يعاني قطاع غزة من أزمات متكررة خاصة في ملف إعادة الإعمار، وما لبث القطاع أن يلتقط أنفاسه بعد حرب مايو عام 2021، التي راح ضحيتها عشرات الشهداء ومئات المصابين وكذلك دمار في عدد كبير من المنازل، إلا أن القطاع كان على موعد أخر من تفاقم الأزمة، إثر اندلاع الحرب الأخيرة في 5 أغسطس الماضي بين إسرائيل وحركة «الجهاد الإسلامي». ونقلت وكالة الأنباء الصينية، أن هناك رجل في الخمسين من العمر يدعى أيمن الريفي من مدينة غزة، لم يتمكن من إعادة بناء شقته السكنية التي تم استهدافها خلال جولة التصعيد الأخيرة بين الجيش الإسرائيلي وحركة الجهاد الإسلامي. وفي 5 أغسطس الماضي، أطلق الطيران الحربي لجيش الاحتلال الإسرائيلي عدة صواريخ على برج سكني وسط مدينة غزة، في عملية استباقية ضد الجهاد الإسلامي وأدى الاستهداف إلى مقتل تيسير الجعبري قائد لواء غزة والشمال في الجهاد الإسلامي، وعلى مدار 3 أيام، تبادل الطرفان القصف، حيث شنت إسرائيل العشرات من الهجمات الجوية على مواقع عسكرية ومبان سكنية بدعوى أنها تتبع لحركة الجهاد الإسلامي ونشطائها، فيما أطلق الفلسطينيون صواريخ محلية على المدن والبلدات الإسرائيلية. وأضاف الريفي البالغ من العمر 54 عاما، وهو أب ل 9 أبناء بأن الجعبري كان متواجدا في الطابق السابع من برج فلسطين، في حين أن الجيش الإسرائيلي استهدف شقته أيضا بالصواريخ، وتابع: لقد رأيت الصواريخ بأم عيني وهي تتساقط علينا، قبل أن استوعب ما الذي يجري، سمعت أصوات انفجارات ضخمة بكل مكان حولي، شاهدت نيران ضخمة تحيط بنا من كل مكان، ولقد نجونا (أنا وعائلتي) من الموت بأعجوبة، رغم أننا جميعا أصبنا بشكل مباشر جراء ذلك الاستهداف، مشيرا إلى 4 من أبنائه أصيبوا بإعاقات وتشوهات دائمة، فضلا عن تدمير منزله بالكامل. ويقول أعيش حاليا في بيت صغير مكون من غرفة وصالة واحدة.. أنا وعائلتي المكونة من 19 فردا نعيش في هذا المنزل، معربا عن تخوفه من تأخر عملية الإعمار مما يعني تشرد عائلته لسنوات طويلة، كما حدث مع عشرات العائلات التي فقدت منازلها في الحروب الإسرائيلية السابقة. وقال خليل كانون، أحد سكان برج فلسطين، حيث تضررت شقته ولم تعد صالحة للسكن، متسائلا: ما هو الذنب الذي ارتكبناه كي يتم تشريدنا بهذه الطريقة، أكثر من 500 شخص كانوا يعيشون في هذا البرج المكون من 12 طابقا أصبحوا بلا مأوى الآن«. وطالب كانون المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لتحييد المدنيين خلال فترات النزاع المسلح في غزة، والعمل على تمويل الفلسطينيين من أجل إعادة إعمار منازلهم التي تم تدميرها في الحروب الإسرائيلية، وتسبب التصعيد الإسرائيلي الأخير على القطاع في تدمير 25 وحدة سكنية كليا 80 جزئيا ما جعلها غير صالحة للسكن، وفقا لما أعلنت عنه وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزة. من جانبه وفقا لما نقلت الوكالة، بأن ناجي سرحان، وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية في غزة،، قال إن قطاع غزة يعاني حاليا من غياب المانحين لإعادة إعماره على عكس ما كان الوضع عليه في عام 2014، وأوضح سرحان أن عملية إعادة الإعمار تقتصر على جانب محدد من قطاع الإسكان يتمثل بالوحدات السكنية فقط، فيما لا يوجد أي تعهدات ببناء الأبراج المدمرة في الحرب عام 2021 أو التي بقيت من عامي 2012 و2014. وقدر سرحان تكلفة إعمار مجمل الأضرار خلال الحروب السابقة على قطاع غزة بمبلغ مليار دولار، بينهم