قبيل اعتقال عدد من الوزراء والمسؤولين المدنيين فى السودان، من بينهم رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، وإعلان رئيس المجلس السيادى الفريق أول عبدالفتاح البرهان حل مجلسى السيادة والوزراء، وفرض حالة الطوارئ فى البلاد، وتعليق العمل بمواد من الوثيقة الدستورية، كان مجلس السيادة، على لسان النائب الأول لرئيسه محمد حمدان دقلو، المعروف ب«حميدتى»، يؤكد دعم عملية الانتقال الديمقراطية، وصولًا للانتخابات العامة فى البلاد. وفى عام 2019، رُقى الفريق «حميدتى» إلى رتبة فريق أول، وتم تعيينه نائبًا لرئيس المجلس العسكرى الانتقالى الذى ترأسه البرهان، فى أعقاب عزل الرئيس السودانى السابق عمر البشير فى 11 إبريل 2019، وذلك بعد إعلان «حميدتى» رفضه المشاركة فى المجلس، «إلى حين الاستجابة لمتطلبات الشعب». وفى 20 أغسطس 2019، تم تشكيل المجلس السيادى لقيادة المرحلة الانتقالية لمدة 39 شهرًا، والذى تكون من 11 عضوًا، بينهم 6 مدنيين و5 عسكريين، وأصبح «حميدتى» النائب الأول لرئيس المجلس الذى ترأسه البرهان. وبدا مسار صعود «حميدتى» إلى المشهد السياسى فى السودان غريبًا، كونه جاء من خارج المؤسسة العسكرية والأحزاب السياسية، ولكنه أحد كبار المسؤولين الذين ساهموا فى عزل البشير، رغم أن قربه من البشير أضفى الشرعية على الميليشيا القبلية التى كان يقودها، ودمجها فى المؤسسة العسكرية تحت اسم «قوات الدعم السريع»، وينحدر «حميدتى» من قبيلة الرزيقات ذات الأصول العربية بدارفور، وترك الدراسة مبكرًا، وعندما كان فى العشرينيات من عمره عمل فى تجارة الإبل، وحماية القوافل التجارية من قطاع الطرق، وجنى «حميدتى» ثروة كبيرة من نشاطه مما مكنه من تشكيل ميليشيا قبلية خاصة به تنافست مع ميليشيات قبلية أخرى، وعند اكتشاف الذهب فى جبل عامر سيطرت ميليشياته على مناجمه. وعندما حشدت حكومة البشير قوات من الرعاة العرب لمحاربة متمردى دارفور، وكانت نواة هذه القوات، التى عُرفت لاحقًا باسم «الجنجاويد» مؤلفة من رعاة إبل من عشيرتى المحاميد والماهرية، من قبائل الرزيقات شمال دارفور. وخلال حرب دارفور بين 2003- 2005، كان قائد الجنجاويد الأكثر شهرة هو موسى هلال، زعيم عشيرة المحاميد. وبرز «حميدتى» الذى كان يعمل مع هلال، عندما تمكن من توسيع الميليشيا التى يقودها من الماهرية وضم إليها قبائل أخرى، لينافس زعيمه السابق هلال وليستعين به البشير لاحقًا إثر خلاف مع هلال. وأضفى البشير الشرعية على هذه الميليشيا بتسميتها «قوات الدعم السريع» عام 2013، وكانت تتكون من 5 آلاف عنصر، وأصبحت قوات الدعم السريع مسؤولة أمام البشير، وأعطى البشير ل«دجلو» لقب «حمايتى»، بمعنى «الذى يحمينى»، فشاركت تلك القوات فى عدة نزاعات إقليمية وشاركت فى القتال ضد الحوثيين فى اليمن، وفى ليبيا، وتشير تقارير إلى أن عدد تلك القوات بلغ 40 ألفًا عام 2019، وسيطرت قوات الدعم السريع على معسكرات قوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الإفريقى التى انسحبت من دارفور. ويتمثل الدور الذى سيلعبه «حميدتى» فى الساحة السياسية أن تشارك قواته بقوة مع الجيش والشرطة السودانية فى تأمين العاصمة الخرطوم والولايات التى تشهد احتجاجات، مما يُعزز دور «حميدتى» على الساحة السودانية فى ظل حالة الطوارئ التى فرضها البرهان.
