فى هذا اليوم الذى استقلت فيه الولاياتالمتحدةالأمريكية عن بريطانيا العظمى عام 1776. مبروك وألف مبروك، نقولها فقط لهؤلاء فى أمريكا - وهم كثر - الذين يؤمنون حقاً بقيم الديمقراطية والحرية والعدالة. وبنفس الروح نقول لتلك القلة فى واشنطن التى تجر الشعب الأمريكى من أنفه وتكيل بمكيالين وتتشدق بتلك القيم النبيلة زيفاً ونفاقاً وبهتاناً لتحقيق أجندة لم تعد تخفى على أحد: «ياللا حالاً بالاً حيّوا أبوالفساد». لا نريد أن نكدر على الشعب الأمريكى المظلوم احتفالات الباربكيو والألعاب النارية، فهو فعلاً مظلوم بأكثر مما يتصور كثيرون فى بلادنا. نريد فقط أن نتحدث عن الرابع من يوليو، ولكن عن ذلك الرابع من يوليو الذى وقع عام 2001 ولم يلتفت إليه أحد. فى ذلك اليوم، دخل إلى أمريكا (أو بالأحرى، عاد إلى أمريكا) المواطن السعودى، خالد المحضار، الذى كان يمثل - مع مواطنه نواف الحازمى - رأس الحربة لما وقع بعد ذلك فى الحادى عشر من سبتمبر. عند تلك النقطة من الزمن كان قد توفر لواشنطن من معلومات دقيقة موثوق بها ما لم يتوفر لأى دولة فى أى حقبة من التاريخ تجعلها تقيم الدنيا ولا تقعدها، وهو ما لا يتسع المقام هنا لسرد أنملة منه. ما نريد أن نركز عليه هو أن حل لغز 11 سبتمبر يبدأ بحل لغز المحضار، ففى أعقاب انفجار السفارة الأمريكية فى نيروبى عام 1998 اعترف أحد المقبوض عليهم برقم هاتف اتضح بعد ذلك أنه يقع فى منزل أهل زوجة المحضار اليمنية فى صنعاء. وضع الهاتف تحت المراقبة، مما أدى إلى معرفة تفاصيل «اجتماع قمة» للقيادات الميدانية لتنظيم القاعدة فى كوالالمبور فى يناير عام 2000، قامت المخابرات الماليزية بالتنصت عليه لحساب الأمريكان، كما قامت بتقديم صور للمحضار والحازمى وخالد شيخ ورمزى بن الشيبة وغيرهم. من كوالالمبور طار المحضار والحازمى باسميهما الحقيقيين بتأشيرتين صالحتين داخل جوازى سفر حقيقيين إلى كاليفورنيا تحت أعين عملاء «سى آى إيه». وفى سان دييجو استأجرا غرفة فى منزل يملكه ويعيش فيه مخبر لمكتب التحقيقات الفيدرالى. وإذا أتيح لك، كما أتيح لى، أن تطلع على دليل الهاتف لذلك العام لوجدت اسم الحازمى وعنوان المنزل ورقم الهاتف. بعد قليل، ستبوء محاولاتهما لتعلم الطيران بالفشل وسيعود المحضار لرؤية مولودته فى صنعاء، وسيسعف القدر القاعدة بمحمد عطا وسيتحول عالم مدير «سى آى إيه» - باعترافه - إلى عالم «أحمر» من كثرة الدلائل والإنذارات، وسينتقل الحازمى إلى العيش فيما يمكن تسميته «عش العصافير» فى نيوجيرسى مع هانى حنجور (المراقب منذ إقامته فى أريزونا) ونصف دستة من «الرجال العضلات»، وسيعود المحضار باسمه الحقيقى بتأشيرة جديدة استخرجها فى جدة بجواز سفره نفسه وقد تبوأ دوره الجديد كأحد أعضاء «مجلس شورى» عملية الطائرات، متى؟ فى الرابع من يوليو، يوم ترتفع إجراءات الأمن إلى أقصى درجاتها. لا يتعلق السؤال بما إذا كانت القاعدة حقاً وراء الحادى عشر من سبتمبر، فليس لدينا شك فى ذلك، لكن السؤال الأهم: ماذا فعل الأمريكيون (أو لم يفعلوا) وهم يتابعون مسلسل الإعداد لعملية كانوا يعلمون أنها ستودى بحياة أمريكيين - الكثير منهم؟ وكيف سمح الشعب الأمريكى لنفسه بعد ذلك بأن يقبل نتيجة تحقيق لجنة الحادى عشر من سبتمبر التى لخصت أسباب ما حدث فى «فشل الخيال»؟ بعبارة أخرى: «إحنا غلابة أبرياء والأشرار دول خدعونا عشان ما حدش كان يقدر يتخيل إنهم ممكن يسرقوا طيارات ويدخلوا بيها فى مبانى»! فى هذا اليوم الذى ينتمى للشعب الأمريكى الحقيقى، علينا أن نتذكر أن نظاماً راغباً فى (وقادراً على) خداع شعبه هو نظام فاجر لا يمكن أن نتوقع منه أن ينتصر لشعب آخر باسم قيم الديمقراطية والحرية والعدالة التى أسست لظهور واحدة من أعظم الدول فى التاريخ.