تسعى مصر بكل جهد لتوطين صناعة اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، وذلك جنبًا الى جنب مع توفير الاعتمادات المالية لجلب أكبر قدر ممكن من اللقاحات من مصادرها المتنوعة، وذلك لحماية المواطنين ورفع القدرة المناعية لمجابهة الفيروس وعدم توقف الأنشطة الاقتصادية، وأيضًا للتصدى لأية أزمات طارئة وعدم تكرار تجربة الهند التى وقفت عاجزة رغم قدرتها الكبيرة عن تصنيع اللقاحات وقت انتشار الفيروس حين لم تصلها بعض المكونات من الولاياتالمتحدةالأمريكية. وخلال الأيام المقبلة من المنتظر أن تقوم مصر بتصنيع لقاح «سينوفاك» الصينى، فيما تقوم وزارة الصحة بالتنسيق مع مختلف المسؤولين المعنيين، سعيًا لتصنيع لقاح «أسترازينيكا»، بمصانع «فاكسيرا» بمدينة 6 أكتوبر، ووفقًا لتصريحات رئيس الحكومة فإنه من المتوقع إنتاج 40 مليون جرعة من لقاح كورونا المُصنع محليًّا فى مصر خلال العام الحالى. كانت الحكومة المصرية قد وقعت اتفاقيتين بين الشركة القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات (فاكسيرا)، وشركة سينوفاك الصينية للمستحضرات الحيوية، فى إطار السعى نحو تحقيق التعاون الفنى فى هذا المجال الحيوى، عبر الاستفادة من اللقاح الذى طورته شركة سينوفاك الصينية، الرائدة فى البحث والتطوير والإنتاج والتسويق فى مجال المستحضرات الصيدلانية الحيوية، من أجل الوقاية من فيروس كورونا، وتبادل الخبرات لدعم إمكانات شركة فاكسيرا المختصة بتصنيع الأمصال واللقاحات فى مصر، بما يساهم فى الحد من انتشار هذا الفيروس. وتختص الاتفاقية الأولى بتكنولوجيا التصنيع للقاح كورونا، حيث تمنح شركة سينوفاك الصينية بموجبها، لشركة فاكسيرا ترخيصًا محدودًا لاستخدام تكنولوجيا التصنيع، والمعرفة الفنية، بغرض تصنيع المنتج النهائى المحلى للقاح، فى أماكن التصنيع الخاصة بشركة فاكسيرا داخل مصر، على النحو المحدد فى اتفاقية التصنيع المحلية، باستخدام المنتج الجاهز المقدم من شركة سينوفاك الصينية. كما نصت هذه الاتفاقية على أن تقدم شركة سينوفاك الصينية لشركة فاكسيرا، كافة المعلومات التقنية، المتعلقة باللقاح، وتقديم المساعدة الفنية، بما فى ذلك فحص أماكن التصنيع الخاصة بشركة فاكسيرا، وتصنيع المنتج النهائى المحلى باستخدام المنتج الجاهز الذى توفره شركة سينوفاك، إلى جانب اختبار المنتج النهائى المحلى، وطرق التصنيع والعمليات التقنية المستخدمة، وكذا المعدات أو الأدوات أو الآلات والإصلاح وصيانة مرافق التصنيع الخاصة بفاكسيرا، فضلًا عن إدارة ومراقبة الجودة. وهنا يؤكد الدكتور إسلام عنان، أستاذ اقتصادات الصحة وعلم انتشار الأوبئة، أن الحل الأسرع والأسهل للانتهاء من الجائحة هو توطين صناعة اللقاحات، طالما أن بعض الدول تُخزن اللقاح لمدة زمنية تصل لثلاث سنوات، وبالتالى لابد من وجود قانون ينظم مسألة تصنيع اللقاحات محليًّا حتى لو حدث نقل للتكنولوجيا الطبية، وحتى لا يكون إنتاج بعض الشركات محجوزًا لبلدان بعينها. وقال عنان ل«صحتك بالدنيا» إن المشكلة