انطلقت، أمس، فعاليات الاجتماع الوزارى الثالث لمنتدى غاز شرق المتوسط الذى تستضيفه القاهرة، برئاسة طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، ومشاركة كل من وزير الطاقة والتجارة والصناعة القبرصى، ووزيرالبيئة والطاقة اليونانى، ووزير الطاقة الإسرائيلى، ووكيل وزارة التنمية الاقتصادية فى إيطاليا، ومستشار الرئيس الفلسطينى للشؤون الاقتصادية، وممثل وزارة الطاقة الأردنية، ونائب مساعد وزير الطاقة الأمريكى، ورئيس القطاعات الاستراتيجية لأوروبا والشؤون الخارجية بوزارة الخارجية الفرنسية، إلى جانب سفير الاتحاد الأوروبى لدى القاهرة، وممثل البنك الدولى. وقال «الملا» إن دول منتدى غاز شرق المتوسط يقع على عاتقها مسؤولية التعاون للتغلّب على التحديات الواسعة والتغيّرات الهائلة بالمنطقة، والتى أفرزت مصاعب جيوسياسية واقتصادية، ما يهدف إلى الاستمرار فى تنمية الموارد الطبيعية بالمنطقة من خلال تضافر الجهود بين الدول المشاركة، لتحقيق الرفاهية لشعوبها، وهو ما يمثل هدفًا رئيسيًا للمنتدى، لافتًا إلى أن المنتدى يساهم فى تخفيف التوترات السياسية وتعزيز السلام والاستقرار من خلال نموذج ناجح للتعاون الاقتصادى والإقليمى والتكامل بين دول المنتدى، بما يثبت للمنطقة وللعالم أجمع أن التعاون هو الوسيلة الأساسية لجنى الفوائد للشعوب. وأضاف «الملا» أن دول المنتدى تمكّنت من تنفيذ خارطة طريق واضحة تم وضعها منذ بداية اجتماعاته، بما ساهم فى الانتهاء من الإطار التأسيسى له واعتماده فى اجتماع أمس، إيذانًا بالتأسيس الرسمى، ونوه بأن الدول المشاركة بدأت فعليًا فى أنشطة المنتدى، بالتوازى مع إجراءات التأسيس، سعيًا لبلوغ طموحاتها لتنمية واستغلال موارد الغاز بالمنطقة، وأردف: «تم أيضًا تأسيس اللجنة الاستشارية لصناعة الغاز (GIAC) المنبثقة من المنتدى فى نوفمبر الماضى، كمنصة دائمة تتيح الفرصة للقطاع الخاص للمشاركة بالآراء والدراسات التى تعزز التعاون وتساعد فى تحقيق أهدافه»، مشيرًا إلى أنه سيطلب إضافة مجالات الحفاظ على البيئة فى دراسات البنك الدولى التى يعدها للمنتدى، وكذلك استشراف استخدامات الطاقات المتجددة، بالإضافة إلى الهيدروجين. وخلال الاجتماع، طلبت فرنسا رسميًا الانضمام إلى عضوية المنتدى، كما أعرب نائب مساعد وزير الطاقة الأمريكى عن رغبة بلاده أيضًا فى الانضمام كمراقب بصفة دائمة، وهو ما رحب به «الملا»، مؤكدًا أنه سيتم إقرار ذلك من الأعضاء المؤسسين، وفقًا للنظام الأساسى للمنتدى. وأوضح وزير الطاقة القبرصى، يورجوس لاكوتريبس، أن نجاح المنتدى يعد دليلًا قويًا على الرؤية المشتركة للأعضاء المؤسسين لتعزيز الرخاء والاستقرار بشرق المتوسط، خاصة بعد التداعيات الأخيرة بالمنطقة، كما أن توقيع مذكرة التفاهم بين تركيا وليبيا يعد دليلًا على استراتيجية تركيا لانتهاك القوانين الدولية، لذا فإن الهدف الأساسى لإنشاء المنتدى هو السيطرة الكاملة على الموارد الغازية والتعاون لمصلحة الشعوب، وفق قواعد تحترم حقوق الأعضاء. وأشاد وزير الطاقة والبيئة اليونانى، كوستيس هاتزيداكيس، بالعمل على تحويل المنتدى إلى منظمة دولية لها هيكل متكامل يحقق مصالح أعضائه فى استغلال