لم تكن أفضل نجاحات مصر فى قطاع البترول عام 2018 زيادة إنتاج حقول الغاز المختلفة وأهمها حقل ظهر وهو الاكبر على مستوى البحر المتوسط حتى الآن فحسب، ولكن كان الاهم هو تحقيق الاكتفاء الذاتى من إنتاج الغاز فى أكتوبر الماضى ليتجاوز الانتاج ال6 مليارات قدم مكعب يوميا وبالتالى التوقف عن الاستيراد ما ساهم فى تحقيق وفر يصل إلى 27 مليار جنيه على موازنة الدولة لتحمل 2019 بشائر تحول مصر إلى مصدر للغاز. ويأتى تحقيق الاكتفاء الذاتى الخطوة الاولى نحو التصدير ولكن ليس من خلال تصدير الغاز الطبيعى كخام ولكن استخدام وتشغيل محطتى الإسالة فى إدكو ودمياط والتوسع فى الصناعات البتروكيماوية من أجل تحقيق قيمة مضافة، وكان تم البدء فى عدد من المشروعات فى البتروكيماويات باستثمارات بلغت نحو 1.5 مليار دولار، لزيادة الصادرات والتوسع فى توصيل الغاز للمنازل. وشهد إنتاج الغاز طفرات على مدى عام 2018 حيث بدأ إنتاج حقل ظهر بنحو 350 مليون قدم مكعب يوميا ليتضاعف نحو 6 مرات ويصل لنحو 2 مليار قدم مكعب يوميا ليصل الحقل إلى ذروة إنتاجه فى نهاية 2019 ليحقق نحو 3 مليارات قدم مكعب يوميا، فيما بدأت حقول شمال الإسكندرية وغرب الدلتا فى الانتاج ليصل حاليا لنحو 700 مليون قدم يوميا ليصل إجمالى إنتاج مصر حاليا نحو 6.5 مليار قدم مكعب يوميا. من جانبه قال الدكتور جمال القليوبى، أستاذ الطاقة بالجامعة الامريكية، إن مصر حققت الاكتفاء الذاتى نهاية عام 2018 بعد دخول المرحلة الثانية من حقل ظهر فضلا عن زيادة الانتاج من حقول غرب الإسكندرية، متوقعا أن يصل الانتاج لنحو 7.1 مليار قدم مكعب لتتجاوز مصر حجم الاستهلاك وتحقق فائضا لاول مرة، مشيرا إلى أنه سيتم التوسع فى عمليات توصيل الغاز الطبيعى للمنازل لتصل نسبة التغطية لنحو 83 % لتقليص الاعتماد على البوتاجاز. ولفت إلى أن الدولة لديها خطة واضحة لإقامة مجمعين للبتروكيماويات الاول فى العين السخنة ويبدأ إنتاجه فى الربع الاول من 2020، والثانى فى العلمين ليتضاعف إنتاج مصر من المواد البتروكيماوية ليصل لنحو 13 مليون طن مقابل نحو 4.5 مليون طن حاليا، حيث من المتوقع أن تحقق عائدات تصل لقيمة تتراوح بين 4.5 و5 مليار دولار سنويا. وقال عمر الكومى، الخبير فى مجال الغاز، إن الخطوة التالية بعد تحقيق الاكتفاء الذاتى هى تصدير الغاز المسال من خلال إعادة تشغيل محطتى إدكو ودمياط وتحقيق قيمة مضافة، وأشار إلى أن إنتاج الطاقة لمحطة الإسالة فى دمياط يصل لنحو 5 ملايين طن غاز مسال سنويا فيما تصل الطاقة الخاصة بخطى محطة إدكو لنحو 7.2 مليون طن سنويا. وأوضح أن مصر لديها قدرات إنتاجية جديدة من حقول جيزة وفيوم وريفين، وبالتالى هناك زيادة متوقعة فى الغاز الطبيعى سيتم توجيهها إلى الإسالة بهدف التصدير إلى السوق الأوروبية. وفيما يتعلق باستيراد الغاز من دول الجوار قال الكومى: «بعد صدور قانون تداول الغاز أصبحت الأرض مهيأة لحرية تداول الغاز وإن كان تنفيذ الاتفاق الخاص باستيراد الغاز من قبرص يحتاج إلى استكمال خط الربط بين الحقول فى قبرص والسواحل المصرية أولا وهو ما يحتاج إلى بعض الوقت». وعن الاستيراد من إسرائيل أوضح أنه جار حاليا تعديل خط شرق المتوسط لاستخدامه فى نقل الغاز من إسرائيل إلى مصر بعكس ما كان يحدث فى الماضى ليكون متاحا ضخ الغاز من خلاله للدخول إلى الشبكة المحلية للغاز الطبيعى، وأكد أن استيراد الغاز من إسرائيل هدفه تحقيق قيمة مضافة وخلق فرص عمل والتوسع فى عمليات التصدير ما ينعكس إيجابا على الاقتصاد المحلى.
