كلنا إخوان فى الميدان.. والميدان هو الميدان من غير «الإخوان».. هذه هى خلاصة يوم فى ميدان التحرير.. قرر الإخوان أن يقاطعوا جمعة الثورة الثانية، أو جمعة الغضب.. ومع ذلك لم تتأثر الجمعة.. لا فى إجراءات التأمين ولا فى أعداد الحضور.. ولا فى نتائجها.. وكان الإخوان والسلفيون يراهنون على فشل هذه الجمعة.. ويقولون إنها تفتح باب الشر.. وربما قالوا جمعة الخطر! كنا نصر على حق التظاهر.. ولكن قلنا إن الاعتصام خطيئة.. فربما يعطل المصالح.. ويفتح باب الشر أو باب الجحيم.. الإخوان كانوا يتصورون أنها جمعة ضد المجلس العسكرى.. ولذلك رفضوا المشاركة، وانضم إليهم السلفيون والجماعة الإسلامية.. كان الهدف أن يؤكد التيار الدينى تأثيره فى الشارع.. وفى آخر اليوم كان قد عرف حجمه وتأثيره فعلاً.. شارك أو قاطع! وبالطبع سبق كل ذلك إعلام يثير الرعب.. لدرجة أن «الأهرام» نشرت صبيحة يوم الجمعة مانشيتاً تقول فيه: المخاوف تتزايد من انقسام الثورة بسبب جمعة الغضب.. والمجلس العسكرى يؤكد حق التظاهر السلمى، ويحذر من الوقيعة بين الجيش والشعب.. المسألة فى الوقيعة بين الجيش والشعب.. ولم يحدث وخرج الثوار يقولون: «الجيش والشعب إيد واحدة».. لا مخاوف ولا شر ولا وقيعة! فى الوقت نفسه، كانت هناك أنباء تتحدث عن اقتحام عدد من أقسام الشرطة، وإشعال النار فيها وهروب المساجين.. كل ذلك كان يبعث على الخوف، ويشير إلى أن الثورة قد تنحرف عن مسارها.. وهناك احتمالات أن تندس قلة غير مسؤولة، فتكدر السلم والأمن العام.. وقرر الجيش الانسحاب من الميدان، حتى لا يحدث تصادم.. ورفع الثوار شعار «تظاهر لا تصادم.. الجيش جيشنا!». كل المؤشرات كانت تؤكد أن الثورة سوف تدخل النفق المظلم.. وحذر أيضاً بعض قادة المجلس العسكرى، مع عمرو خالد، من احتمالات حدوث كارثة.. وأكدوا أن الجيش ليس مجرد شريك، إنما كان مع الثورة منذ اللحظة الأولى.. يحمى الشعب ولا يحمى النظام.. هكذا كانت كل المخاوف.. وهكذا أيضاً تبددت كل المخاوف، مع نهاية اليوم.. واكتسب الثوار الخبرة واكتسبوا الثقة! المليونية كانت رائعة.. بعض الأصدقاء يرسلون رسائل عديدة.. سواء إلى الإخوان أو السلفيين.. ثم إلى البلطجية.. ثم إلى المجلس العسكرى.. الصديق حسين الشربينى أرسل لى صوراً ورسائل.. الصور لقسيس وشاب سلفى أو إخوانى، يد فى يد، ويرفعان علم مصر.. فضلاً عن صورة ميدان التحرير التى تشير إلى كثافة الحضور، مما يدل على فرحة عارمة بالتجربة، وسلمية الثورة! أما الرسائل فهى عديدة.. رسالة للإخوان تقول: هذا هو الميدان بدونكم.. والعبارة الشهيرة «طز فيكم».. ورسالة للسلفيين تقول شفتم آخر نكتة.. ورسالة للبلطجية تقول: كنا فى انتظاركم من أجل تكرار علقة معركة الجمل.. شكلكم خفتم ومش عايزين تنضربوا تانى.. وأخيراً رسالة إلى المجلس العسكرى تقول شكراً.. الثوار قادرون على حماية الثورة بأنفسهم! وهناك بالطبع رسائل إلى مجلس الوزراء وائتلاف الثورة حول فزاعة المليونيات وانهيار الاقتصاد.. ورسائل إلى مبارك وأصدقائه لا يمكن نشرها.. المهم أن الفرحة بهذه المليونية كانت واضحة.. لا تخفى حالة من الثقة.. ولا تتخوف من أى فزاعة كانت.. لم تنشغل بما نشرته الصحف من مخاوف.. ولا بما قيل عن اقتحام أقسام الشرطة.. ولم تنس انسحاب الجيش بحجة عدم التصادم!