لا يختلف اثنان على أن الدكتورة لوتس عبدالكريم هى صاحبة آخر صالون ثقافى واجتماعى وأيضاً سياسى، محترم.. وهى بذلك تنافس كثيرين من أصحاب الصالونات العظيمة، أيام زمان.. أما أصحاب الصالونات هذه الأيام فهم- وهن- أبعد ما يكونون عن الثقافة!!، ولذلك أضع الدكتورة لوتس فى نفس مرتبة أديبات العرب، القدامى، من أيام مى زيادة، والأميرة نازلى فاضل.. وأيضاً بنت الشاطئ، وسبحان الله، فهى وبنت الشاطئ من أبناء وبنات الشواطئ الذين عشقوا البحر، ونحن أيضاً نطلق على النيل.. البحر، أو بحر النيل. وتجمعنى والدكتورة لوتس عوامل ربط عديدة.. فهى تعشق الإسكندرية بحكم مولدها، ولكن صيفاً.. وأنا أعشق الإسكندرية ولكن شتاءً، ثم هى تعشق معبد العلم الذى تربت فيه- هذا المبنى الأحمر الرائع- على شاطئ بحر الإسكندرية عند الشاطبى، حيث مقر جامعة فاروق الأول- الإسكندرية الآن- وهو نفس المبنى الذى أعشقه أيضاً، وأعتبر أننى وصلت للإسكندرية قادماً من الطريق الصحراوى.. بمجرد أن أصل إلى هذا المبنى الرائع.. ذى التاريخ الرائع تماماً، كما أعشق أيضاً مدرستى فى دمياط، وأراها نموذجاً للمدرسة النموذجية فى تاريخ التعليم المصرى.. ثم يربطنى بالدكتورة لوتس عشقها للصحافة والكتابة وارتباطها الثقافى بالراحل المبدع أحمد بهاء الدين.. الذى عملت تحت رئاسته فى «أخبار اليوم» لفترة طويلة. وصالون د. لوتس يتنوع!!، سواء صالونها الغذائى الرائع فى بيتها على نيل المعادى- غير بعيد عن مسيرة العائلة المقدسة- أو فى صالونها الثقافى «الشموع»، ولاحظوا معنى الاسم.. وثالثاً من علاقاتها بنجوم مصر وشموعها الذين أعرف أنا- أيضاً- الكثير منهم ومنهن.. كما أعرف عن قرب واحداً من أشهر وزراء وخبراء البترول العربى والعالمى، عبدالرحمن سالم العتيقى، الذى ظل وزيراً للبترول والمالية معاً، سنوات طويلة فى الكويت. إذن هى روابط عميقة.. ولكن أكثرها هو عشقها لهذا النيل.. فهى تسكن الآن- ليس فقط وفى وجدان كل المصريين- حتى قبل أن تختار إقامتها الحالية على ضفاف هذا النيل العظيم.. إذ إننى أيضاً سكنت على شط هذا النيل فى دمياط، حيث بيت جدى لوالدتى.. واسمها بالمناسبة «فريدة»، وهذا رابط آخر.. فأمى «فريدة»، والدكتورة لوتس فى مقدمة مَن عرفت وصادقت ملكة القلوب.. الملكة فريدة، وأصدرت عنها عدة كتب، هى- مع لوحات الملكة- آخر ما يُذكِّرنا بملكة القلوب، التى رفضت عرش مصر، وهى أيضاً ساخطة على الإهمال الذى أصاب معشوقتها الإسكندرية، حتى فقدت- هى أيضاً- عرشها بعد أن كانت أجمل مدن البحر المتوسط. ■ ■ المهم أرسلت لى الدكتورة لوتس آخر كتبها- حتى الآن- وعنوانه «سيرتى.. وأسرارهم»، الصادر عن الدار المصرية اللبنانية، التى أصدرت العديد من مؤلفاتى.. شفتم الصدف؟!، وهذا الكتاب كعادة المؤلفة والدار معاً لوحة، أو عدة لوحات جمعت فيه، وكشفت الكثير من علاقاتها بتلك الكوكبة التى ملأت حياة مصر والعرب.. والعالم أيضاً، ومزجت الدكتورة لوتس- فيما كتبت- بين سيرتها الذاتية وأسرار كل هذه الشخصيات.. وذلك عبر 335 صفحة فاخرة- فى المعنى والمبنى- وعامرة بالصور الفوتوغرافية والصور الكلامية. ■ ■ ورغم أننى أعرف الكثير عن الشخصيات التى تناولتها آخر أديبات مصر الآن، فإنها أضافت لى الكثير.. وربما أختلف معها حول ما كتبته عن خالها، وزير مالية حكومة الوفد، أمين باشا عثمان، وإن كنت أعتقد أننا بارعون فى تحطيم الناس، سلباً وإيجاباً. ■ ■ واختلافى معها هو رائعة أم كلثوم، أغنيتها التى مطلعها «والموجة بتجرى ورا الموجة» التى كتبها شاعرنا وهو على شط رأس البر، ووقف حائراً عن باقى الشطرة. ومر بجوارها الشاعر الدمياطى طاهر أبوفاشا، فاستنجد به شاعر أم كلثوم وسأله: «الموجة بتعمل إيه يا طاهر؟» فرد فوراً: «عايزة تطولها!!»، ونرجوكِ يا دكتورة لا تحرمينا من مثل هذه الأسرار، التى هى من أروع ما كتبتِ وكشفتِ.
