كشفت مسودة وثيقة سياسة ملكية الدولة، التي حصلت «المصرى اليوم» على نسخة منها، عن اتجاه الحكومة للتخلص تمامًا من كافة استثماراتها وملكياتها في نحو 79 نشاطًا في القطاعات المختلفة، على رأسها أنشطة الاستزراع السمكى والثروة الحيوانية وقطاع المجازر وقطاع التشييد- عدا مشروعات الإسكان الاجتماعى- وأنشطة إنتاج برامج التليفزيون والأفلام السينمائية، وتجارة التجزئة وصناعات السيارات والأجهزة الكهربائية والأثاث والأسمدة والزجاج. وتضمنت المسودة، التي تنفرد «المصرى اليوم» بنشر بنودها، إبقاء الحكومة على استثماراتها في 45 نشاطًا، مع الاتجاه لتخفيضها والسماح بمشاركة أكبر للقطاع الخاص، من بينها صناعات الأسمنت والحديد والألومنيوم واللحوم والطيور والأعلاف والألبان والسجائر والدخان ومحطات توليد الكهرباء وشبكات النقل والتوزيع ومحطات معالجة مياه الصرف. ووفقًا لمسودة الوثيقة، قررت الدولة الإبقاء على استثماراتها في نحو 27 نشاطا مع الاتجاه لزيادتها مستقبلًا، ويتعلق أغلبها بأنشطة البنية التحتية والقطاعات ذات الأبعاد الاستراتيجية والاجتماعية، مثل التعليم والصحة، مع السماح أيضا بمشاركة القطاع الخاص في بعضها، منها أنشطة تجارة الجملة ومحطات إنتاج مياه الشرب وشبكات توزيع المياه، وإنشاء الأرصفة، والبنية التحتية في النقل البحرى والسكك الحديدية ومترو الأنفاق. وحددت المسودة 3 مستويات لتواجد الدولة في الأنشطة الاقتصادية، الأول التخارج بشكل كامل خلال 3 سنوات، الثانى الإبقاء مع تثبيت وتخفيض الاستثمارات الحكومية مع السماح بمشاركة القطاع الخاص، والثالث الإبقاء مع تثبيت أو زيادة الاستثمارات والسماح بمشاركة القطاع الخاص. وخلت المسودة، التي أرسلت الحكومة نسخة منها لبعض الجهات والمنظمات والهيئات المعنية للاطلاع وإبداء الرأى، من تعريف محدد لمصطلح «ملكية الدولة»، والموقف من أنشطة الجهات السيادية، وآليات التخارج المقترحة، غير أنها تضمنت رؤية الدولة لتشجيع القطاع الخاص، وأهدافها الرامية لرفع معدلات النمو الاقتصادى وحوكمة تواجد الدولة في الأنشطة الاقتصادية، ورؤيتها لمستقبل صندوق مصر السيادى ودوره في تعزيز مشاركة القطاع الخاص، فضلا عن تصوراتها لملامح البيئة التشريعية المواتية للنشاط الاقتصادى، وتحقيق الحياد التنافسى، والمبادئ الحاكمة لتواجد الدولة في الأنشطة الاقتصادية وفقًا لمعايير المنظمات الدولية- منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية- وكذا أطر تكوين شراكات ما بين القطاعين العام والخاص في إطار برنامج زيادة كفاءة الأصول المملوكة للدولة. وأوضحت المسودة أن الوثيقة الحالية تمثل المرحلة الأولى من استراتيجية تحديد ملكية الدولة للأصول التابعة لها، على أن تتبعها مراحل أخرى، وتستهدف الوثيقة رفع معدلات الاستثمار بقيم تتراوح بين 25 و30% بما يسهم في تحقيق معدل نمو اقتصادى يتراوح بين 7 و9%، وتوفير فرص عمل، وتمكين القطاع الخاص من زيادة مساهماته الاقتصادية في الناتج المحلى والاستثمارات المنفذة. واعتمدت الوثيقة في منهجية تحديد الأصول المملوكة، على 6 معايير، من بينها علاقة السلعة بالأمن القومى واحتياجات المواطن اليومية، والصناعات المستقبلية التكنولوجية، وضمان عدم مزاحمة الاستثمارات العامة للاستثمارات الخاصة، ومستوى ربحية الأصول المملوكة