينها فيتنام وجنوب إفريقيا وإندونيسيا لحملها على الابتعاد عن الفحم والتوجه نحو مصادر الطاقة المتجددة. ويشدد المسؤولون الأمريكيون في كثير من الأحيان على أنهم يريدون أيضًا فتح استثمارات خاصة لمساعدة البلدان على التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة والتعامل مع الآثار المناخية. من جانبها قالت جينا مكارثي، مستشارة المناخ الوطنية السابقة للبيت الأبيض، لشبكة CNN إنها تعتقد أن «الخسائر والأضرار» ستكون القضية الرئيسية في قمة الأممالمتحدة للمناخ هذا العام، وقالت إن الدول بما في ذلك الولاياتالمتحدة ستواجه بعض الأسئلة الصعبة حول خططها لمساعدة الدول النامية التي تتعرض بالفعل لضربة شديدة، بسبب الكوارث المناخية. وأضافت مكارثي: «هناك حاجة إلى بعض المساءلة الحقيقية وبعض الالتزامات المحددة على المدى القصير».