أيام قليلة تفصلنا عن العرض الأول لفيلم «The Batman» للمخرج مات ريفز، وهو الفيلم الذى طال انتظاره، حيث تأجل عرضه مرتين بسبب ظروف فيروس (كوفيد- 19)، بالإضافة إلى توقف التصوير بسبب إصابة عدد من العاملين فى الفيلم بفيروس كورونا، ومنهم النجم الإنجليزي روبرت باتينسون، والذي يؤدي لأول مرة دور باتمان بعد أن أجرى المخرج مات ريفز عشرات من تجارب الأداء حتى وقع اختياره على باتينسون. وفور الإعلان عن الموعد النهائي لعرض الفيلم في الرابع من مارس فى أمريكاوإنجلترا، وفى مصر في 3 مارس بدأت بعض دور العرض في فتح باب الحجز للتذاكر الإلكترونية، ومن المتوقع أن تبلغ إيرادات الفيلم في عطلة نهاية الأسبوع الأولى لعرضه ما يزيد عن 80 مليون دولار، ففيلم «The Batman» هو الفيلم الأول الذي يظهر فيه «باتمان» فى بطولة مطلقة منذ فيلم «The Dark Knight Rises» فى عام 2012. في فيلم The Batman يحاول المخرج مات ريفز تقديم نسخته الخاصة من سلسلة الأفلام الشهيرة، اعتمادا على القصص الكلاسيكية التى ظهرت لأول مرة عام 1939، حيث يقدم شخصية باتمان من منظور noir detective story التى ينشغل فيها البطل بتحقيق العدالة لأنه أحد ضحاياها، مع وجود توليفة من العنف والرعب، فشخصية باتمان فى هذا الفيلم ليست مثالية، لكن شرسة وعنيفة وتحاول الوصول إلى اكتشاف حقيقة دورها فى جوثام سيتى. تدور أحداث الفيلم، الذى تصل مدته إلى ساعتين و55 دقيقة، حول ارتكاب ريدلر «رجل الألغاز»، يؤدى دوره بول دانو، عددًا من جرائم القتل للشخصيات السياسية الهامة فى جوثام سيتى، وفى كل مكان جريمة يترك لغزًا يشير إلى ضحيته القادمة والفساد الذى تمثله فى المدينة، فيبدأ باتمان فى مطاردته، ليضع «ريدلر» أمامه عددًا من الإشارات التى تدل على تورط أسرة بروس وين نفسه فى الفساد. يحاول المخرج أيضا فى هذا الفيلم الخروج بالصراع خارج منطقة الأبيض والأسود من خلال شخصية «كات وومان» التى تؤديها زوى كرافيتز، فمن خلال دورها تحاول أن توضح أن الحياة بها مساحة رمادية واسعة ينتمى إليها معظم الناس، فلا يوجد خير أو شر مطلق. قبول أدوار الأبطال الخارقين فى السلاسل الشهيرة التى ارتبط بها الجمهور مخاطرة كبيرة ويعنى أن هذا البطل لن يتعرض لمقارنته بالأبطال السابقين للسلسلة قبل أو وقت عرض الفيلم من النقاد والجمهور فحسب، لكن هذه المقارنة يمكن أن تستمر لعقود، وهو ما جعل النجم الإنجليزى روبرت باتينسون، والذى اشتهر من خلال أدائه لدور مصاص الدماء فى سلسلة تويلايت، يحاول عدم الرجوع لمشاهدة الأفلام السابقة من باتمان أو الحصول على أى نصائح من النجوم السابقين للسلسلة الشهيرة واعتمد بشكل أساسى فى تحضيره للدور على قراءة أغلب أعداد مجلات باتمان القديمة فى محاولة لصنع نسخته الخاصة من الشخصية. وفى لقائه مع المذيع الأمريكى جيمى كيميل قال روبرت باتينسون إنه خلال تصوير المشاهد الأولى عندما ارتدى بدلة باتمان كان يتكلم بنبرة صوت مختلفة، إلا أنه طلب منه التوقف عن ذلك لأن صوته كان «فظيعًا للغاية»، وأضاف «هناك شىء يحدث لك عندما ترتدى بدلة باتمان، تشعر وكأن عليك التحدث بطريقة معينة». كما قال باتينسون، خلال اللقاء، إن النصيحة الوحيدة التى تلقاها عن دوره فى فيلم باتمان كانت من النجم كريستيان بيل، الذى نصحه بأن يبحث مع مصمم الأزياء فى الفيلم عن طريقة ليتمكن بها من دخول دورة المياه بينما يرتدى بدلة باتمان، وهو ما حرص عليه بالفعل، خاصة أن تجربة الأداء التى أداها قبل قبوله للعمل فى الفيلم ارتدى خلالها النسخ القديمة من بدلة باتمان، والتى كان يصعب الحركة بها جدًا، لكن مع زيادة مساحة مشاهد الحركة فى الفيلم الجديد فإن تصميم البدلة أصبح يتمتع بمرونة كبيرة. وتعد شخصية باتمان أو الرجل الوطواط إحدى شخصيات الأبطال الخارقين التى حققت شعبية كبيرة عالميًا منذ ظهرت مجلة Detective Comics وهو ما كان دافعًا لظهورها منفردة فى مجلة خاصة تتناول مغامرات المليونير بروس وين فى شخصية باتمان مع أعدائه المميزين مثل الجوكر، وريدلر «رجل الألغاز»، و«البطريق»، وفى فترة الستينيات ظهر بات مان فى مسلسل تليفزيونى ثم كان أول ظهور لشخصية الرجل الوطواط على شاشة السينما فى فيلم Batman عام 1966، وعلى مدار أكثر من