للدولة، فضلًا عن التخارج من القطاعات المُشبع سوقها ولا تحتاج لدعم الدولة. وفيما يتعلق بالأنشطة التي تتخارج منها الدولة خلال 3 سنوات، تضمنت: التخارج من 5 أنشطة في قطاع الزراعة مثل: الحبوب عدا القمح، الاستزراع السمكى، الثروة الحيوانية، المحاصيل البستانية، وزراعة الغابات الشجرية، وقطاعات النقل النهرى وإنشاء الموانئ الجافة والبرية عدا المتواجدة في المناطق الحدودية والتى تتجه الدولة لزيادة استثماراتها بها، والتخارج من محطات إنتاج مياه الشرب من محطات تحلية المياه، ومن أنشطة البرمجيات، واستشارات الحاسب، وأنشطة نشر وإنتاج برامج التليفزيون والإنتاج السينمائى، ومن تشييد البنايات- مع استمرار الدولة فى الإسكان الاجتماعى تحت المتوسط- والهندسة المدنية، وأنشطة التشييد المتخصصة، فضلًا عن أنشطة تجارة التجزئة وخدمات الإقامة، وخدمات الغذاء التي تتخارج الدولة فيها من الإدارة فقط وليس الملكية. وقررت الدولة الإبقاء على استثماراتها مع تثبيت أو الاتجاه لتخفيض الاستثمارات الحكومية وزيادة مساهمة القطاع الخاص، في عدد من الأنشطة فى قطاع النقل، مثل تشغيل وصيانة الحاويات، وإدارة وتشغيل وصيانة مترو الأنفاق، وأنشطة التعليم قبل الابتدائى، ونشاط الألبان فى قطاع الزراعة، وفى مجال المياه والصرف، قررت الدولة الاحتفاظ باستثماراتها في أنشطة شبكات تجميع مياه الصرف ومحطات الرفع، ومحطات معالجة مياه الصرف، وجمع ومعالجة وتدوير المخلفات والنفايات، والتعدين واستغلال المحاجر مثل تعدين الفحم، واستخراج البترول والغاز الطبيعى، وتعدين خامات ركازات الفلزات والمعادن، وأنشطة الخدمات المتصلة بالتعدين، وفى قطاع الكهرباء، مثل محطات توليد الكهرباء، وشبكات النقل والتوزيع، وإمدادات الغاز وتكييف الهواء، والأنشطة العقارية مثل الملكية العقارية، والأنشطة المساعدة للوساطة المالية، وفى قطاع الاتصالات تحتفظ الدولة بملكيتها في خدمات الإنترنت والهاتف المحمول، والخدمات البريدية. وعن المستوى الثالث الذي يتضمن الإبقاء مع زيادة الاستثمارات الحكومية والسماح بمشاركة القطاع الخاص، شمل إنشاء الأرصفة والبنية التحتية لكل من النقل البحرى، السكك الحديدية، ومترو الأنفاق، وإدارة وتشغيل وصيانة السكك الحديدية، والنقل الجوى، وقطاع التعليم بدءًا من مرحلة التعليم الابتدائى حتى مرحلة التعليم الثانوى العام والصناعى والزراعى والتجارى، والأنشطة المتعلقة بالتعليم، والقطاع الصحى، وأنشطة العمل الاجتماعى وتجارة الجملة مع الإبقاء على دور الهيئة العامة للسلع التموينية في تدبير السلع الاستراتيجية وتأمين المخزون في البلاد لما له من أهمية قصوى. وسترفع الدولة استثماراتها في عدد من الأنشطة، مثل محطات إنتاج ورفع مياه الشرب من مصادر مياه سطحية، والأنشطة المتعلقة بقناة السويس والمنطقة الاقتصادية للقناة، والسفن العابرة للقناة، وعدد من الأنشطة فى قطاع الوساطة والتأمين، مثل الوساطة المالية، والتأمين وتوفير الاعتمادات لمعاشات التقاعد، وفى مجال المعلومات والاتصالات، مثل خدمات الاتصالات السلكية واللاسلكية، وأنشطة النشر، والبث الإذاعى والتليفزيونى، وأنشطة خدمات المعلومات. وفيما يتعلق بالصناعات التحويلية، اتجهت الدولة للتخارج من أغلب القطاعات الصناعية، وأعلنت التخارج من نحو 63 نشاطا صناعيا في 10 قطاعات صناعية