ننشر السيرة الذاتية للمستشار محمود فوزي وزير الشئون النيابية والقانونية    رئيس الوزراء يهنئ شيخ الأزهر بالعام الهجري الجديد    شيخ الأزهر ورئيس وزراء ماليزيا يفتتحان مجلس علماء ماليزيا «MADANI»    وزير الإسكان يعقد أول اجتماعاته مع جهات وقطاعات الوزارة    سعر الدرهم الإماراتي اليوم مقابل الجنيه في البنوك    التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات اليوم بالسكة الحديد    وزير التموين يبدأ عمله فى اليوم الثانى بالاطمئنان على مخزون السلع    ضغوط العملاء تجبر فولفو على التراجع عن وقف إنتاج طرازين من سياراتها    عادل النجار لمواطنى الجيزة: أعدكم ببذل أقصى ما فى قدراتنا لخدمتكم    جيش الاحتلال ينفذ عدة اقتحامات بالضفة الغربية    شهداء وجرحى في قصف للاحتلال الإسرائيلي على عدة مناطق بغزة    وسائل إعلام عبرية: متظاهرون يضرمون النار ويغلقون طرقا بمحور أيالون بتل أبيب    خبير عسكري: الاحتلال الإسرائيلي يمارس حربا نفسية على اللبنانيين    الاتحاد الأوروبي منددا بالاستيطان الإسرائيلي: لن نعترف بالتغييرات في حدود 1967    بيراميدز: المنتخب الأولمبي رفض مقترحنا.. ولم نرفض انضمام أي لاعب للأولمبياد    الأهلي والداخلية.. مواعيد مباريات اليوم الخميس 04-07-2024 والقنوات الناقلة    ارتفاع شديد بدرجات الحرارة وسيولة مرورية على الطرق الرئيسية بالمنوفية    غرق طفلين شقيقين فى مزرعة سمكية بكفر الشيخ    طلاب الثانوية الأزهرية يؤدون امتحان مادة التوحيد.. لا شكاوى من الأسئلة    وزير التعليم يعتمد نتيجة الدبلومات الفنية 2024 بعد تجميع النتيجة    طلاب الثانوية العامة يؤدون امتحان الكيمياء والجغرافيا السبت    الدكتور أحمد هنو بمكتبه بالعاصمة الإدارية فى أول أيام عمله وزيرا للثقافة    هيئة الدواء تحذر من عبوات مجهولة المصدر لعقار جليفيك 400 MG لعلاج أورام المعدة    تشكيل منتخب الأرجنتين المتوقع أمام الإكوادور في كوبا أمريكا    تعرف على أسعار الزيت اليوم الخميس 4-7-2024 بالأسواق    إصلاحي ومحافظ متشدد وجهًا لوجه في الجولة الثانية من الانتخابات الإيرانية| بزشكيان يسعى نحو التعددية السياسية والانفتاح على الغرب.. وجليلي يتجه نحو الإصلاح الاقتصادي وخلق علاقات دولية جديدة    أعشاب ومشروبات تعزز الصحة النفسية وقوة الدماغ    توفيق عبد الحميد يكشف عن حقيقة تدهور حالته الصحية    متى وقت أذكار الصباح والمساء؟.. «الإفتاء» تكشف التفاصيل    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: كريم عبد العزيز ل عمرو أديب أنا أهلاوي مجنون بحضور تركي آل الشيخ .. مفاجأة من وزير التموين للمواطنين بشأن الدعم على البطاقات التموينية    موعد إجازة رأس السنة الهجرية واستطلاع هلال شهر المحرم    ناقد رياضي: متفائل بالتشكيل الوزاري وأدعم استمرارية أشرف صبحي في وزارة الرياضة    اشتباكات وقصف مدفعي إسرائيلي على مخيمي «الشابورة» و«دوار النجمة» في رفح الفلسطينية    «بي إن سبورتس»: الجيش الملكي يقترب من تعيين عموتة    محافظ الدقهلية: العمل الميداني سر نجاح أي مسئول وقيادة.. ونعمل على حل مشاكل المواطنين ومحدوي الدخل    فرنسا تسحب نوع "كوكاكولا" بسبب مخاطر صحية: لا تشربوه    