جامعة قناة السويس تُنظم لقاءات تعريفية لطلاب الآداب طب الأسنان والصيدلة والهندسة    السيسي: وعي الشعب المصري حائط صد أمام محاولات زعزعة استقرار الدولة    دير مارجرجس الرزيقات يعلن مواعيد التخييم واحتفالا بأعياده لعام 2024    تحصيل 1.2 مليار جنيه مستحقات شهر ونصف من سرقات الكهرباء    ضمن مبادرة بداية جديدة.. إطلاق قافلة خدمية شاملة بمدينة النجيلة في مطروح    إيران: لن نرسل مقاتلين لمواجهة إسرائيل في لبنان وغزة    جيش الاحتلال يشن عمليات برية صغيرة داخل الأراضي اللبنانية    جيش الاحتلال: إطلاق 35 صاروخا من لبنان تجاه الجليل الغربي    وول ستريت جورنال تتحدث عن استراتيجية جديدة لإسرائيل في لبنان    من هو جيفرسون كوستا صفقة الزمالك الجديدة؟    شقيقة صلاح تكشف فريقه المفضل في مصر وسر احتفال القوس والسهم    بث مباشر مباراة أهلي جدة والوصل في دوري أبطال آسيا (لحظة بلحظة) | التشكيل    محافظة الدقهلية تعلن تفاصيل إصابة 4 أشخاص إثر انفجار أسطوانة غاز داخل منزل    تفاصيل التحقيق في واقعة التحرش بسودانية في السيدة زينب    «نصبوا عليا وابتزوني».. ننشر نص أقوال مؤمن زكريا في واقعة أعمال السحر بالمقابر    ورش لصناعة الأراجوز ضمن مبادرة «بداية» بالمنيا    إعلام فلسطيني: شهيد في قصف للاحتلال استهدف منزلا في خان يونس جنوب قطاع غزة    كيف يمكن لأمراض القلب الخلقية غير المشخصة أن تسبب مشاكل لدى البالغين    7 أطعمة مفيدة للقلب.. نظام غذائي نباتي صحي    متاحف الثقافة ومسارحها مجانًا الأحد القادم    «كونشيرتو البحر الأحمر» في افتتاح ملتقى «أفلام المحاولة» بقصر السينما    6 أكتوبر.. مؤتمر صحفي للإعلان عن تفاصيل الدورة السابعة لمهرجان نقابة المهن التمثيلية للمسرح المصري    إنشاء قاعدة بيانات موحدة تضم الجمعيات الأهلية بالدقهلية    وزير الإسكان: الأربعاء المقبل.. بدء استقبال التحويلات التكميلية لحجز 1760 وحدة بالمرحلة العاشرة التكميلية ب "بيت الوطن"    الكشف على 351 حالة بقافلة الهلال الأحمر في المنوفية    ننشر التحقيقات مع تشكيل عصابي من 10 أشخاص لسرقة السيارات وتقطيعها بالقاهرة    برلمانية: هل سيتم مراعاة الدعم النقدي بما يتماشى مع زيادة أسعار السلع سنويًا والتضخم؟    1 أكتوبر.. فتح باب التقديم للدورة الخامسة من "جائزة الدولة للمبدع الصغير"    100 يوم صحة.. تقديم 95 مليون خدمة طبية مجانية خلال شهرين    طريقة عمل المسقعة باللحمة المفرومة، لغداء شهي ومفيد    مجلس النواب يبدأ دور الانعقاد الخامس والأخير و 5 ملفات ضمن الاجندة التشريعية    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة غدا الثلاثاء 1 - 10 -2024    جمارك مطار الغردقة الدولي تضبط محاولة تهريب عدد من الهواتف المحمولة وأجهزة التابلت    مصرع شخص دهسته سيارة أثناء عبوره الطريق بمدينة نصر    إيران تعلن رغبتها في تعزيز العلاقات مع روسيا بشكل جدي    كريم رمزي: عمر مرموش قادر على أن يكون الأغلى في تاريخ مصر    احتفالاً بذكرى انتصارات أكتوبر.. فتح جميع المتاحف والمسارح مجانًا للجمهور    فصل نهائي لموظفين بشركات الكهرباء بسبب محاضر