«المآذن سيوفنا، والقباب خوذاتنا، والمؤمنون جيوشنا»، جملة قالها رجب أردوغان عام 1997 قبل رئاسته لوزراء تركيا تجيب عن سؤال «لماذا يكرهنا الغرب؟» وتلخص سر الإسلاموفوبيا التى تجتاح أوروبا وآخرها نتيجة الاستفتاء السويسرى الرافض بناء مآذن جديدة، إننا للأسف نقدم الإسلام كمشروع جهادى مزمن ومستمر، ونعيش فى كل تصرفاتنا وكأننا فى أول مرحلة الدعوة فى قريش بتوتر بداياتها الأولى وقلق مشروعها الجنينى وحماس مؤسسيها وأتباعها الجارف، ولا نريد أن نعترف بأننا أصبحنا ديناً مستقراً لا يحتاج إلى مثل هذا الخوف والرعب والفزع، وكأن ديننا لايزال طفلاً يحبو ويتعثر فى خطواته، أو جنيناً مبتسراً يحتاج إلى حضانة، أو ريشة فى مهب الريح تحتاج إلى أسوار وسقوف للحماية من الضياع والتبدد. لابد أن نواجه أنفسنا وبصراحة: هل هم يخافون من المآذن أم من ثقافة ما وراء المآذن التى شوهت صورة الإسلام كدين سلام وحولته إلى مرادف للإرهاب على يد بن لادن ورفاقه والدعاة الجدد وأتباعهم؟، لابد أن نواجه أنفسنا ونعترف بأننا كمسلمين أقل الشعوب قابلية للاندماج فى حضارة الغرب التى تفصل بين ما هو دينى ودنيوى وتحترم القانون، إنهم لا يخافون من ممارستنا لطقوسنا الدينية بدليل أنهم لم يرفضوا بناء المساجد، إنهم يرفضون صراخنا بهذه الطقوس وهو صراخ مرضى تعودنا عليه حتى أدمناه فى مجتمعاتنا ولا ينفع أن نجربه هناك، وإلا فما هو تفسير مكبرات الصوت عند الأذان فى عصر معرفة التوقيت من الساعة والموبايل والكمبيوتر والفضائيات إلا على أنه صراخ بالطقوس التى هى فى جوهرها همس ومناجاة للرب الذى يعلم ما تخفى الصدور ويستمع إلى ما فى الحنايا والضمائر ولا يحتاج منا إلى إثبات إيماننا بالصراخ؟! وأيضاً لماذا نصر فى صلاة الجمعة على غلق الشوارع وفرش الحصر والسجاجيد وتحدى كل قوانين المرور حتى أمام عربة الإسعاف التى ستنقذ مريضاً فى هذا الشارع المعزول المأسور من الموت المحدق، إغلاق المكاتب الحكومية وتعطيل الأعمال بحجة صلاة الموظفين، وإصرار رجل مسلم على بناء مئذنة مرتفعة تخرق قوانين البناء السويسرى وبعدها يرفع قضية على بابا نويل! ....إلى آخر هذا الخلط والتداخل ما بين الدينى والدنيوى. لماذا لا يعود المهاجرون المسلمون من بلاد أوروبا التى يحاربون من أجل الوصول إلى ضفافها ولو بقوارب الموت الانتحارية ؟!، لماذا لايعودون إلى نعيم بلادهم وجنة أوطانهم يرفلون فيها ويتمرغون فى ديمقراطيتها وحقوقها الإنسانية بدلاً من الضجيج والصراخ والاعتراض فى بلاد آمنتهم من خوف وأطعمتهم من جوع؟، لماذا لا يسألون السعودية عن منع الكنائس فى بلاد الحجاز بل لماذا يمنعون بناء المساجد للشيعة المسلمين، إخوتهم فى الدين ؟!، لماذا لا يسألون مصر عن معبد البهائيين فى بلد يحرق منازلهم ولا يسمح لهم بالتواجد أو الهوية من أصله؟، ويسألونها أيضاً عن تصاريح إصلاح دورات مياه الكنائس من الرئيس أو المحافظ!، هل حقوق الإنسان حكر على الإنسان المسلم فقط؟، ويا ليتها تقتصر على الإنسان المسلم، فهى تتعدى لتصبح حكراً على المسلم السنى ثم تضيق لتصبح السنى الوهابى... إلخ ! مارس طقوسك ولا تصرخ بها، واجعل من دينك أداة اعتزاز لا أداة ابتزاز.