6 نصائح للعناية بالأسنان والحفاظ عليها من التسوس    قصواء الخلالي: الحكومة الجديدة تضم خبرات دولية ونريد وزراء أصحاب فكر    ميمي جمال: أنا متصالحة مع شكلي وأرفض عمليات التجميل    إصابة طفل وانهيار جزئي لعقار مجاور.. تفاصيل سقوط عقار بالحي القبلي في شبين الكوم    العثور على شاب مصاب بطلقات نارية في ظروف غامضة بقنا    دعاء استفتاح الصلاة.. «الإفتاء» توضح الحكم والصيغة    أول ظهور لحمادة هلال بعد أزمته الصحية    عبد الرحيم علي يشكر الوزراء والمحافظين الذين غادروا مواقعهم    فولكس ڤاجن تقدم أقوى Golf R فى التاريخ    عمرو أديب الزمالك «نمبر وان».. وكريم عبدالعزيز يرد: أنا اهلاوي مجنون (فيديو)    حظك اليوم برج الجوزاء الخميس 4-7-2024 مهنيا وعاطفيا    "مين كبر ناو".. شيكو يحتفل بعيد ميلاده    «المصري اليوم» ترصد مطالب المواطنين من المحافظين الجدد    أول رد سمي من موردن سبوت بشأن انتقال «نجويم» ل الزمالك    لميس حمدي مديرا لمستشفى طلخا المركزي    أمين الفتوى: لا ترموا كل ما يحدث لكم على السحر والحسد    الكويت تعلن اعتقال مواطنين بتهمة الانضمام لتنظيم محظور    حدث ليلًا| موعد إجازة رأس السنة الهجرية وحالة طقس الخميس    نجم الزمالك السابق: هناك عناد من الأهلي وبيراميدز ضد المنتخب الأولمبي    أستاذ استثمار عن التغيير الوزاري: ليس كل من رحل عن منصبه مقصر أو سيئ    اتحاد الصناعات: وزارة الصناعة تحتاج لنوعية كامل الوزير.. واختياره قائم على الكفاءة    هاني سعيد: بيراميدز لم يعترض على طلبات المنتخب الأولمبي.. وهذا موقفنا النهائي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رشا سمير تخترق المجتمع الإيرانى عبر الزمن
نشر في المصري اليوم يوم 31 - 10 - 2019

لست أدرى ما الذى أغرى المبدعة الطبيبة الصحفية- كما تعرف نفسها دائمًا- بأن تخترق أحشاء المجتمع الإيرانى منذ كان فارسيًا فى القرن الثانى عشر إلى القرن العشرين، برواية مزدوجة القصة بعنوان «سألقاكِ هناك»، فتجرب صيغة جديدة تجمع بين حكايتين متباعدتين، يجهد القارئ طيلة أربعمائة صفحة فى الحدس بالعلاقة بينهما فلا يعثر على أثر لذلك سوى قرب النهاية، عندما يتضح أن أطلال مكان تزوره عرضًا بطلة القصة الأولى «نيلوفر» تحمل أثرا باهتا لبطل القصة الثانية «يحيى» بالرغم من فاصل القرون الثمانية بينهما، إلى جانب بعض التوافقات العرضية مثل الأسماء والمشاعر ويد القدر التى تحرك بينهما المصائر، ولأن وعاء الرواية باتساع سطح الحياة ذاتها فى أبعادها التاريخية والإنسانية فلم يعد بوسع ناقد مثلى أن يسائل مبدعا عن الشكل الذى يرتضيه لعمله ومدى منطقيته، وأقصى ما يستطيع أن يسجله هو مدى اقتناعه بدلالة هذا الشكل وحكمته، تاركا لكل قارئ أن يتولى بنفسه تقدير ذلك طبقًا لذائقته وحساسيته الجمالية وخبرته الفنية، ولأن الرواية تبدأ فصولها فى الفترة المعاصرة بعنوان يحدد تاريخها بدقة «أنا نيلوفر عام 1969»، ثم يأتى الفصل الثالث بمثل هذا التحديد قائلا «أنا يحيى عام 1112»، فهى تتخذ فى كلتا الحالتين ضمير المتكلم من كل من الجنسين، مما يدفع القارئ لمحاولة تلمس العلاقة المستحيلة بينهما، فيدخل فى لعبة المبدعة ليتابع الخطين معا حتى ينتابه شعور