وهى الهندسية والغذائية والجلود والكيماويات والصناعات التحويلية والدوائية ومستحضرات التجميل والمستلزمات الطبية والطباعة والتغليف والمعدنية والنسيجية والأخشاب والأثاث. وكان أبرز الأنشطة التي تتخارج منها الدولة وفقًا للمسودة، صناعات السيارات، معدات النقل، الأجهزة الكهربائية، الحاسبات والمنتجات الإلكترونية، الأجهزة الطبية، صناعات الورق، مواد الطباعة والتغليف والدعاية والإعلانات المطبوعة، صناعات العطور ومستحضرات التجميل، صناعات الأثاث، المنتجات الجلدية ودباغة الجلود، مستلزمات إنتاج الملابس الجاهزة، المفروشات والصياغة والتجهيز والألياف الصناعية، صناعات الزجاج، الأسمدة، الكاوتش والمنظفات الصناعية والمطهرات المسابك والمشغولات الذهبية، سلاسل الوجبات الجاهزة وصناعة ملح الطعام والثلج وصناعة الزيوت، صناعات العصائر والمشروبات ومنتجات الألبان، الخضر والفاكهة المجمدة والطازجة، قطاع المجازر، وطباعة وتجليد الكتب. وعن الصناعات التي تبقى الدولة على استثماراتها مع الاتجاه للتخفيض، تضمنت صناعات الأسمنت والحديد والألومنيوم والنحاس والبطاريات والطوب والطاقة الجديدة وصناعات اللحوم والطيور والأسماك، والأعلاف، والسكر والحلوى والنواشف، السجائر والدخان، صناعات الفحم والأحماض والمركبات الكيمايئية والغازات الصناعية والطبية وحلج ونسج القطن والصوف، والمستلزمات الطبية وتكرير البترول وصناعات الطاقة الجديدة. وتتجه الدولة للإبقاء مع زيادة استثماراتها في قطاعات الصناعات الدوائية وطباعة الصحف والطباعة الرقمية والأوفست وصناعة أشباه الموصلات حال البدء في صناعتها، وصناعة السفن والقوارب. وأكدت مسودة الوثيقة أنه لضمان التنفيذ الناجح لسياسة الملكية، فإنه ستتم مراعاة أن يكون التخارج على مراحل وبشكل تدريجى، مع تحديد منهجية التعامل بعد التخارج لتجنب التداعيات السلبية. وأفردت المسودة الخاصة بوثيقة ملكية الدولة فصلا كاملا، لتحديد دور الصندوق السيادى في تعزيز مشاركة القطاع الخاص، وحيث أكدت قدرة الصندوق على جذب المستثمرين المحليين والأجانب في المشروعات المستهدفة، خاصة مجالات البنية الأساسية بصفة عامة وتعزيز الأصول المملوكة للدولة بصفة خاصة بدون مزاحمة القطاع الخاص. وتطرقت إلى آليات تكوين شراكات عمل ما بين القطاعين العام والخاص، في إطار برنامج زيادة كفاءة الأصول المملوكة للدولة، إذ استهدفت تكوين شراكات في 18 قطاعا لتعزيز فرص استفادة مصر من التحول الرقمى، وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة، وهى الذكاء الاصطناعى وإنترنت الأشياء والطباعة ثلاثية الأبعاد ومنظومة النقل الذكى والسيارات ذاتية القيادة والأمن الرقمى ومستقبل الأمن المائى والغذائى، ونظم الزراعة والرى الذكية، مستقبل الطاقة، وتعزيز قدرات تخزين وتصدير الطاقة، مؤسسات أكاديمية ومراكز تميز فى تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة، وأمن الفضاء الإلكترونى لحوسبة السحابية وتقنيات الاتصالات للجيلين الخامس والسادس والخدمات اللوجستية، وسلاسل التوريد الذكية والتقنيات المالية الحديثة والبيانات الضخمة والطب الجينومى، وأنظمة الرعاية الصحية الذكية والهندسة الحيوية، وتكنولوجيا النانو والأنظمة والصناعات الدفاعية الذكية والمدن الذكية. وبحسب المسودة، فإن التقديرات الدولية، تشير