عاجل - سر تراجع الدولار الأمريكي داخل البنوك المصرية.. ما مستقبل العملة الخضراء؟    أردوغان ورؤساء عرب يهنئون تبون بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية الجزائرية    الجزائر.. وفاة 3 أطفال جرفتهم السيول بتيارت    عاجل - موجة حارة.. تحذيرات الأرصاد الجوية اليوم الاثنين    قوات الاحتلال تقتحم بلدة العبيدية وتصيب شابًا بالرصاص الحي    وزير الأوقاف: توجهى للإمام «الطيب» غرضه الاصطفاف وراء «الأزهر»    عيار 21 الآن بعد الارتفاع.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الإثنين في الصاغة (بداية التعاملات)    بعد تعرضه لوعكة.. هل تحسنت الحالة الصحية ل إيهاب جلال؟    "أكسيوس": تقرير للكونجرس يتهم القائم بأعمال السفير الأمريكي في أفغانستان بالتزوير    مستشار سابق بالبنتاجون: الهجوم الروسي في بولتافا كان أكبر خسارة للقوات الأوكرانية    المغرب.. لجان تفتيش مركزية تدقق في ثراء فاحش لموظفين صغار    أسعار اللحوم اليوم الإثنين 9-9-2024 في المنيا    «شكرًا على النصيحة».. بوبيندزا يثير الجدل بظهور جديد مع والد أوباميانج    كريم حسن شحاتة يكشف مفاجأة: جوميز رفض صفقة الزمالك الجديدة    صدق أو لا تصدق| منتخب مصر يصل غابورون قبل بوتسوانا صاحبة الأرض    أسعار الأسمنت اليوم الإثنين 9-9-2024 في محافظة المنيا    بحوزتهم 30 فرش حشيش.. ضبط 3 تجار مخدرات في قنا    ما حكم إساءة الزوج لزوجته.. دار الإفتاء تجيب    بعثة منتخب مصر تصل بتسوانا    برج الميزان حظك اليوم الاثنين 9 سبتمبر 2024: حفل زفاف ينتظرك    كرارة والعوضي والكدواني وعمرو يوسف في عزاء والد طارق الجنايني    نجل فؤاد المهندس ل«بين السطور»: عشق الكوميديا منذ صغره.. وكان زملكاويا متعصبا    هيئة الدواء تشارك في حلقة نقاشية عن مواد الخام الصيدلانية بمعرض فارماكونيكس    استشاري جهاز هضمي: الدولة بذلت مجهودات جبارة للقضاء على فيروس سي    مودريتش: سأعتزل فقط في هذه الحالة    فرنسا ضد بلجيكا.. جدول مواعيد مباريات اليوم الإثنين 9 سبتمبر    محافظ البحيرة تفتتح معرض «أهلاً مدارس» بكفر الدوار بتخفيضات 30%    أول تعليق من وزارة الدفاع السورية على غارات الاحتلال.. ماذا قالت؟    السيطرة على حريق في منزل بالكيلو 17 بالإسماعيلية    موعد بدء العام الدراسي الجديد بالمدارس الرسمية والخاصة والدولية    تموين المنوفية: ضبط وإعدام 3 أطنان مواد غذائية فاسدة وتحرير 40 محضرا    الآن.. تنسيق المرحلة الثالثة 2024.. الموعد الرسمي لتسجيل الرغبات عبر الرابط المعتمد    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2024 بعد قرار مجلس الوزراء (7 أيام عطلة في سبتمبر مدفوعة الأجر)    مدير مركز "عدالة ": استثناء التيار الإسلامي من قوائم المخلى سبيلهم يؤكد تسييس القضاء    بعد 12 عاما من عرضه.. أنوشكا تكشف عن مفاجأة لها مع عادل إمام قبل تصوير «فرقة ناجي