بالانفصام، فالمرأة التى تسمى باسم زهرة يانعة تورق وتعانى وتذبل بمشاكل النساء فى مجتمع أبوى سلطوى دينى رهيب منذ ثورة الخمينى حتى الآن، لا تتوازى فى شىء مع تجربة يحيى المثيرة فى الالتحاق بقلعة حسن الصباح زعيم الحشاشين فى القرن الثانى عشر، مما يمثل فصلا غريبًا ومثيرًا فى تاريخ الدولة الإسلامية فى العصور الوسطى، حيث تقدم الكاتبة تحليلًا اجتماعيًا لهذه الظاهرة الفريدة التى لم يكتف فيها الصباح بإعلان نبوته وتجنيد أنصاره بطريقة فاشية بل تجاوز ذلك لمشارفة مرتبة الألوهية فى إتاحة تجربة الجنة لمن يطيعه، على أن يكون جحيم من يعصاه هو القتل والتصفية الدموية، ولعل الإطار المكانى الإيرانى لقلعة الصباح أو قلاعه العديدة، وبيوت النساء المستضعفات فى العصر الحديث هو الرابط الواضح بين القصتين، وقد بذلت الدكتورة رشا جهدًا منهجيًا منظما ومرهقًا فى تبيئة روايتها لغويا وجغرافيا وأنثربولوجيا فى بلاد فارس، حيث عنيت بشرح الألفاظ والأعياد والتقاليد بتفاصيلها الدقيقة، لتضع القارىء فى الإطار الثقافى الملائم، مما يكسب العمل أهمية معرفية فى التقارب والتثاقف بين الشعوب، فتحكى مثلًا على لسان «نيلوفر» قصة النار وأعياد النيروز والاحتفال بقدوم الربيع وبدء السنة الجديدة، فتقول: «ظلت هذه التقاليد للأبد فى بلادى، ولكن عندما وصلنا لسن المراهقة أدخلنا نحن الشباب على تلك المناسبة بعض الأعمال، مثل الصراخ وإطلاق جذوع الأشجار المشتعلة بالنيران فى الهواء، كان الأصل هو أن نوقد نيرانا ثم نقفز من فوقها ونحن نردد أشعارا مثل: «حمرة لهيبك منى، وصفرة وجهى إليك» إذ كنا نرمز بذلك لاستقاء الحرارة والحيوية والنشاط من لهيب النار، كما كنا نبحث فيه أيضًا عن اللون الأصفر، حيث يرمز به إلى الكآبة والحزن والشر، ونعاود الغناء بصوت عال لبث روح التفاؤل بالحياة احتفالًا بعيد النيروز وبدء السنة الجديدة». ومع أن المستوى التعليمى والثقافى لهذه الشخصية لا يؤهلها لهذا التفلسف فإن وهم التماذج بين الرواى والكاتب الذى لا مفر منه يسمح لها بأن تعبر عن ذلك بلغة شفيفة وموقعة وأنيقة تشارف تخوم الشعر، فإذا انتقلنا إلى القصة الثانية وحدنا يحيى يروى بعض الأساطير تلائم عصره، حيث يحكى رحلته إلى قلعة الصباح قائلًا: «اعتلينا صهوة الجواد إلى أن أوصلنى أبى إلى مكان تحرك القافلة التى سوف تصاحبنا إلى قلعة «آلموت» وهو سفح جبل «تخت سليمان» هذا الجبل الذى يعرف فى الأساطير والحكايات بمكان زواج البنى سليمان من الملكة «بلقيس».. الجبل الذى طالما حكت لنا أمى عندما كنا صغارًا عن أساطيره، فهناك من سمع أصواتا فى السماء ترن فى حلكة الليل، هناك من أقسم أنه رأى عرش بلقيس يتراقص أمامه فى الهواء قبل الفجر». هذا المناخ الأسطورى الذى يغذى صفحات الرواية دون أن يكتفى بوصف المناظر الطبيعية ولا الأحداث المفترضة، بل يوغل فى أعماق الذاكرة المكنونة للشعوب عبر حكايات الجدات يعزز الطابع الثقافى للرواية، ويشى بعمق تشبع الكاتبة بمرويات صديقاتها الإيرانيات المقيمات فى مصر، كما يكشف عن قدرة المؤلفة على توظيف هذه الإشارات فى سياقاتها الملائمة، فإذا ما توغلنا فى قصة حسن الصباح فوجئنا بأن التربية الفاشية التى طبقها على أتباعه قد أصبحت النموذج الذى تحتذيه الجماعات الدينية المعاصرة، وبخاصة جماعة الإخوان، حيث يروى يحيى مراحل تأهيله فى القلعة عسكريا ونفسيا قائلًا: «فى أحد الأيام، وبعد انتهائه من درس طويل ظل فيه الشيخ يتحدث كثيرًا عن أساس مبدأ السمع والطاعة فى الإسلام وأهميته كنت أسمعه محاولا تفهم هذا المبدأ الذى نفرضه كآباء على أولادنا، ونفرضه نحن الرجال على نسائنا، ثم يفرضه كل شيخ على صبيانه، نحن جميعًا لا ندرك المعنى الحقيقى للكلمة، فى الحقيقة أن السمع والطاعة خلقا لله ورسوله دون غيرهما، فكيف تحول السمع والطاعة إلى لقمة سائغة فى أفواه المتشدقين بالمبادئ». والواقع أن هذه الفكرة المحورية هى التى يمكن أن تكون العصب السرى الحساس الذى يجمع بين القصتين المتباعدتين، فسبب شقاء «نيلوفر» فى تربيتها وزواجها واضطرارها للحب الحر تارة ولممارسة الزواج المؤقت تارة أخرى، نجم أساسا من ديكتاتورية أبيها وزوجها، وسبب انهيار قلعة حسن الصباح بمجرد موته هو انتهاء وجود الزعيم الذى أوهم أتباعه بوجوب السمع والطاعة، فالحرية هى أكسجين الحياة الفردية والجماعية فى كل العصور، وهذا المبدأ يلغى الإرادة ويضيع المسؤولية الفردية، ويشل حركة الجماعة ويبطل مسعاهم للترقى والتحضر، وهو ميراث عصور الظلام والتخلف الذى يلصقونه بالدين وهو براء منه، وهو أس البلاء فى جميع الأنظمة الشمولية، على أن قصة «نيلوفر» تتيح لنا بعض اللمسات الحلوة واللحظات البهيجة فى حياتها المفعمة بالعذاب، نستشعر فيها عبير الأنوثة الطازجة عندما تفرح الطفلة بسذاجة لزواجها المبكر، تقف فى النافذة لتغنى لهدهدها بصوت متهدج متكسر يفوح بعطر البراءة: «أنا العروس الصغيرة/ قلبى فى شيراز../ جئت من البلاد البعيدة/ ومعى ألف تومان/ اشتريت بها كوخا/ جدرانه من الحلوى وسقفه من السكر/ أنا عروس شيراز». ومن الواضح أن هذه المباهج الطفولية لن تغنيها شيئا فى مواجهة عتو الظلم الذكورى ومذلة الخنوع الأنثوى الذى يفضى فى الرواية إما إلى الانتحار مثل مصير الأم الغائبة، أو إلى التمرد وكما تفعل «نيلوفر». من ناحية أخرى نجد أن اللافت فى تجربة حسن الصباح هو محاولته النسخ الحرفى لصورة الجنة كما وردت فى المأثورات الدينية، حيث أعد الحدائق الغناء المليئة بأشجار الفاكهة من رمان ومشمش وبرقوق وتفاح، وأشجار الياسمين والورد والبساتين المنمقة، وأجرى أنهارا صغيرة من اللبن والعسل والخمر والماء الزلال، ليحمل إليها من رضى عنهم من أتباعه ونفذوا له مآربه فى قتل أعدائه بعد أن يسقوهم مشروب الحشيش المخدر ليفقدوا وعيهم ويبهروا بهذه الجنان التى تعمرها الحسان المدربات خصيصًا لإشباع شهواتهم العاطفية والجنسية قبل إعادتهم مرة أخرى مخمورين إلى أماكنهم الأولى، ومع أن يحيى يكتشف هذه الخدعة عندما يلتقى بحبيبته التى كان يبحث عنها منذ البداية فتخبره بتجنيدها وزميلاتها ليقمن بهذا الدور الخادع لحوريات الجنة فإنه لا يستطيع فكاكا من ربقة سيده على الرغم من نقمته التى تتضاعف بمقتل أخيه عند محاولته الفرار من القلعة، ولا يأتيه بالخلاص بعد أن عهد إليه مع بعض رفاقه بتأسيس قلعة أخرى سوى خبر موت الزعيم النبى وتفرق شيعته وانتهاء أمره، عندئذ يجتهد يحيى فى تحويل قلعته إلى أثر تاريخى فى أصفهان يظل شاهدا على أغرب تجربة للخداع فى إيران.