السرقات المكررة -تفاصيل    محافظ الشرقية يُناشد المزارعين باستثمار المخلفات الزراعية.. اعرف التفاصيل    وزير الشباب يستعرض ل مدبولي نتائج البعثة المصرية في أولمبياد باريس 2024    أفلام السينما تحقق 833 ألف جنيه أخر ليلة عرض فى السينمات    «أوقاف مطروح» تكرم 200 طفل من حفظة القرآن الكريم في مدينة النجيلة (صور)    محافظ القاهرة يشهد احتفالية مرور 10 أعوام على إنشاء أندية السكان    ناصر منسي: إمام عاشور صديقي.. وأتمنى اللعب مع أفشة    سياسيون: الحوار الوطني يعزز وحدة الصف ومواجهة التحديات الأمنية الإقليمية    جامعة بنها: منح دراسية لخريجي مدارس المتفوقين بالبرامج الجديدة لكلية الهندسة بشبرا    هيئة الاستشعار من البُعد تبحث سُبل التعاون المُشترك مع هيئة فولبرايت    بعد واقعة مؤمن زكريا.. داعية: لا تجعلوا السحر شماعة.. ولا أحد يستطيع معرفة المتسبب فيه    ضبط 1100 كرتونة تمور منتهية الصلاحية بأسواق البحيرة    فريق هاريس يتودد للجمهوريين لكسب تأييدهم للمرشحة الديمقراطية بانتخابات أمريكا    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    «المالية»: إطلاق مبادرات لدعم النشاط الاقتصادي وتيسيرات لتحفيز الاستثمار    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    نائب الأمين العام لحزب الله يعزي المرشد الإيراني برحيل "نصر الله"    أمينة الفتوى: هذا الفعل بين النساء من أكبر الكبائر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 30-9-2024 في محافظة قنا    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    الأهلي يُعلن إصابة محمد هاني بجزع في الرباط الصليبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأنثروبولوجيا والدين
نشر في المصري اليوم يوم 11 - 12 - 2009

أتوق بكل قوتى، من خلال مقالاتى، إلى رفع الحرج - ما استطعت - عن المسلمين.
يسمّيه المتشددون تسيبا وأسميه أنا رحمة! إن المعلوم بالضرورة من الدين قليل جدا، والأشياء التى يكفر المسلمون بعدم اعتناقها أقل. شدّد بنو إسرائيل على أنفسهم، فشدد الله عليهم. يؤسفنى أننا صرنا نحذو حذوهم، فأصبح التضييق دليلا على شدة الإيمان. وكلما هاجمت أو تهكمت أو تعاليت أو أعلنت الرفض أصبحت أكثر إيمانا، غير مبال أن الدين أنزله الله للجميع.
وهناك من يفكر، ولا يستطيع أن يمنع نفسه من التساؤل، أو يرفض معطيات العقل بدعوى أن العقل والإيمان يتعارضان.
وهكذا نفتن هؤلاء فى دينهم بغير مسوغ من العقل والدين.
ومقالى اليوم يهدف إلى رفع الحرج عن المتدين من معطيات علم «الأنثروبولوجيا» الذى يستخدمه البعض بغزارة من أجل فتنة المتدينين. والسبب هو التشابه الكبير بين بعض القصص المذكورة فى الأديان السماوية وبين نقوش الأشوريين والكنعانيين وقدامى المصريين. على سبيل المثال لا الحصر: قصة الخلق والشجرة المحرمة، الحية وغوايتها، قصة الطوفان، وتشابه الثالوث المقدس المسيحى مع الثالوث المصرى (حورس وإيزيس وأوزوريس).
مما دفع سيد القمنى - هداه الله - لأن يقول فى كتابه «الأسطورة والتراث» إنها بضاعتنا ردت إلينا!!، وإذا كان لابد لنا من دين فلنعد إلى بضاعتنا القديمة!
