قبل أربعة أيام فحسب من اتخاذ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قرار غزو أوكرانيا، جرت واحدة من آخر المكالمات التليفونية بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الروسي بوتين، وهي المكالمة التي وصفت بأنها حملت الكثير من التوتر وسط تعبيرات الاحترام المتبادلة، على حد ما يظهره الفيلم الوثائقي A President، Europe and the War رئيس وأوروبا والحرب. ففي تصرف غير معتاد على اللحظات التي يتم فيها إجراء المحادثات التليفونية السرية بين رؤساء الدول، صورت لقطات حية لماكرون وفريقه في قصر الإليزيه أثناء إجراء المكالمة، وستتم إذاعة المشاهد ضمن الفيلم الوثائقي «رئيس وأوروبا والحرب» للصحفى جي لاجاش، والذى يدور حول تعامل الرئيس الفرنسي مع الحرب الأوكرانية والمكالمة الأخيرة بين الرئيسين الفرنسي والروسي قبل أربعة أيام من غزو أوكرانيا وهو الفيلم المقرر إذاعته الخميس القادم على قناة .France 2 TV دارت المكالمة صباح يوم 20 فبراير، عندما قام الرئيس الفرنسي بمحاولة غير مثمرة لمنع روسيا من خوض الحرب، واقترح خلالها عقد قمة مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، وهو مالم يجد صدى إيجابيًا أو اهتمامًا لدى بوتين. وسأل ماكرون بوتين بشكل صريح في بداية المحادثة عن قراءته للوضع، وبشكل مباشر تماما قال له بأن يخبره عن نواياه، «بشكل مباشر، كما يفعل كلانا عادة»، وهو ما رد عليه بوتين ب«ماذا أستطيع القول؟ أنت نفسك ترى ما يحدث، فأوكرانيا تمزق اتفاقات مينسك التي قللت من حجم الصراع الذي اندلع في عام 2014». وانتقد بوتين الرئيس الأوكراني الموالي للغرب فولوديمير زيلينسكي واتهم كييف زورا بالسعي لامتلاك سلاح نووي، مضيفا أن زيلينسكي يكذب على ماكرون. وهو ما رد عليه ماكرون: «لا أعلم إذا ما كان مستشارك القانوني قد تعلم القانون، أما بالنسبة لى فأنا أنظر إلى النصوص وأحاول تطبيقها». وجادل بوتين خلال المكالمة بأن مقترحات الانفصاليين في شرق أوكرانيا يجب أن تؤخذ في الاعتبار، وهو ما أثار ماكرون للرد: «لكننا لا نهتم بمقترحات الانفصاليين». وعلى الرغم من التوتر الذي ساد المكالمة، لكن الرئيس الفرنسي حاول تهدئة الأجواء وتحدث عن محاولته، حث زيلينسكى على تهدئة الجميع ليس في القوات المسلحة الأوكرانية فحسب، ولكن على وسائل التواصل الاجتماعي، قائلا لبوتين: «لا تستسلم لأي استفزازات من أي نوع في الساعات والأيام القادمة». بعد هذه المكالمة التي استمرت 9 دقائق أعلن الإليزيه عن قمة مقبلة بين بايدن وبوتين، لكن هذه القمة لم تعقد على الإطلاق. لم تكن هذه المكالمة الأخيرة بين الرئيس الفرنسي ماكرون ونظيره الروسي، ففي اليوم التالي دارت أيضا مكالمة تليفونية وحتى يوم 24 نفسه، لكن لم يتم الإفصاح عن محتواها، ويتعرض الرئيس الفرنسي للانتقادات بسبب تواصله الدائم مع الرئيس الروسي، وحتى عندما سافر إلى كييف مؤخرا لدعم زيلينسكى تعرض أيضا للانتقادات، لأنه لم يذهب هناك في وقت مبكر من ذلك، لكن ماكرون الذي يصر أن الدبلوماسية هي المسار الصحيح للقيام بالأشياء قال لصناع الفيلم «اعتقدت أنه يمكننا، من خلال الثقة والنقاش الفكري، إيجاد طريق مع بوتين».