لا تغفل الكاتبة فى قصتها الأولى أن تشرح تطورات المجتمع الإيرانى منذ ثورة الخمينى التى استغلت تحالف الليبراليين واليساريين مع الجماعات الدينية لإسقاط الشاه، ثم لم يلبث كبير الملالى- كما هى عادتهم دائمًا- أن يغدر بحلفائه ورفاقه فى الثورة فقرر «أن يقهر إيران ويضع غشاوة دينية غير حقيقية على عينيها، وقضت السياسة على سماحة الدين وأربكت عقائدة». ولأن البؤرة الحساسة التى تعنى الكاتبة تتمثل على وجه التحديد فى وضع المرأة، وهى الترمومتر الحقيقى لقياس مدى تحضر أى مجتمع- فإنها تشير إلى المنشور الذى أصدره الخمينى فى السابع من مارس عام 1979 بفرض ارتداء الشادور على النساء عشية اليوم العالمى للمرأة، ثم تمضى فى سرد تقلبات الحياة التى تعانيها «نيلوفر» منذ نفورها من الزوج البهيمى الذى لا يعترف لها بأية حقوق إنسانية، ووقوعها على الرغم منها فى حب شاب فتن بها وأخذ يتبعها حتى رضيت برفقته خلسة، وتفاقم شعورها بالذنب عندما مرض ابنها «يحيى» واختطفه الموت فتصورت أن هذه عقوبة إلهية على إثمها، ولم تعوضها الطفلة التى رزقت بها بعد ذلك، ولازمها سوء المصير عندما اكتشف زوجها علاقتها بالشاب فأنذرها بقتلهما معا، ولم تجد مفرا من الهرب مع طفلتها، وما تعانيه من عذابات فى سبيل تدبير حياتهما، حتى تنصحها إحدى النساء بأن تلجأ إلى زواج المتعة الذى يسمى بالفارسية «سيغيه» وهو زواج مؤقت ينتهى فى زمن محدد، ولا يشترط له شهود ولا تترتب عليه أية مسؤوليات، وتحكى «نيلوفر» تجربتها فيه بالتفصيل، محاولة تبريره واختلافه عن البغاء وإن كان كل منهما تجارة بجسد المرأة وإهانة لأنوثتها، لكنه يحفظ للمرأة هامشا من الحرية لا تجده فى الزواج التقليدى الدائم، وهنا تصل الكاتبة إلى الدلالة المحورية عندها وهى أن «جسد المرأة ليس عورة ولا سلعة، يتاجر بها الرجال، بل هو كرامة وحرية، وعلى الرجال أن يتعلموا احترامه فى بلادنا». ويكون تلقى «نيلوفر» هدية ثمينة من صديقة أمها القديمة «إيران» تتمثل فى حديقة غناء تكتشف فى باطنها أطلال قعلة «يحيى بخشنجى»، وخروجها فى مظاهرة نسائية هو نقطة الختام للقصتين المدمجتين فى كيان سردى واحد تشع دلالات كل طرف على الآخر، ويخلص القارئ منهما إلى بؤرة جامعة لأهمية الحرية ورفض الهيمنة ورفض التضليل الدينى للجماعات المتأسلمة.
 


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.