أعلن الدكتور خالد العناني، وزير الآثار، عن نجاح البعثة الأثرية المصرية-الألمانية التابعة لجامعة توبنجن، في الكشف عن ورشة كاملة للتحنيط ملحق بها حجرات للدفن، ومومياوات تعود إلى عصر الأسرتين ال26 وال27 (664- 404 ق.م)، وذلك أثناء أعمال المسح الأثري بمنطقة مقابر العصر الصاوي، بمنطقة سقارة الأثرية بالجيزة. واعتبر «العناني»، خلال مؤتمر صحفي عالمي عقد بجبانة سقارة صباح السبت، أن هذا الكشف يعد بداية كشف، واصفا هذا المنطقة الأثرية ب«الواعدة». وأكد أن الكشف الجديد يعد اكتشافا عالميا لأنه مرتبط بالتحنيط والطرق والورش والأدوات التي كانت تستخدم في التحنيط، مشيرا إلى أن 25 أثريا مصريا و10 أجانب هم القائمين على هذا الكشف. وأوضح «العناني» أن الاكتشافات الأولية تؤكد أن هذه المنطقة هي منطقة سياحية واعدة، ومن المتوقع أن يتم عمل مواسم خلال الفترة المقبلة بها. وأضاف أنه تم العثور حتى الآن على 5 توابيت حجرية، واكتشاف 35 مومياء على مستويات مختلفة، فضلا عن العثور على بعض الأدوات الجنائزية والأواني والفخار المستخدمة في التحنيط. وتابع الوزير أن البعثة عثرت أيضا على قناع مومياء مذهب ومطعم بأحجار نصف كريمة كان يغطي وجه أحد المومياوات الموجودة بأحد حجرات الدفن الملحقة، بالإضافة إلى 3 مومياوات، ومجموعة من الأواني الكانوبية المصنوعة من الكالسيت (الألباستر المصري) وعدد من تماثيل الأوشابتي المصنوعة من الفاينس الأزرق وأواني لزيوت التحنيط مكتوب عليها باللغة المصرية القديمة. ومن جانبه، قال الدكتور رمضان بدري حسين، رئيس البعثة والأستاذ والباحث في الآثار المصرية بجامعة توبنجن: «القراءات المبدئية للكتابات المتهالكة على القناع توضح أنه يخص كاهنا من العصر الصاوي، ومن بين ألقابه الكاهن الثاني للإلهة موت، وكاهن الإلهة نيوت شا إس، وهي إلهة على هيئة ثعبان وذات صلة عقائدية بالإلهة موت». وأضاف: «يوجد على القناع طبقة من الاتساخات والتكلسات وبعد الفحص المبدئي له ميكروسكوبيا اتضح أن القناع مصنوع من الفضة المغطاة بطبقة من الذهب، وعيناه مطعمة بحجر أسود، أو عقيق أسود، ورخام مصري، وأوبسيديان (زجاج بركاني)، وتبلغ مقاساته حوالي 23× 18.5 سنتيمتر، ووزنه قبل تنظيف العوالق 267.96 جرام. وتعكف البعثة الآن على إعداد مشروع بحثي وترميمي للقناع». وأشار «حسين» إلى أن الورشة ذات تخطيط معماري مستطيل ومدخل في الركن الجنوبي الغربي، ومشيدة من الطوب اللبن وأحجار جيرية غير منتظمة الشكل، وتشمل مباني الورشة بئر خبيئة التحنيط، بعمق 13 مترا وينتهي بحجرة أسفل الأرض، وضع فيها أوانٍ فخارية مدون عليها بالخط الهيراطيقي والديموطيقي أسماء لمواد وزيوت التحنيط، كما تضم الورشة أيضا حوضين محاطين بجدران من الطوب اللبن، أغلب الظن أن أحدهما خصصت لوضع ملح النطرون والآخر لإعداد لفائف المومياء الكتانية. وأوضح أن من أهم عناصر ورشة التحنيط البئر المعروف اصطلاحًا ب K24، ويقع في منتصف ورشة التحنيط، وتبلغ أبعاده حوالي3 متر× 3.50متر، ويصل لعمق 30 متر. وهو بئر ذو طبيعة خاصة، حيث يشمل على عدة حجرات دفن منقورة في الصخر على أعماق متباعدة، بالإضافة إلى مومياوات وجدت في منتصفة. ولفت إلى أن بعثة جامعة توبنجن نفذت أعمال الترميم الدقيق لنقوش حجرات الدفن الخاصة «بادي إن است»، مدير مخازن القصر الملكي، وبسمتك، كبير الأطباء، وآمون تف نخت، قائد فرق المستجدين بالجيش المصري، كما شملت أعمال البعثة أيضا التسجيل ثلاثي الأبعاد بالليزر لهذه النقوش. وقال «حسين»: «أولت البعثة جانبا كبيرا من أعمال التسجيل ثلاثي الأبعاد لحجرة الدفن الشمالية الثانية الواقعة على عمق حوالي 30 متر وتشمل مدخلًا في الشمال بعرض حوالي 2 متر يؤدي إلى صالتين صغيرتين، تبلغ أبعاد الصالة الأولى 4 م×2 متر، أما الصالة الثانية فهي 2.85 متر×2.87 متر. ويقع على جانبي الصالتين حجرات دفن منقورة في الصخر». وأضاف: «اشتملت الصالة الأولى على حجرة دفن بالناحية الغربية عُثر على سدتها كاملة، وبداخلها ثلاث مومياوات في حالة غير جيدة من الحفظ مستلقاه على الناحية الغربية لتابوت حجري كبير غير منقوش وبجوانب غير مستوية. وتوجد مومياء أخرى خلف التابوت من الجهة الشمالية بحالة أسوأ من الثلاثة السابق ذكرهم. كما عُثر على عدة تماثيل من الاوشابتي غير جيدة الصنع، وجدوا في أربعة تجمعات بالحجرة على طول الناحية الشمالية». وتابع أن من أهم مقتنيات هذه الحجرة ما يخص المومياء الوسطى المستلقاه فوق التابوت الحجري، حيث عُثر على القناع مثبتًا على لفائف الكتان الخاصة بالوجه ومن أعلاه التابوت الخشبي الذي تحلل تماما، هذا إلى جانب عدة كسرات لطبقة الملاط الملون الذي كان يكسو التابوت الخشبي. وقامت البعثة أيضا بأعمال التوثيق الفوتوغرافي للقناع وانتشاله وتغليفه بمعرفة مرممي البعثة.