مواردهم الطبيعية، وأكد التزام الأعضاء بحل أى خلافات قد تطرأ من خلال القانون الدولى والجلوس على مائدة الحوار، مستدركًا: «هذه الرسالة يجب أن تصل إلى الأتراك كى يتم توسعة هذا التعاون لتنضم تركيا بشرط مسبق هو احترامها القانون الدولى وليس العمل من طرف واحد وبشكل غير مشروع فى المنطقة الاقتصادية لقبرص، والاتفاق الذى تم توقيعه بين ليبيا وتركيا هو اتفاق بين دولتين لا يربطهما حدود مشتركة، ويرغبان فى رسم الحدود فى غياب الأطراف الأخرى». وأثنى «هاتزيداكيس» على التعاون مع الاتحاد الأوروبى، الذى يجب أن يستمر ويزداد لصالح المنطقة، مشددًا على التزام اليونان بالخطة الطموح للاتحاد، بهدف خفض الانبعاثات وتقليل نسبة الكربون باستخدام الغاز والطاقة المتجددة، إذ إن هناك تطورات إيجابية للدول الأعضاء بالمنتدى فى مجال البيئة والحفاظ عليها، ليأخذ فى اعتباره الطاقات المتجددة إلى جوار الغاز وعلى رأسها الهيدروجين كوقود المستقبل. وقال وزير الطاقة الإسرائيلى، الدكتور يوفال شتاينز، إن الهدف الأساسى من المنتدى هو تقديم منصة ومظلة للتعاون البناء والحوار بين الدول الأعضاء، كما أن بدء ضخ الغاز الطبيعى من إسرائيل لمصر يعزز التعاون بين البلدين ويدعم الموقف المصرى كمركز إقليمى لتداول وتجارة الغاز، ولفت إلى أن البحر المتوسط ملك للجميع، ولا تستطيع دولة امتلاكه أو إعاقة عمليات الشحن وانتقال الغاز من شرق المتوسط لأوروبا، موضحًا أن ذلك هو الرد على تساؤل عن التصرف فى حالة قيام تركيا بإعاقة الطريق فى البحر المتوسط، خاصة أن المنطقة الاقتصادية ليست منطقة دولية ولا تستطيع أى دولة فرض سيطرتها عليها، معبرًا عن أمله فى أن يتم تطوير حقل «غزة مارينا» الفلسطينى خلال العام الحالى، وأن يساهم ويساعد المنتدى رغم الخلافات السياسية فى تنمية الحقل لصالح شعب فلسطين. ووجّه الدكتور محمد مصطفى، مستشار الرئيس الفلسطينى للشؤون الاقتصادية - نيابة عن الرئيس محمود عباس أبومازن- الشكر والتقدير للرئيس عبدالفتاح السيسى لدعمه ومتابعته للمنتدى، ونوه بأن شرق المتوسط شهد بعد اكتشاف الغاز الطبيعى تحولات اقتصادية كبيرة تحتّم تضافر الجهود للمساهمة فى تحقيق الرخاء لشعوب المنطقة، مؤكدًا على أهمية تنمية حقل الغاز الفلسطينى، رغم التحديات التى تواجه ذلك. وعلى هامش المنتدى، عقد «الملا»، مباحثات ثنائية مع كل «لاكوتريبس» و«هاتزيداكيس»، لبحث التعاون الإقليمى فى مجال الغاز بمنطقة شرق المتوسط والتطورات التى تشهدها المنطقة وتعزيز الروابط المشتركة بين مصر وقبرص واليونان فى مجال البترول. وخلال اللقاء مع «لاكوتريبس»، تم استعراض الجهود المشتركة لدفع التعاون الثنائى فى مجال الغاز فى شرق المتوسط، والموقف التنفيذى لتنمية حقل «أفروديت» القبرصى بالبحر المتوسط، وخطوات تفعيل الاتفاق الحكومى المشترك لإنشاء خط أنابيب مباشر لنقل الغاز القبرصى إلى مصنع «إدكو» فى مصر، لإسالة الغاز الطبيعى. كما تم استعراض سبل جذب استثمارات الشركات اليونانية فى أنشطة البحث والاستكشاف فى مصر مع «هاتزيداكيس»، والفرص المتاحة للاستثمار فى مختلف مجالات قطاع البترول بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين.