أعلنت رئاسة الجمهورية أن مصر وافقت على تأجيل التصويت على مشروع قرار ضد الاستيطان الاسرائيلى فى مجلس الأمن الدولى بعد اتصال تلقاه الرئيس عبدالفتاح السيسى من نظيره الأمريكى المنتخب دونالد ترامب، مساء أمس الأول. وقالت الرئاسة، فى بيان، إن الاتصال تناول مشروع القرار المطروح أمام مجلس الأمن حول الاستيطان الإسرائيلى؛ حيث اتفق الرئيسان على أهمية إتاحة الفرصة للإدارة الأمريكية الجديدة للتعامل بشكل متكامل مع كل أبعاد القضية الفلسطينية بهدف تحقيق تسوية شاملة ونهائية لهذه القضية. وفى ختام الاتصال أبدى الرئيس الأمريكى المنتخب تطلعه لقيام «السيسى» بزيارة الولاياتالمتحدة فى القريب العاجل، لتبادل الرؤى بين البلدين حول سبل تعزيز العلاقات الثنائية وتجاه قضية السلام فى الشرق الأوسط. وقوبل عرض المشروع المصرى بصدمة فى إسرائيل، حيث يوضح أن «المستوطنات تشكل عقبة رئيسية أمام تحقيق مبدأ حل الدولتين وإحلال سلام شامل وعادل ودائم بين الفلسطينيين وإسرائيل»، كما يدعو إلى «وقف العنف ضد المدنيين، بما فى ذلك أعمال الإرهاب والتحريض والاستفزاز والدمار، ويدعو لمحاسبة المتورطين فى مثل تلك الأعمال غير القانونية»، وطالب رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، الولاياتالمتحدةالأمريكية، باستخدام حق الفيتو، ضد القرار الذى اعتبره مناهضاً لتل أبيب، كما دعا «ترامب» الولاياتالمتحدة إلى استخدامه أيضاً. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، جون كيربى، إن قرار تأجيل التصويت «كان من جانب مصر، ونفهم أيضا أنهم يتشاورون مع شركائهم فى الجامعة العربية حول النص». وتابع: «لا أفهم بأمانة ما إذا كان ستتم إعادة تحديد موعد للتصويت من عدمه أو متى يكون ذلك فى حالة حدوثه»، وقال معلقون إن مصر فضلت إرجاء التصويت لحين تولى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مهام منصبه رسميا فى 20 يناير. وقال مسؤولان غربيان إن إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما كانت تنوى السماح لمجلس الأمن الدولى بالموافقة على مسودة قرار يطالب بإيقاف البناء الاستيطانى الإسرائيلى فى خطوة تمثل تحولا كبيرا عن الحماية الأمريكية المعهودة لإسرائيل، لكن مراقبين اعتبروا ذلك محاولة من أوباما، قبل لحظات من مغادرته البيت الأبيض، لتحسين صورته السيئة الداعمة لإسرائيل طوال 8 سنوات سابقة. من ناحية أخرى، قال دبلوماسيون إن «نيوزيلندا وفنزويلا وماليزيا والسنغال» أبلغت مصر بأنها إن لم توضح ما إذا كانت تعتزم الدعوة لإجراء تصويت على مسودة القرار فإن هذه الدول تحتفظ بحق طرح هذه الدعوة. وقالت الدول الأربع فى مذكرة لمصر: «فى حال قررت مصر أنه لن يمكنها المضى فى الدعوة لإجراء تصويت فى 23 ديسمبر، أو إذا لم تقدم ردا قبل انقضاء ذلك الموعد فإن هذه الوفود تحتفظ بالحق فى تقديم المشروع والتحرك لإجراء تصويت عليه بأسرع ما يمكن». وذكرت تقارير إخبارية أن دائرة الضغوط التى لجأت إليها إسرائيل لمنع التصويت على مشروع القرار المصرى فى مجلس الأمن، شملت الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، وأعلن المكتب الصحفى للكرملين، فى بيان، أن بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ناقشا فى اتصال هاتفى الوضع فى الشرق الأوسط وجهود مكافحة الإرهاب فى سياق متصل، كشف مصدر دبلوماسى قريب من مفاوضات مجلس الأمن حول مشروع القرار المطروح بشأن إدانة الاستيطان الاسرائيلى فى الأرضى الفلسطينة المحتلة، أن مصر بحكم قربها وتعاملها المباشر مع كل جوانب القضية الفلسطينية منذ عقود، تدرك أن التسوية الشاملة والعادلة للقضية الفلسطينية بجميع أبعادها لن تتم إلا من خلال مفاوضات جادة ومباشرة بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى تحت رعاية من الأطراف الدولية والإقليمية الرئيسية. وأضاف المصدر أن مجلس الأمن صدر عنه على مدار 6 عقود العشرات من القرارات الأقوى فى صياغتها، والأكثر حماية للحقوق الفلسطينية، من مشروع القرار الحالى، وأن ذلك لم يمنع إسرائيل من تجاهلها وانتهاكها. وتابع المصدر - الذى طلب عدم نشر اسمه لحساسية قربه من العملية التفاوضية الجارية فى نيويورك- فى تصريحات لوكالة أنباء «الشرق الأوسط»، أنه من الواضح أن الإدارة الأمريكية المنتهية ولايتها ترغب فى تبنى موقف انتقامى من الإدارة الجديدة المقبلة، ومن هنا يبدو أن قرار مصر بعدم التعجل بطلب التصويت على مشروع القرار يعكس رؤية أكثر عمقا وشمولية لكل تلك المعطيات، لاسيما بعد الاتصال الذى قام به «ترامب» مع السيسى، والذى يبدو أنه استهدف رسم خطة عمل مصرية أمريكية مشتركة تضمن تعامل أكثر شمولية مع كل عناصر ملف القضية الفلسطينية.