قال الدكتور طارق عبدالعليم الإستاذ في مركز البحوث الزراعية، إن تغير المناخ يعد أكبر تهديد صحي يواجه البشرية، ويستجيب المتخصصون الصحيون في جميع أنحاء العالم بالفعل للأضرار الصحية التي سوف تسببها هذه الأزمة لا محالة حيث يؤثر تغير المناخ على المحددات الاجتماعية والبيئية للصحة والهواء النظيف ومياه الشرب المأمونة والغذاء الكافي والمأوى الآمن، وتنعكس التغيرات المناخية علي إنتشار الأمراض الوبائية في مختلف مناطق العالم. وحذر الأستاذ في مركز البحوث الزراعية، في تصريحات ل«المصري اليوم»، من إنه لا يوجد أحد في مأمن من هذه المخاطر، وإن الأشخاص الذين تضررت صحتهم أولاً من جراء أزمة المناخ هم الأشخاص الأقل مساهمة في أسبابها، والأقل قدرة على حماية أنفسهم وعائلاتهم منها الأشخاص ذوو الدخل المنخفض والدخل والبلدان والمجتمعات المحرومة بما في ذلك النساء والأطفال والأقليات العرقية والمجتمعات الفقيرة والمهاجرون والمشردون، وكبار السن، وأولئك الذين يعانون من ظروف صحية أساسية. وأضاف «عبدالعليم»، إنه من المتوقع خلال الفترة بين عامي 2030 و 2050، أن يتسبب تغير المناخ في حدوث ما يقرب من 250 ألف حالة وفاة إضافية سنويا، بسبب سوء التغذية والملاريا والإسهال والإجهاد الحراري، موضحًا أن تكاليف الأضرار المباشرة للصحة على مستوى العالم تقدر بما يتراوح بين 2-4 مليار دولار أمريكي سنويًا بحلول عام 2030. وأوضح الإستاذ في مركز البحوث الزراعية إنه من المتوقع أن تكون المناطق ذات البنية التحتية الصحية الضعيفة ومعظمها في البلدان النامية وهي الأقل قدرة على التأقلم دون مساعدة للاستعداد والاستجابة، مشيرًا إلي إنه يمكن أن يؤدي تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من خلال تحسين خيارات النقل والغذاء واستخدام الطاقة إلى تحسين الصحة، لاسيما من خلال تقليل تلوث الهواء. وأشار «عبدالعليم» إلي أنه من المتوقع مضاعفة العبء الحالي للمرض وتفاقم الحواجز القائمة أمام الوصول إلى الخدمات الصحية، حيث ينفق أكثر من 930 مليون شخص حوالي 12٪ من سكان العالم ما لا يقل عن 10٪ من ميزانية أسرهم لدفع تكاليف الرعاية الصحية، نظرًا لأن أفقر الناس غير مؤمن عليهم إلى حد كبير فإن الصدمات والضغوط الصحية تدفع حاليًا حوالي 100 مليون شخص إلى الفقر كل عام، مع تأثيرات تغير المناخ التي تفاقم هذا الاتجاه. ولفت الإستاذ في مركز البحوث الزراعية إلي أن تقارير المنظمة المعنيه بتغير المناخ (IPCC) تشير إلى أنه لتجنب الآثار الصحية الكارثية ومنع ملايين الوفيات المرتبطة بتغير المناخ، يجب على العالم أن يحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية، ومع ذلك فإن التسخين العالمي حتى 1.5 درجة مئوية لا يعتبر آمنًا ؛ كل عُشر إضافي من درجة الاحترار سيؤثر بشكل خطير على حياة الناس وصحتهم. وشدد «عبدالعليم» علي إنه يؤثر التغيير الحميم بالفعل على الصحة بطرق لا تعد ولا تحصى، بما في ذلك عن طريق التسبب في الوفاة والمرض من الأحداث المناخية القاسية المتكررة بشكل متزايد، مثل موجات الحر والعواصف والفيضانات، وتعطل النظم الغذائية، والزيادات في الأمراض الحيوانية المنشأ والغذاء والماء و الأمراض المنقولة بالنواقل، وقضايا الصحة العقلية. وأضاف الأستاذ في مركز البحوث الزراعية إن تغير المناخ يقوض العديد من المحددات الاجتماعية للصحة الجيدة، مثل سبل العيش والمساواة والوصول إلى الرعاية الصحية وهياكل الدعم الاجتماعي على الرغم من أن تأثير تغير المناخ على صحة الإنسان أمر لا لبس فيه، إلا أنه لا يزال من الصعب تقدير حجم وتأثير العديد من المخاطر الصحية الحساسة للمناخ. وأوضح «عبدالعليم» إنه مع ذلك فإن التقدم العلمي يتيح لنا بشكل تدريجي أن نعزو زيادة معدلات الاعتلال والوفيات إلى الاحترار الناجم عن النشاط البشري، وتحديد مخاطر هذه التهديدات الصحية وحجمها بدقة أكبر، مشيرًا إلي إنه على المدى القصير إلى المدى المتوسط، سيتم تحديد الآثار الصحية لتغير المناخ بشكل أساسي من خلال قابلية تأثر السكان، وقدرتهم على التكيف مع المعدل الحالي لتغير المناخ ومدى وسرعة التكيف. وأشار الأستاذ في مركز البحوث الزراعية إلي إنه على المدى الطويل، ستعتمد الآثار بشكل متزايد على مدى اتخاذ الإجراءات التحويلية الآن لتقليل الانبعاثات وتجنب انتهاك عتبات درجات الحرارة الخطرة ونقاط التحول المحتملة التي لا رجعة فيها، مشيرًا إلي أن ظاهرة التغيرات المناخية تنعكس علي حالة الأمراض المنقولة بواسطة الحشرات، والتي تشمل البعوض والقراد والبراغيث يمكن أن تنقل هذه النواقل مسببات الأمراض المعدية، مثل الفيروسات والبكتيريا والأوليات، من الحيوانات إلى البشر تؤدي التغيرات في درجات الحرارة والتساقط الامطار بغزارة والظواهر المتطرفة إلى زيادة النطاق الجغرافي للأمراض التي تنتشر عن طريق النواقل ويمكن أن تؤدي إلى حدوث أمراض في وقت مبكر من العام. وأوضح «عبدالعليم» إن البعوض ينتشر في ظروف مناخية معينة ويمكن أن ينشر أمراضًا مثل فيروس غرب النيل وتؤثر درجات الحرارة الشديدة أو شديدة البرودة أو الساخنة أو الرطبة أو الجافة على موقع وعدد البعوض الذي ينقل فيروس غرب النيل حيث تشير التقديرات إلى إصابة أكثر من ثلاثة ملايين شخص بفيروس غرب النيل في الولاياتالمتحدة من عام 1999 إلى عام 2010.