أبرم ولى العهد السعودى محمد بن سلمان، الذى عانق أمير قطر تميم بن حمد، أمس الأول، اتفاقا لإنهاء خلاف مرير مع الدوحة، خلال قمة لدول الخليج العربية، فى محاولة لتعزيز جبهة مناهضة لإيران، رغم أن الإعلان الختامى لم يتضمن سوى تعهد عام بالتضامن. ولم تكشف أى من الدول المشاركة عن كيفية انتهاء الأزمة القطرية ولا مضمون الاتفاق، الذى لم يتم الإعلان عنه بشكل رسمى حتى الآن، الأمر الذى أثار التساؤل الأكبر: وماذا بعد؟. وقال وزير الخارجية السعودى، فيصل بن فرحان آل سعود، فى مؤتمر صحفى، إن الرياض وحلفاءها العرب اتفقوا على إعادة العلاقات مع الدوحة لإنهاء المقاطعة التى فُرضت فى منتصف عام 2017، فى اتفاق تدعمه واشنطن، لكن مسؤولا إماراتيا أشار إلى أن الأمر سيستغرق وقتا. ورغم أن البيان الختامى لم يتضمن أى تأكيد مفصل لاتفاق، فإن الانفراجة الواضحة قدمت بصيصا من الأمل فى رأب الصدع بين حلفاء رئيسيين للولايات المتحدة، قبل أسبوعين من تولى الرئيس المنتخب جو بايدن منصبه، وفى وقت يشهد توترا إقليميا مع إيران. وقال وزير الخارجية السعودى إن هناك إرادة سياسية وحسن نية لضمان تنفيذ الاتفاق، وقال إن الإماراتوالبحرين ومصر وافقت جميعا على إعادة العلاقات مع الدوحة. وقال نظيره القطرى محمد بن عبد الرحمن آل ثان، على تويتر: «تنطوى اليوم صفحة الخلاف بروح من المسؤولية والسعى لفتح صفحة جديدة ترسخ معانى التضامن والتعاون لما فيه خير الشعوب الخليجية ولمواجهة التحديات التى تتعرض لها المنطقة». لكن وزير الدولة الإماراتى للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، تحدث بتفاؤل مشوب بالحذر، فى تصريحات لقناة العربية التليفزيونية، قال فيها: «يجب أن نكون واقعيين من حيث أن هناك حاجة لإعادة الثقة وإعادة اللحمة». وقال لقناة سكاى نيوز عربية، فى وقت لاحق، إن هناك جدولا زمنيا لإنهاء النزاع، لكنه لم يذكر تفاصيل. وقال قرقاش، خلال مقابلة مع شبكة «سى إن إن»، الأمريكية، إن الإمارات «وضعت ثقتها فى السعودية لقيادة العملية التفاوضية»، معتبرا أن «المطالب ال13 كانت تعبر عن الحد الأقصى للموقف التفاوضى». وكانت دول التحالف الرباعى قد حددت 13 مطلبا للدوحة، منها إغلاق قناة الجزيرة، وإغلاق قاعدة تركية، وقطع العلاقات مع جماعة الإخوان، وخفض مستوى العلاقات مع إيران. وقال قرقاش: «وجهة نظرى، وقلنا ذلك دائما، إن المطالب ال13 فى ذلك الوقت كانت تعبر عن الحد الأقصى للموقف التفاوضى، أعتقد أن ما وصلنا إليه اليوم هو الخطوط العريضة العامة التى تحكم بشكل أساسى العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجى، وفى حالة مصر أيضا، وهى عضو فى جامعة الدول العربية». وأضاف: «لذا هذه كانت ما يمكن تسميته الخطوط العريضة العامة لكيفية تقدم هذه العلاقة، وأعتقد أننا راضون جدا عن هذا ونريد البناء عليه ونريد أن ننظر إلى المستقبل للبناء عليه، والتأكد من أن دول مجلس التعاون الخليجى فى هذه المنطقة المضطربة للغاية هى أكثر صلابة وتوحيدا وتتطلع للمستقبل بانسجام تام». جاء الاتفاق بعد جهود وساطة من جانب الولاياتالمتحدةوالكويت، وقال مسؤول أمريكى إن قطر ستعلق القضايا القانونية المتعلقة بالمقاطعة. وقبيل التجمع فى مدينة العلا التاريخية، والذى حضره أيضا مستشار البيت الأبيض جاريد كوشنر، أعلنت الكويت أن السعودية ستعيد فتح مجالها الجوى وحدودها أمام قطر. وكتب أمير قطر، على تويتر، فى وقت لاحق، إن القمة التى ضمت مصر كانت «لحظة فارقة» للتكتل الخليجى. وقال الأمير محمد بن سلمان، الذى ترأس الاجتماع القصير بدلا من والده الملك سلمان، إن اتفاق العلا يؤكد «على التضامن والاستقرار الخليجى والعربى والإسلامى». كما دعا المجتمع الدولى إلى اتخاذ إجراءات جادة للتصدى للتهديد الذى قال إن برامج إيران النووية والصاروخية تمثله، وكذلك ما وصفها بخططها التخريبية والتدميرية. وقطعت السعودية والإماراتوالبحرين ومصر العلاقات الدبلوماسية والتجارية وروابط السفر مع قطر، متهمة الدوحة بدعم الإرهاب والتقرب من عدوتها إيران. ونفت قطر تلك الاتهامات وقالت إن المقاطعة تهدف إلى النيل من سيادتها. وفى منشور على تويتر، هنأ وزير الخارجية الإيرانى محمد جواد ظريف قطر على «نجاح مقاومتها الشجاعة للضغوط والابتزاز». ورحبت الولاياتالمتحدةالأمريكية باستعادة التعاون فى المبادرات العسكرية والاقتصادية والصحية والثقافية ومكافحة الفساد بين دول مجلس التعاون الخليجى. وقال وزير الخارجية الأمريكى، مايك بومبيو، فى بيان: «لطالما شددنا على أن الخليج الموحد حقًا سيحقق مزيدًا من الازدهار من خلال التدفق الحر للسلع والخدمات والمزيد من الأمن لشعبه». وأضاف: «نرحب بالتعهد اليوم باستعادة التعاون فى المبادرات العسكرية والاقتصادية والصحية والثقافية، ونأمل أن تستمر دول الخليج فى تسوية خلافاتها». وتابع: «إن استعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة أمر حتمى لجميع الأطراف فى المنطقة لكى تتحد ضد التهديدات المشتركة». ورحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش ببيان العُلا، معربا عن تقديره «لمن عملوا بلا هوادة، فى المنطقة وخارجها، ومنهم أمير دولة الكويت الراحل وسلطان عُمان الراحل، من أجل رأب الصدع فى منطقة الخليج». من جانبه، قال عماد الدين بادى، وهو باحث غير مقيم فى المجلس الأطلسى: «يبدو أن هذه (الصفقة) مدفوعة بالرغبة فى استباق الضغوط من جانب إدارة الرئس الأمريكى المنتخب جو بايدن القادمة، أكثر من كونها التزاما حقيقيا بحل النزاع». وجميع تلك الدول حليفة للولايات المتحدة، حيث تستضيف قطر أكبر قاعدة عسكرية أمريكية فى المنطقة، فى حين أن البحرين مقر الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية، وتستضيف السعودية والإمارات أيضا قوات أمريكية.