ليست فقط فى قلة الإنتاج بل المشكلة فى تخزينه، على سبيل المثال اللقاحات المنتجة التى تم تخزينها فى أمريكا وكندا وأستراليا، لو وُزعت بطريقة عادلة كان من المتوقع الانتهاء من الجائحة بنهاية 2021، ولكن بسبب الأنانية والتخزين المفرط من بعض الدول الكبرى فلن ننتهى من الجائحة قبل 2022. وأضاف عنان: «لابد أن يعلم العالم أننا فى سباق مع الزمن لأن اللقاحات خلال 12 شهرًا ستنتهى صلاحيتها، وبالتالى حال انتهاء تلك المدة دون التوزيع العادل سنضطر لإعادة الدائرة من جديد، ومن ثم فإن توطين صناعة اللقاحات هو السبيل الوحيد فى ظل التأخير فى الجداول الزمنية المحددة من منظمة الصحة العالمية لتسليم اللقاحات لبعض البلدان بموجب اتفاقية كوفاكس». لم تقف مصر عند الاتفاقية الأولى، وإنما أعقبتها بثانية نصت على منح شركة سينوفاك الصينية تصريحًا لشركة فاكسيرا، بإعادة التعبئة، وتصنيع المنتج النهائى المحلى للقاح، فى المنشآت الخاصة بشركة فاكسيرا، مع حصول الشركة على الموافقات التنظيمية، وتكنولوجيا التصنيع والمعرفة الفنية، لاستخدام المنتج الجاهز للتعبئة الذى توفره شركة سينوفاك، من جانب شركة فاكسيرا. وفيما يتعلق بالموقف الحالى لتعاقد وتوريد لقاحات فيروس كورونا، ومنها لقاحات «سينوفارم»، و«أسترازينيكا»، و«سينوفاك»، فإنه من المنتظر وصول 500 ألف جرعة من لقاح «سينوفارم» الصينى خلال الأيام القليلة المقبلة، ليصبح إجمالى ما وصل من هذا اللقاح 2 مليون و580 ألفًا و400 جرعة، كما يتوقع وصول 1.9 مليون جرعة من لقاح «أسترازينيكا» من خلال «كوفاكس» خلال الأسبوع الأول من شهر يونيو المقبل، وبذلك يصل إجمالى المتوافر من هذا اللقاح 5 ملايين و253 ألفًا و600 جرعة، ومن المتوقع وصول المادة الخام اللازمة لتصنيع 2 مليون جرعة من هذا اللقاح «محلى الصنع»، والتى بدأ شحنها، والمنتظر وصولها قريبًا. وقال الدكتور أمجد الحداد، مدير مركز الحساسية والمناعة بالمصل واللقاح واستشارى الحساسية والمناعة: تصنيع وتوطين صناعة لقاحات كورونا أمر هام جدا، نظرا للمعاناة الكبيرة فى تأخر وصول الشحنات الخاصة باللقاحات، ويمكن القول إن صناعة اللقاحات محليًا بمثابة أمن قومى صحى، بالإضافة إلى العائد الاقتصادى منها لأننا سنصدّر لإفريقيا، كما أنها تمكننا من كسر احتكار دول العالم الكبرى للقاحات، لأن الدواء حاليا يعتبر أهم من السلاح، خاصة ونحن نواجه وباءً يأكل الجميع. وتابع: الدول الكبرى حاليا تهتم بتحقيق الاكتفاء الذاتى من اللقاح وتحصين جميع مواطنيها، ثم تبدأ بعد ذلك فى التصدير للدول الأخرى، وهنا يحضرنا النموذج البريطانى، وعلى النقيض منه تماما النموذج الهندى الذى شهد تحور الفيروس، لأنه لم يقم بتطعيم المواطنين، وبالتالى فإن توفير الاحتياجات من اللقاحات وتصديرها بعد ذلك خطوة جيدة، لأن كورونا فيروس سنوى متعايش معنا، ويحتاج تطعيما كل سنة مثل فيروس الأنفلونزا، ومِن ثَم وجود لقاح يُصنّع داخل مصر أمر مهم حتى نصل إلى المستهدف تطعيمهم بنسبة 60% - 70% من المواطنين.