إلى وجود فرص لزيادة مكاسب الاقتصاد المصرى حال تبنى تقنيات الثورة الصناعية الرابعة تقدر بنحو 43 مليار دولار عام 2030، بما يوازى 7.7% من الناتج المحلى الإجمالى. وتعهدت الدولة، في الوثيقة، بتأسيس مجلس أعلى للثورة الصناعية، يضم ممثلين من الوزارات المعنية والاتحادات ومنظمات الأعمال، والعمل على تطوير البيئة التشريعية والتنظيمية وتبنى منظومة من الحوافز الجاذبة للاستثمار المحلى والأجنبى فى تلك القطاعات. وأشارت المسودة، في الفصل الخامس، إلى مبادئ حوكمة الشركات المملوكة للدولة والتى تسترشد فيها بالمبادئ التوجيهية الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، وجاءت أهم الأهداف في جعل الدولة مالكا محترفا، وأن تعمل الشركات المملوكة لها بدرجة كفاءة وشفافية ومساءلة مماثلة لشركات القطاع الخاص التى تتبع ممارسات الحوكمة الرشيدة، مع ضمان عدالة المنافسة مع شركات القطاع الخاص. وتتطرق مجموعة المبادئ التوجيهية إلى 7 جوانب، الأول: مبررات ملكية الدولة للأصول مثل زيادة القيمة لأقصى حد للمجتمع من خلال تخصيص الموارد بشكل فعال وخضوع سياسات الملكية لإجراءات المساءلة السياسية، الثانى: دور الدولة كمالك من توحيد الأشكال القانونية التي تعمل بموجبها الشركات، وضمان الاستقلال الذاتى في الإدارة، وثالثا موقف الشركات المملوكة للدولة فى السوق من خلال الفصل بين وظيفة الدولة كمالك ووظائفها الأخرى التي تؤثر على أوضاع السوق، وتمتع أصحاب المصلحة بمن فيهم الدائنون والمنافسون من المطالبة بحقوقهم من خلال الإجراءات القانونية والتحكيم، وعدم إعفاء الأنشطة المملوكة للدولة التي تمارس أنشطة اقتصادية من القوانين الضريبية واللوائح المتبعة، وتجنب الاستثناءات. وشمل البند الرابع ضمان المعاملة المتكافئة للمساهمين والمستثمرين الآخرين حال كون الشركات المملوكة للدولة مدرجة في البورصة. وأشار البند الخامس إلى وجوب احترام حقوق أصحاب المصلحة التي ينص عليها القانون، والإفصاح عن الضوابط الداخلية والقواعد الأخلاقية لتجنب الاحتيال والفساد وعدم استخدام الشركات المملوكة للدولة كوسيلة لتمويل الأنشطة السياسية. ونص البند السادس على المبادئ المتعلقة بالإفصاح والشفافية. وتضمن البند السابع مسؤوليات مجلس الإدارة في أن يكون له كامل الصلاحيات والكفاءة اللازمة للقيام بمهام عمله. وتناول الفصل السادس الحياد التنافسى والبيئة التشريعية المواتية للنشاط الاقتصادى، والإجراءات المنظمة للأسواق والداعمة للمنافسة، بهدف تشجيع الاستثمار والابتكار، ورفع مستويات الإنتاجية والتوظيف. وتناولت المسودة تعزيز دور جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية في اتخاذ خطوات استباقية للحد من عوائق دخول الأسواق، وتقليل التدخل الحكومى غير الضرورى في الأسواق، حيث لا يتمتع الجهاز في الوقت الحالى بصلاحية إنفاذ قوانين المنافسة على الإجراءات المناهضة للمنافسة التي تصدر عن الدولة، كما لا يملك سلطة فرض عقوبات على تلك السلوكيات. واستعرض الفصل الأخير من مسودة الوثيقة منظومة المتابعة وتقييم أثر سياسة ملكية الدولة للأصول، ومن خلال مؤشرات قياس الأثر يتم وضعها مثل نسبة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلى والاستثمارات والتشغيل، ومؤشرات كفاءة وربحية الأصول المملوكة للدولة.