إلى متى سيظل الحزب الوطنى «الحاكم» يحتكر الأغلبية ب «التزوير»؟ إلى متى ستظل الدولة غائبة، وعصا الأمن الغليظة هى الدليل الوحيد على وجودها؟.. ليس صحيحاً أن انتخابات التجديد النصفى لمجلس الشورى قد تمت تحت الإشراف القضائى، فالأمن، الذى لابد أن يقتصر دوره على تأمين العملية الانتخابية، هو الذى يدير الإنتخابات فعليا!. وهى ظاهرة متكررة تكرسها المادة (88) من الدستور. الدولة لن تسمح بتكرار مهزلة انتخابات مجلس الشعب عام 2005، فالحزب الحاكم يعتقد أن الإشراف القضائى كان وراء فوز «الإخوان المسلمين» ب 88 مقعداً فى المجلس. والمناخ الحالى لن يسمح بوجود قوى تهدد «الأغلبية الزائفة» للحزب الوطنى، كالتى نالها على جثث شهداء الانتخابات عام 2005. مصر تتهيأ لانتخابات الرئاسة، ومجلسا الشعب والشورى هما «مسرح الديمقراطية»، والاستعراض القادم لن يُسمح بإفساده.. هل حقاً كنا ننتظر مشاركة جماهيرية كاستجابة للإلحاح الإعلامى: «شارك».. لا أظن. ولا أعتقد أن أشد المتفائلين تخيل إجراء انتخابات «نزيهة» فى تلك المرحلة الحرجة، وكل ما قيل عن التجاوزات والانتهاكات، من الحصار الأمنى للدوائر لمنع الناخبين من التصويت، ومنع دخول الصحفيين والمراقبين ووكلاء المرشحين إلى اللجان لمراقبة العملية الانتخابية، كل هذه الممارسات مجرد تنويعات على سيناريو ردىء ومعاد، لكن الجديد هذه المرة أن الحزب الوطنى يتهم الجماعة المحظورة ب: (تعطيل عملية التصويت فى بعض اللجان الانتخابية واقتحام بعض المقار، والتعدى بالضرب على مسؤوليها بالسلاح الأبيض وسرقة عدد من الصناديق)، فإما أن تشوهات الحزب الوطنى انتقلت إلى الجماعة المحظورة، أو أن الحزب الوطنى يقلب الطاولة على منافسه الأشرس.. ويصرخ قبل أن تولول جماعة الإخوان المسلمين من «التزوير»! وكأن تزوير إرادة الناخبين أصبح إحدى آليات الممارسة الديمقراطية فى قاموس الحزب الوطنى! الحزب الذى يحكم البلاد بلجنة سياساته، تلك التى شوهت الدستور وسممت المناخ السياسى، وأغرقت الناس فى دوامة الفقر.. حتى لم يتبق لها إلا الأمن ليفرض سياساتها ورؤاها. كان المهندس «أحمد عز» والسيد «جمال مبارك» يتابعان سير العملية الانتخابية، فهل أراداها موصومة بعار «التزوير»؟.. أنا لا أنتظر إجابة.. ولا أنتم أيضا، فجميعنا منفيون داخل الوطن، من يتحرك منا ليعتصم أو يحتج أو يتظاهر أو «ينتخب» سيقع فى قبضة الأمن القوية.. لن يرحمه أحد، لقد أرادونا شعباً محايداً، تتزايد قاعدة الأغلبية الصامتة فيه، وتنكمش فيه أحزاب المعارضة الهزلية، فالانتخابات - كل انتخابات - ليست سوى رسالة «كاذبة» للغرب الذى يسخر من أكاذيبنا البلهاء، لكن سيأتى يوم يقول التاريخ كلمته: «ما بنى على باطل.. فهو باطل».. وهكذا ستسقط شرعية «الحاكم»، الذى رشحه أعضاء دخلوا مجلسى الشعب والشورى بالتزوير.. ويا له من عقاب قاس.