مقطع فيديو لا يتعدي مدته 40 ثانية، وصور تذكارية له وهو في المستشفي الميداني وقت ثورة 25 يناير، وتقرير من الطب الشرعي يؤكد أن رصاصة في الرأس أنهت حياته، هذا كل ما تبقى لأسرة الشهيد علاء عبد الهادي الطالب بالصف الخامس بكلية طب عين شمس الذي لقي مصرعه وهو يقف في مواجهة قوات الجيش أثناء فض اعتصام مجلس الوزراء فجر الجمعة الماضي. علاء لم يتجاوز الثانية والعشرين من عمره، وعلى الرغم من خبرته القليلة في مجال الطب، كان يقف في المستشفي الميداني يساعد الأطباء في علاج المصابين حتى أنه كتب في خانة العمل على «البروفايل» الخاص به بموقع «فيس بوك»: «عيادة المستشفي الميداني بالتحرير». مساء الخميس الماضي كتب علي صفحته ب«الفيس بوك» «أما أنزل أشوف إيه إللي بيحصل هناك.. استرها معانا يارب»، وهو لا يعرف أن ساعات قليلة تتبقى في عمره. وقف في البداية، حسب أصدقائه، في المواجهة يحاول منع تقدم قوات الجيش إلى المعتصمين المتواجدين في شارع القصر العيني، حتى تراجع مع زيادة أعداد المصابين إلى المستشفي الميداني التي نصبت بالقرب من إحدي «البنزينات» المتواجدة بشارع القصر العيني يعالج المصابين والجرحي، إلى أن هجمت عليهم قوات الجيش قبل صلاة الظهر، وبدأت في الاعتداء عليهم بالضرب، وأصيب ببعض الكدمات، لكنه لم يتراجع أمام ذلك، ومع تقدم المتظاهرين من جديد في شارع القصر العيني عاد إلى الصفوف الأولى، حتى جاءته رصاصة في الرأس أنهت حياته قبل أن يصل إلى مستشفى القصر العيني التى كان يحلم أن ينضم إلى فريقها الطبي بعد تخرجه. داخل مشرحة زينهم تجمع أصدقائه بالكلية، الذين حضروا بصحبة الدكتور ممدوح الكفراوي عميد الكلية، الذي أصر علي حضور عملية التشريح حتي لا يضيع حقه. علي باب المشرحة جلست والدته لا تصدق ما حدث، تحكي عنه وعن تفاصيل حياته لأصدقائه والناشطين الذين حضروا للتضامن، لا تتوقف عن البكاء والصراخ، وهي تؤكد أن السياسة كانت لا تجعله يجلس معها طويلا، حيث كان يشارك في الحياة السياسية بالجامعة واعتصام الطلبة لعزل عمداء الكليات التابعين للنظام المخلوع، ولا يتوقف عن المشاركة في جميع المستشفيات الميدانية التي نصبت خلال الاشتباكات التي وقعت خلال الشهور الماضية، تحكي أنه ابنها الكبير وأن عيد ميلاده كان بعد أيام.. تحكي ولا يتوقف بكاؤها أو دموعها. أصدقاؤه خرجوا في مسيرة، ظهر السبت، من كلية طلب عين شمس حتى وزارة الدفاع، ولكن بعد أن أصدروا بيانا للتضامن معه اختتموه بتوجيه رسالتهم إلى المجلس العسكري: «إذا كنت ارتضيت أن تحمل إدراة شئون هذا البلد فعليك أن تقدم القتله للمحاكمة.. دم علاء لن يبرد وسيظل فائرا حتي تنصب المشانق لقتلته».