مبلغ 230 مليون خاص بقطاع الإسكان، و800 مليون لتعويض المتضررين في القطاعات الاقتصادية والصناعية والزراعية، وأشار إلى أن إحداث تنمية شاملة ونهضة في قطاع غزة، يحتاج إلى مبلغ إضافي يقدر بنحو ملياري دولار أمريكي، وأوضح أن وزارته تمكنت من إعادة إعمار 40% فقط من الأضرار التي لحقت للقطاع في عام 2021، فيما لم تشرع ببناء أي من أضرار التوتر الأخير. وتفرض إسرائيل حصارا مشددا على قطاع غزة، منذ 16 سنة، التي تسيطر عليها حركة «حماس»، فيما شنت 4 عمليات عسكرية واسعة النطاق أخرها في مايو من العام الماضي تسببت في تدمير مئات المنازل السكنية ودمار هائل بالبنية التحتية، وبدوره أكد مدير عام الإعمار بوزارة الأشغال بغزة، محمد عبود، على عدم وجود تمويل لإعادة إعمار أضرار العدوان الأخير على القطاع في أغسطس 2022. ولفت المسؤول الفلسطيني إلى أن وكالة غوث اللاجئين، تقوم بحصر الأضرار، وأوضح أنَّ العدوان الأخير خلَّف أكثر من 1500 وحدة بضرر متوسط أو خفيف، بالإضافة إلى 100 وحدة ما بين دمار كلي أو جزئي غير صالح للسكن، مُضيفًا: «قمنا بحصر الأضرار بشكل نهائي وحالياً نسعى لصرف مساعدات عاجلة حيث بدأنا في صرف بدل إيجار لأصحاب الضرر الكلي أو غير الصالح للسكن». وفيما يتعلق بأضرار عدوان 2021، قال عبود: «يوجد لدينا فجوة مالية واضحة بحوالي 14 مليون في إعادة إعمار 425 وحدة من متضرري تدمير الأبراج السكنية، دون وجود أي تدخل لحل ملفهم، وكذلك لم يتم تعويض 10 آلاف وحدة ذات الأضرار الجزئية من أصل 60 ألف وحدة، بالإضافة إلى الأضرار المتبقية من عدوان 2014». وفى المقابل كان قد شارك العشرات، في وقفة احتجاجية غاضبة أمام وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بمدينة غزة، دعت إليها لجنة متضرري عدوان 2014 واللجنة المشتركة للاجئين والقوى الوطنية والإسلامية، ودعا منسق اللجنة المشتركة للاجئين، وعضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية محمود خلف، وكالة (أونروا) للقيام بدورها المنوط بها في انجاز ملف عدوان 2014 بإعمار منازلهم دون مماطلة أو تسويف، مضيفا أن القطاع على أعتاب السنة التاسعة لعدون 2014، التي قامت به دولة الاحتلال بحرب تدميرية طالت أكثر من 155000 ألف منزل بين هدم كلي وجزئي هذا علاوة على آلاف الشهداء والجرحى وتدمير كبير للبنية التحتية في القطاع«. وأشار خلف إلى أن ملف إعادة الإعمار يتراكم منذ 2014 مروراً ب 2021 وصولاً إلى 2022، حيث هذه الحقوق لا تسقط بالتقادم، ونقل موقع«دنيا الوطن» عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، انتهاءها من إعادة إعمار 8 منازل دُمّرت كليا خلال العدوان الإسرائيلي على غزة العام الماضي، وقال توماس وايت، مدير عمليات الأونروا، في تصريحات له، على هامش جولة أجراها لمنزل أعيد إعماره مجددا في مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين شمالي قطاع غزة، إنه تم إعادة الإعمار بالكامل من أجل تهيئة الحياة للمواطنين. وذكر الموقع، أن قطاع غزة المحاصر يعاني من أوضاع اقتصادية مزرية، والتي تفاقمت بسبب العدوان الإسرائيلي الأخير والذي دام لثلاثة ايام متواصلة، مخلفا دمار في المباني السكنية والمنشآت الاقتصادية مما أدى لخسارة العديد من سكان القطاع لمساكنهم وعملهم، بالإضافة إلى ارتفاع الاسعار وانهيار القدرة الشرائية، مما دفع العديد من الجهات الفلسطينية للمطالبة بفك الحصار عن القطاع واعادة بث الحياة فيه.