وكان العقاد - رائد الإيمان العقلى - حاسما فى تطور الدين والمعتقد كما تطورت الصنائع والفنون.
فى كتابه «الله» استعرض المعتقدات من عبادة الطوطم والأجرام السماوية، مرورا بمصر القديمة والهند وفارس، وحتى الديانات السماوية الثلاث حيث بلغ ذروة التوحيد فى الإسلام.
وقد عارضه سيد قطب فى الظلال، موضحا فساد هذا الرأى ببديهة أن الإسلام هو دعوة كافة الأنبياء بدءا من آدم عليه السلام وانتهاء بخاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم.
طبعا العقاد لم يأت بنظرية تطور الأديان من عنده، وإنما بناء على اكتشافات أثرية، ونظريات أنثروبولوجية حازت القبول.
ثم جاءت رواية «ظل الأفعى» ليوسف زيدان لتلقى الأضواء حول «الأنثى المقدسة».
يوجد اتفاق بين علماء الأنثروبولوجيا والآثار أن الإنسانية – فى عهد قديم موغل فى القدم - قدست المرأة - طيلة ثلاثين ألف عام - باعتبارها الكائن الغامض السحرى القادر – بالولادة - على استمرار الحياة.
فى ذلك العهد السحيق كان الوثنيون فى الحضارات القديمة (الهند ومصر والعراق والجزيرة العربية وأثينا) يعبدون الآلهة الأنثى: إيزيس وعشتار، وإنانا وأرتميس واللات والعزى، باعتبار الأنثى هى الأصل.
ودلت الاكتشافات الأثرية أن مظاهر الدين كانت مرتبطة بإعلاء الأنوثة، لكن حينما اُكتشفت الزراعة وبدأ الاستيطان والنزاع على الحيازة، تقدم دور الرجل والإله المذكر، وتراجع دور المرأة والربة الأنثى. وتم إعادة صياغة الأسطورة لتعلى من شأن الرجل وتحط من قدر المرأة.
ورأيى الذى أود أن أطرحه هنا- وما أعنيه برفع الحرج- أنه لا تعارض بالضرورة بين تطور الديانة وبين الوحى المقدس: نزل الوحى الإلهى - كاملا تاما - بالتوحيد الناصع على قلوب الأنبياء. لكن الأرض كانت – بدون وسائل اتصال حديثة - شاسعة، والفجوات الزمنية بين الأنبياء واسعة، والعقل البشرى فى طفولته عاجز عن الفهم.
فهناك شعوب لم تصلها دعوة التوحيد فى بعض المراحل، أو وصلتها وانتكست عنها، أو تسربت إليها القصص المقدسة واختلطت بالأسطورة، فكان محتما أن يلجأ الإنسان البدائى فى بعض الأزمنة السحيقة إلى استلهام الطبيعة لمحاولة فهم إشكالية الوجود، وتلمس جواب للسؤال البديهى الأزلى: من خلقنا؟،
فتطورت الديانة – بمعزل عن الوحى السماوى – من عبادة الأرواح والأسلاف والطوطم، والسحر كديانة، إلى الأوثان مؤنثة ومذكرة، ثم إلى توحيد الآلهة – كاجتهاد بشرى - ممثلا فى قرص الشمس: أتون الذى هجر - من أجله - إخناتون «طيبة»، وبنى مدينته «أفق أتون» فى وسط الصعيد.
أما دعوة التوحيد التى نزل بها الروح الأمين بدءا من آدم، وأشرقت بها شمس النبوة المحمدية، فلا مجال فيها للتجربة، ولا موضع فيها للاجتهاد.
فهى تامة كاملة منذ البداية، بحكم أنها اتصال المطلق بالنسبي، ورحمة السماء بالأرض، وحى مقدس من لدن رب العالمين. بعبارة أخرى: كلا الأمرين حدث، مع تأكيد الفارق بين وحى مقدس وتجربة بشرية.
أى ليس بالضرورة أن كل متدين يجب عليه أن يرفض معطيات «الأنثروبولوجيا» فى تطور الدين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.