شاهدت تجمهرًا من النّاس حول جثة شاب وسط مقلب قمامة في ساعة مبكرة، وقبل أن يخبروها بأنه ابنها لم تصدق عينيها وبادرت إلى ذهنها صورته بلا ملامح والأهالى يحدثونها عن قتله على يد جارهم، «لمّا ابنك قال له هات ال60 ألف جنيه فلوس الجمعية اللى عليك»، عجز عقلها عن تصديق الواقعة. فقد الابن مُصاب جلل، تصرخ والدة محمود ماهر، مُدرس اللغة الإنجليزية، بقرية ذات الكوم بمنشأة القناطر في الجيزة: «لولا إننى شاهدت ندبة في يده داخل المشرحة، لم أكن أصدق أنه ولدى، (محمد)، الجانى غدر به استدرجه وسدّد له 16 طعنة بسكين وشوّه ملامحه تمامًا». يَتّم ابنه الصغير عمره سنتان الأم وهي تحكي عن تفاصيل الواقعة، يحاول الأهالى تخفيف المُصاب عليها بكلمات كلها رثاء: «مفيش منطق يقنعنى إنّي لن أرَ (فلذة كبدى) قدامى يتعاطى تفاصيل الحياة، وكل ما عليّ سوى تذكر الماضى والذكريات».. قالتها السيدة المكلومة قبل أن تضيف: «عايزة حق ابنى، جارنا (محمد)- صاحب سوبر ماركت- غدر به، ويتّم ابنه الصغير اللي عمره سنتين». فقط تسليم المتهم لنفسه، بعد محاصرته من الأهالى، خفف على الأم المكلومة، لكنّها تطالب بالقبض على شريكيه بالجريمة: «لسه هاربين من العدالة، إحنا عاوزين محاكمة عاجلة، نار قلبى مش هتهدأ إلا بإعدامهم زى ما قتلوا ابنى». قبل أشهر عدة، قرر «محمود» مشاركة صاحب السوبر ماركت في جمعية، «كان عاوز يكمل قيمة شراء أرض زراعية، علشان يُأمن مستقبل ابنه الصغير»، شقيق مُدرس اللغة الإنجليزية يكشف: «الفترة الأخيرة زاد الخلاف بينهما، لمّا (محمد) بدأ يماطل أخويا في سداد فلوس الجمعية، ولمّا عجز عن إعطائها له دبّر لإنهاء حياته». هشتكيكم لكبير عيلتكم المُدرس توجه لصاحب السوبر ماركت وتقابل مع أشقائه: «عاوز الفلوس قسط الأرض قرب، وأنا منتظر فلوسى من شهرين، قالوا له: استنى تانى»، يكمل شقيق «محمود»: «أخويا قال لهم: هشتكيكم لكبير عيلتكم.. ليتلقى منهم تهديدًا بالقتل.. وعرفنا بالأمر بعد مقتله من زوجته». ليلة الجريمة، نحو الساعة 12 مساءً، تلقى المُدرس اتصالًا من صاحب السوبر ماركت: «تعال خد فلوسك بالمليم»، وفق شقيق «محمود»: «خده صاحب الجمعية وأخوه وابن عمومتهما لمكان ناءٍ وراح معهم بحسن نية، كتروا عليه وسدّدوا له 16 طعنة بكل أنحاء جسده، وبدلوا له ملابسه في محاولة لإخفاء جريمتهم». اعترافات المتهم: كنت بمر بضائقة مالية ومقدرتش أسدّد فلوس الجمعية لم يبحث أحد من أسرة «محمود» عنه لمدة 24 ساعة، إذ كانت زوجته «في زيارة لأهلها لمدة يومين»، وباقى عائلته يعتادون تأخره في دروس خصوصية، فتلقوا الفاجعة من الأهالى: «هناك جثة وسط كوم زبالة، بيقولوا ده ابنكم»، وهكذا توجه شقيق المجنى عليه لمشرحة زينهم، ويحكى: «من كثرة الطعنات معرفناهوش غير من علامة بإيده». عمة وجدة المجنى عليه من وسط دموعهما كشفتا أن والدة المُدرس مرت من مكان تواجد الجثة و«كانت بتقول إيه اللمة دى كلها، ولم تتخيل إنّ ممكن تكون الجثة لابنها». الأهالى يقولون إنّ «فلاحًا وهو يقلع الزرع فوجئ بوجود جثة وسط الزراعات ملقاة بجانب كوم قمامة، وأبلغ الشرطة، ولمّا ذاع الخبر بالبلدة علمنا أن الجثة ل(محمود)، مُدرس الإنجليزى». في المقابل، غادرت عائلة المتهمين القرية، وسط مشاعر كراهيةً أبداها الأهالى اتجاهم وأدانوا سلوكهم: «دول بتوع مشاكل على طول»، واعترف المتهم المقبوض عليه بارتكاب الجريمة عمدًا مع سبق الإصرار والترصد مبررًا: «كنت بمر بضائقة مالية ومقدرتش أسدّد فلوس الجمعية»، وأمرت النيابة العامة بحبسه احتياطيًا.