عطا الله» (فيديو)    تنسيق المرحلة الثالثة.. موعد وخطوات تسجيل الرغبات على موقع التنسيق    نائب محافظ البحيرة يقود حملة مكبرة لإزالة التعديات على أملاك الدولة بدمنهور    وكيل صحة القليوبية يتفقد إدارتي طوخ وشبين القناطر ويحيل المتغيبين للتحقيق    رئيس جامعة دمنهور يشهد ختام النسخة الثانية من دورة إعداد المدربين T.O.T    طلاب جامعة القناة يؤدون امتحانات الفصل الصيفي    محافظ دمياط يستقبل نائب رئيس بعثة أندونيسيا بالقاهرة لبحث التعاون    اليوم| الحكم على شريكة سفاح التجمع المتهمة باستقطاب الفتيات    شارك صحافة من وإلى المواطن    تعرف على سعر الفراخ البيضاء وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الإثنين 9 سبتمبر 2024    المدن الجامعية بطنطا جاهزة لاستقبال الطلاب في بداية العام الدراسي    حدث بالفن| الموت يفجع أيمن بهجت قمر وفنانة تستئصل المرارة وأخرى تدعم شيرين    أبو تريكة يطمئن الجماهير في أحدث ظهور له بعد إجراء العملية الجراحة (صور وفيديو)    ننشر أسماء ضحايا بالوعات الصرف الصحي بأطفيح    إسبانيا تكتسح سويسرا برباعية في دوري الأمم الأوروبية    موعد طرح آيفون 16 iphone في سلطنة عمان    د.حماد عبدالله يكتب: عاصمة جمهورية مصر العربية "القاهرة"!!    متحدث الصحة: ضخ أكثر من 271 صنف من الأدوية خلال أسبوع    هيئة الدواء تشارك في حلقة نقاشية عن مواد الخام الصيدلانية بمعرض فارماكونيكس    الاتحاد الأوروبي يدرس حظر أموال مخصصة لسلوفاكيا بسبب التراجع الديمقراطي    «الإفتاء»: النبي كان يحتفل بمولده بصيام يوم الاثنين    أكلات غنية بالمكملات الغذائية ضرورية لصحة العين    رسميًا.. موعد إجازة المولد النبوي 2024 في مصر (مدفوعة الآجر للقطاع الحكومي والخاص)    أمين الفتوى يوضح مدى جواز أن تمتنع الزوجة عن زوجها بسبب تدخينه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جمال أبو الحسن: ماذا نفعل مع عيسى الدبًّاغ؟
نشر في المصري اليوم يوم 13 - 06 - 2011


[email protected]
" هوت المعاول على الزعماء، وانقضت المحاكمات فانقبض قلبه كموزع مخدرات إذ دهمته أنباء القبض على المعلمين الكبار، وأنكر الدنيا فلم يعد يعرفها".
هذا كلام كتبه نجيب محفوظ منذ أكثر من نصف قرن في وصف حالة عيسى الدباغ بطل روايته الشهيرة السمان والخريف، التي نُشرت بعد انقضاء نحو عشرة أعوام على قيام الثورة. عيسى وجد نفسه فجأة وقد انهار عالمه. كان سياسياً شاباً يرتقي المناصب كالشهاب، والجميع يتنبأ له بمستقبل مشرق، مع احتمال كبير بأن يكون وزيراً في يوم ليس بعيداً. بعد الثورة أصبح عيسى جزءاً من نظام وصمته الثورة بالفساد، وعاقبت رموزه بالتطهير. ويأخذنا محفوظ طوال الرواية لنتابع رحلة هذا الإنسان المعذب الذي وجد نفسه من حيث لا يحتسب أمام عاصفة اقتلعت كل الرواسي في حياته. إنها أزمة وجودية من الطراز الأول، أو هكذا أراد محفوظ تصويرها.