عقدين اقتصر ظهور شخصية بات مان على الحلقات الكرتونية أو القصص المصورة، حتى ظهر فيلم Batman عام 1989 الذى قدمه المخرج تيم بيرتون واعتبر النقاد هذا الفيلم المرحلة الأولى لصعود شخصية باتمان مرة أخرى فى عالم السينما، قدم الفيلم حكاية باتمان الذى لعب دوره مايكل كيتون بالتوازى مع قصة الجوكر التى قدمها جاك نيكلسون، وهو الدور الذى حقق نجاحًا كبيرًا ورشح نيكلسون بسببه لجائزة «جولدن جلوب» كأفضل ممثل فى دور كوميدى، كما أن الأجواء التى رسمها تيم بيرتون لمدينة جوثام سيتى وضعت حجر الأساس لصورة أفلام باتمان وشخصية بروس وين السينمائية، خاصة مع ظهور الجزء الثانى من الفيلم Batman Returns عام 1992، والذى ظهرت فيه شخصية البطريق «دانى ديفيتو» ، وكات وومان التى قدمتها ميشيل فايفر. وفى عام 1995 عرض فيلم Batman Forever للمخرج جويل شوماخر، وبطولة النجم فال كيلمر، كان أبرز ما أثير وقتها عن تأدية فال كيلمر لهذا الدور أنه كان فى جولة فى إفريقيا وقضى نهاره فى أحد كهوف الخفافيش وفى المساء شعر بأنه فى حاجة للاتصال بوكيله والمفاجأة أنه وجده يبحث عنه منذ أسبوع لأنه مرشح لبطولة فيلم باتمان، فيلم شوماخر كان أقل فنيًا مما قدمه تيم بيرتون ووصف بأنه «خفيف» وحتى الشخصيات الشريرة فى الفيلم والتى قدمها جيم كارى وتومى لى جونز كانت بمثابة تراجع لأداء ال villains فى أفلام تيم بيرتون، والذى يحمل داخله جانبًا مظلمًا وإنسانيًا، وفى عام 1997 حصل شوماخر على فرصة ثانية لتقديم فيلم Batman and Robin لكن تم استبدال فال كيلمر بجورج كلونى ورغم وجود أرنولد شوارلزنجر وأوما ثورمان لكن الفيلم لم يحظ بأى نجاح، بل كان بمثابة نهاية أفلام باتمان فى القرن الماضى. مع السنوات الأولى من الألفية عادت موجة أفلام السوبر هيرو، مثل سلسلة X-Men، وفكرت شركة وارنر برازرز فى إعادة شخصية باتمان للسينما مرة أخرى، وهذه المرة من خلال المخرج كريستوفر نولان والذى يمكن أن نقول إنه من خلال ثلاثية أفلام بات مان التى قدمها خلق عالمًا مختلفًا ومميزًا لهذه الشخصية ولمدينة جوثام سيتى. ومن خلال مئات من اختبارات الأداء وقع الاختيار على كريستيان بيل لأداء شخصية بروس وين «باتمان» وجارى أولدمان «جيم جوردن»، مايكل كين وليام نيسون، وفى فيلم Batman Begins 2005 أعاد نولان تقديم قصة بروس وين وكيف تحول إلى باتمان بعد وفاة والديه وعلاقته بهنرى دوكارد ورأس الغول الذى ارتبط بهما قبل أن يتحولا إلى أعداء. وفى عام 2008 قدم كريستوفر نولان أيقونة أفلام بات مان The Dark Knight، الفيلم الذى تجاوز كل التوقعات ليصبح ليس فقط الحصان الرابح لأفلام تلك السنة لكن يعد واحدًا من أفضل الأفلام فى تاريخ السينما، وظل هذا الفيلم حتى اليوم مرتبطًا بموت الممثل الأسترالى هيث ليدجر، الذى أدى دور الجوكر فى الفيلم، وحصل على جائزة الأوسكار بعد وفاته نتيجة جرعة زائدة من مضادات الاكتئاب، لقد أشفق الجميع على ليدجر وقتها من مقارنة أدائه بما قدمه جاك نيكلسون عام 1989، لكن المفاجأة أن لدجر قدم واحدًا من أفضل أدوار الشر على شاشة السينما، ويقال إن اندماجه بشكل كبير مع الشخصية بجانب الأرق كان أحد أسباب تناوله مضادات الاكتئاب التى توفى بسببها، وفى عام 2012 قدم نولان The Dark Knight Rises والذى كان بمثابة استكمال للثلاثية وعودة باتمان فى مهمة أخيرة لإنقاذ جوثام سيتى. فى عام 2013 كانت المفاجأة حينما تم اختار المخرج زاك سنايدر بن أفليك للقيام بدور باتمان فى فيلم Batman v Superman: Dawn of Justice، والذى يجمع بين البطلين الخارقين سوبر مان وبات مان وهو الفيلم الذى تقرر عرضه فى 2016 وشارك فيه هنرى كافيل، وجال جادوت، وإيمى آدامز، وعرض الفيلم لموجة من الهجوم من جانب النقاد بسبب عدم اتساق بنائه الدرامى، إلا أنه حقق نجاحًا جماهيريًا جعل بن أفليك يصرح بأنهم كفنانين «يقدمون أفلامًا للجمهور وليس للنقاد»، وفى عام 2017 عرض فيلم Justice League الذى جمع عددًا من الأبطال الخارقين مثل وندر وومان، وفلاش، واكوا مان بجانب بات مان الذى أدى دوره أيضًا بين أفليك. فيلم The Batman بلغت ميزانيته 100 مليون دولار، وصورت مشاهده فى إنجلترا وشارك فى بطولته ويل فاريل، وجيفرى رايت، وآندى سيركيس.