منذ فترة كبيرة توقفت عن كتابة المقالات و اكتفيت فقط ببعض التعليقات على صفحات الفيسبوك شاجباً و ساخراً و أحياناً مستفهماً عن كل ما يحدث حولنا فى هذه الفوضى السياسية , و يوم بعد يوم تضائلت رغبتى فى الكتابة و ابتدأ يموت السياسى فى داخلى بعد كل ما رأيته و أراه من احباطات قائمة و قادمة على أرض الواقع , إلى أن مررت بثلاثة مواقف فى فترة قصيرة أولها: لقائى بالسيد المسؤول الاعلامى للحزب الوطنى بالاسكندرية (سابقاً) و الذى بشرنى بأنه حينما يعجز مدعين الثورةعن تسيير شئون البلاد سيعودون طالبين من كانوا قائمين عليها, و هم موجودون فى منازلهم فى انتظار طلب الشارع لهم !! ثانيها: جولة صغيرة فى محافظتى لرؤية ساحات الصلاة لعيد الأضحى المبارك , فوجدتها مؤتمرات انتخابية أكثر من كونها ساحات ًللصلاة, و لن يفوتنى أن أهنئ حزب الحرية و العدالة (الاخوان المسلمون) على نجاحهم الباهر فى التواصل مع الجماهير , فالظروف خدمتكم و دهاءكم أتى لكم بالنجاح الذى زرعتموه فى استفتاء 19 مارس , و ستحصدوا نتائجه فى انتخابات نوفمبر. ثالثها: جدال فكرى فى مناقشة مع أحد كوادر حزب النور السلفى لمدة قرابة الساعة و هو الحوار الذى أفاق المائت السياسى بداخلى لأقرر اننى لن أتوقف عن الكاتب حتى و لو أصبحت كل كتابتى القادمة هى ندم و حسرة على ما سبق , لكنها فى الوقت نفسه ... ستكون تسجيلاً و تدويناً لهذا التحول الخطير الذى ستمر به مصر بدأ هذا الحوار اليوم 10/11/2011 أثناء ترديد الشعارات المنادية بسقوط "اسماعيل سراج الدين" مدير مكتبة الاسكندرية أو "صديق الهانم" كما يلقبونه , سألنى هذا الشاب الملتحى عن من سأقوم بترشيحه فى دائرتى الانتخابية , فأجبته بأننى لم أحسم موقفى بعد لعدم رؤيتى لكفاءة أى مرشح , فسألنى ما رأيك فى حزب النور ؟ فعرفت حينئذ أن هذا هو ما يريد مناقشته فعلياً حاولت طيلة اللقاء أن أوضح وجهة نظرى لا فى حتمية فصل الدين عن السياسية فاقناع هؤلاء بأن الشمس تشرق فى الليل أسهل , و لا بعدم وجود رؤية واضحة أو برنامج لهذا الحزب و مرشحيه فهم يرون ان كل برنامجهم هو أن نمتثل لتطبيق الشريعة ثم حينذاك سنجد فيها كل برامجنا الانتخابية ! لكن كل ما أردت أن أوضحه فى وجهة نظرى هو أن هؤلاء السلفيون محدثون سياسية و ليست لديهم أى خبرة , ربما يكون منهم أعضاء ناجحين فى مجلس الشعب لكن أن يصل تأييدهم بأنهم لا يرون أحداً كفء لمنصب الرئاسة سوى حازم صلاح أبو اسماعيل فهذا ما اختلفت معه تماماً فيه راح يتحدث بسخرية و تهكم على الاخوان و حزبهم , و حينما سألنى عن رأيى فى حزب "المصريين الأحرار" و أجبته بأننى لا أؤيده لعدة أسباب لا داعى لذكرها الآن , تعجب مستنكراً: مع ان اللى مأسس الحزب قريبك نجيب ساويرس !! فتلك العقلية الضيقة التى ارتبط الدين فى أذهانها بلحية و جلباب لم و لن تفهم أبداً كيف تكون الديموقراطية و اختلاف الرأى داخل الأسرة الواحدة و ليس بين أصحاب الديانة الواحدةأياً كانت ذهبت أحدثه عن السياحة فى عصر حازم صلاح أبو اسماعيل و مجلس شعب السلفيين , ماذا عن الآثار ؟ و التماثيل , ماذا عن المعابد الآثرية ؟ فكانت اجابته برفضه هدم التماثيل لكن يجب دفنها و ايجاد بدائل سياحية عوضاً عنها ! حاولت اقناعه بأن تمثال بطليموس الثانى الذى نقف جواره لا أحد يقف أمامه يقدم القرابين , و لا يوجد كهنة أوثان يرفعون له البخور , و لا يأتى السائحون ليطوفوا حوله مرة كل عام مثل تماثيل الكعبة فى الجاهلية لكن هيهات , سألته عن رأيه فى الخليفة عمرو بن الخطاب و القائد عمرو بن العاص و ستة عشر قرناً مصر فيها تحت حكم الاسلام , هل أتى حزب النور ليكون أكثر اسلاماً وتديناً من عمرو بن الخطاب و عمرو بن العاص و كل عصور من تلاهم الذين لم يهدموا هذه التماثيل ؟ حدثنى عن ضرورة استصدار قانون بالزام الفتيات المسلمات فى المدارس و الشواع بارتداء الحجاب و تطبيق هذا القانون على المسلمات فقط بحيث لا يفرضون رأيهم على الأقباط !! و حينما حاولت توضيح كيف سيكون هذا سبباً فى تفرقة عنصرية أجابنى لو تلاشى التفرقة العنصرية سيمنعنى من تنفيذ أحكام الاسلام فلتكن التفرقة و يظل الاسلام سيد الموقف سألنى عن اسمى فتلعثم و لم يعرف كيف ينطقه , و سألنى عن معناه و أخبرته بأنها كلمة قبطية أصولها للهيروغليفية و سألته هل اذا وصل السلفيون إلى الحكم سيمتنع السجل المدنى عن إصدار بطاقة الرقم القومى لى لأن اسمى له وصول وثنيه ؟ حقيقةً أنا كنت أتهكم لكنه أيضاً تهكم فى المقابل: لما يكون السلفيين صلوا الحكم يا عالم هيكون فيه أسماء من ديه و لا خلاصعدنا مرة أخرى فى الحوار إلى مرشحه المفضل: حازم صلاح أبو اسماعيل و عن ادعائى بأنه ليس لديه الخبرة الكافية و لا الرؤية الواضحة , فأجابنى بأنها ستأتى بمرور الأيام و سيكون لديه من المشايخ مستشارين و مجلس شعب سيساندوه فى قراراته , و لكن ظل عليه أيضاً أن يكون له ظهر يحميه أمام النفوذ الأمريكى و البلطجة الاسرائيلية , فاستفهمت عن ماذا يكون هذا الظهر ؟ فأجابنى دون تردد: ايران فى هذه اللحظة فقط قررت أن أختم اللقاء و استاذنت فى الانصراف و لكن عقلى لازال يفكر فى كل كلمة قالها لى , فأسلوب حواره لم يتختلف عن أسلوب أغلب الاسلاميين فى الحديث السياسي من مراوغة و هروب و عدم الرغبه فى الفهم أو الاقتناع , فهؤلاء أطلقوا لحاهم لتخفى غياب عقولهم ... لا أنتقد السلفية كمذهب دينى لكنى أنتقد المدعين منهم الحنكة و يريدون العمل فى السياسة إن غداً لناظره قريب , و أن مؤشرات الأمس و اليوم تنبئ بما سيحدث غداً , و لكن كل ما أتمناه هو أن أكون مخطئ فى تقديرى بشأن الغد