ماذا نفعل مع عيسى الدباغ – نسخة 2011؟ ماذا نفعل مع رجال خدموا العهد القديم بإخلاص، بعضهم عن اقتناع بأن ذلك كان أفضل المتاح، وأغلبهم طمعاً في مكاسب ومغانم؟
التطهير هو الجواب السهل. ولكن محفوظ يدفعنا إلى النظر للمسألة من زاوية أوسع.. زاوية إنسانية. انهيار النظم الاجتماعية والسياسية لا يحدث كل يوم، ولكنه عندما يحدث يأخذ شكل الزلزال الذي تهز توابعه المجتمع هزاً، وتهز البشر أنفسهم وتحدث في نفوسهم صدعات وشروخاً. وكأي حدث كبير، فإن الثورات الكبرى تخرج أفضل ما في البشر وأسوأ ما فيهم على حد سواء: هناك من يستطيع التلون كالحرباء، وهناك من يفضل الجلوس على السور – بين هذا وذاك- انتظاراً لما سوف يكون. وهناك رجال مثل الدباغ يعيشون أزمة وجود. يراجعون أنفسهم. يفتشون في دفاترهم. ينظرون للعهد الجديد ورجاله بمزيج من الحسد وتمني الأسوأ، ولكنهم في النهاية يشعرون في قرارة أنفسهم بأنهم مذنبون، ويأبي عليهم كبرياؤهم الاعتراف بالخطأ.
لاحظ أن محفوظ اختار بطله شاباً يستقبل العمر، وليس شيخاً انتهى دوره.. بالثورة أو بدونها. الدباغ المعاصر هو شاب كذلك. عمل مستشاراً سياسياً لجمال مبارك، أو أستاذاً في الجامعة انضم للجنة السياسات، أو مفكراً سياسياً سخر فكره للدفاع عن الحزب الوطني، أو ضابطاً صاعداً في أمن الدولة. الدباغ المعاصر هو شخص على درجة معقولة – وربما كبيرة- من الكفاءة في مجاله. ساهم في الاستبداد أو برره أو عمل في خدمته. هو يشعر بأنه ظُلم لأن الكثير ممن يتصدرون الصفوف الآن ليسوا بأنظف منه أو أطهر، وهو يجتر شعوره هذا في نقمة صامتة لأنه لا يستطيع أن يظهر، فهو كالأجرب يدبر عنه اليوم من طالما أقبلوا عليه بالأمس.
دباغ نجيب محفوظ لجأ إلى الإسكندرية في خريف 1952 ليجتر أحزانه ويعيش أزمته في طقوس عبثية متتالية. وفي النهاية وجد نفسه لائذاً بتمثال سعد زغلول، ليلقى عنده من يحرضه على أن يقذف بعبثه خلف ظهره ويمد يده للمشاركة في البناء الجديد.
دباغ-2011 ما زال مختبئاً. لم نسمعه ولم نحاوره. رفضناه كالأجرب كأنه ليس منا، مع ترحيبنا بالكثير من "الحرباءات" بين صفوفنا، وكأننا نفرض عليه أن يخلع جلده لكي ينضم إلينا في "طهارتنا الكاملة".
المصالحة مع الماضي ليست أمراً سهلاً، ولكنها ضرورة لأي مجتمع يسعى لأن يمضي للأمام بلا أحقاد تدمره أو ضغائن مكبوتة تمزق أواصره، أو طهارة مصطنعة تقصي بعضاً من أبنائه.
أما الدباغ المعاصر فعليه أن يخوض مراجعة حقيقية للذات..كإنسان أولاً وأخيراً. عليه أن يغوص في أعماق نفسه. أن يعالج شعوره بالنقمة والظلم، وأن يذكر نفسه – كما فعل دباغ نجيب مفحوظ- ليس فقط بحسابه في البنك، الشاهد على فساد كبير أو صغير، وإنما أيضاً بكل ما فعله بدافع من طموح أناني، أو مطمع ذاتي. عليه أن يفتح عينيه ليرى كل شيء حوله بمنظور جديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.