تُعد الصناديق الاستثمارية السيادية أحد الأدوات الاقتصادية الجديدة التى نشأت فى القرن العشرين، وتقوم فكرة هذه الصناديق على استثمار الفوائض المالية لبعض الدول لتحقيق عوائد مالية مرتفعة تحافظ على قيمة النقود عبر الزمن من التآكل نتيجة معدلات التضخم. وتتبع هذه الصناديق الحكومات وتتجه للاستثمار فى داخل الدول وخارجها، لاقتناص فرص مربحة تساهم فى تعظيم العوائد. ويعتبر «البترول» هو المصدر الأول للفوائض المالية التى يتم استثمارها فى هذه الصناديق، لذلك تعتبر الدول النفطية هى صاحبة الحصة الأكبر فى عدد وحجم الصناديق السيادية حول العالم. وتجتهد الدول المختلفة فى تقديم حوافزها الاستثمارية وترويجها تمهيداً لجذب استثمارات هذه الصناديق التى تتخطى رؤوس أموالها مئات المليارات من الدولارات، وبالتالى تعد مؤهلة لتمويل التنمية فى مختلف الدول النامية والصاعدة. وشهدت الصناديق السيادية فى الآونة الأخيرة حالة من الرواج، حيث تمكنت من امتلاك حصص ملكية كبيرة فى كبرى الشركات العالمية وأبرزها «Apple» و«Nestlé» و«Microsoft» و«Amazon» و«Facebook» و«Shell» و«Citigroup»، وجاء ذلك مدعوماً بحجم الأصول المالية الضخم لهذه الصناديق والذى تخطى حاجز 7.1 تريليون دولار بنهاية 2017. كما تتجه هذه الصناديق للاستثمار الآمن للحفاظ على ممتلكات التى تتبعها، فتتنوع استثماراتها بين أسهم أقوى بورصات العالم مثل بورصة طوكيو التى تمثل موجودات الصناديق السيادية بها نحو 42% من القيم المتداولة، وبورصة نيويورك ب 12% من القيم المتداولة فيها، وذلك وفقا لما ذكرته مؤسسة ستاندرد تشارترد البريطانية، بالإضافة إلى الاستثمار فى الدخول الثابتة مثل السندات، والاستثمارات البديلة مثل العقارات والبنية التحتية، مما يساهم فى تنوع المحفظة الاستثمارية وبالتالى على خفض معدل الخطر. ويرى كثير من الخبراء أن فرصة الاقتصاد المصرى فى جذب استثمارات هذه الصناديق باتت أكبر بعد تنفيذ برنامج ناجح للإصلاح الاقتصادى والهيكلى، وتطوير سوق المال وتنفيذ خطة للطروحات الحكومية بالبورصة ستساهم فى تعدد الفرص وتعظيم السيولة. وكان الرئيس عبد الفتاح السيسى قد أكد خلال جلسة «المشروعات القومية» بمؤتمر «حكاية وطن» الذى عُقد منتصف الشهر الجارى على وجود توجه لدى الدولة للتعاون مع الصناديق السيادية وذلك خلال رده على تساؤل دينا عبد الفتاح رئيس ومؤسس «منتدى الخمسين» الذى يضم السيدات الأكثر تأثيراً فى الاقتصاد المصرى. وكشف الرئيس أن السبب وراء عدم توجه مصر خلال الفترة الماضية للاستفادة من استثمارات هذه الصناديق هو عامل الوقت، حيث تحتاج الصناديق السيادية وقتاً طويل نسبياً لإتخاذ القرارات الاستثمارية وتنفيذها، بينما كانت الدولة فى حاجة لمعدلات إنجاز أسرع خلال الفترة الماضية. أكبر 10 صناديق فى العالم.. حضور قوى للعرب والإمارات فى المرتبة الثانية وصل عدد الصناديق السيادية الاستثمارية حول العالم إلى 73 صندوقاً مملوكاً ل 46 دولة، تتركز استثماراتها فى عدد من القطاعات الرئيسية منها النفط والغاز بما يقرب من 4.042 تريليون دولار، وفقا لتقرير مؤسسة صناديق الثروة السيادية. يليه الاستثمار فى البنية التحتية، ثم الاستثمار فى كل من الأسهم وأدوات الدخل الثابت كالسندات، بالإضافة إلى الاستثمارات البديلة وأبرزها العقارات والاستثمارات فى القطاع التكنولوجى. وتتصدر آسيا الأقاليم المستحوذة على أصول الصناديق السيادية بنحو 2.746 تريليون دولار، ويليها الشرق الأوسط ليجذب حجم أصول يقدر ب1.977 تريليون دولار، ثم أوروبا بنحو 1.040 تريليون دولار، وأميركا الشمالية ب 219 مليار دولار، وتستحوذ إفريقيا على 150 مليار دولار من إجمالى أصول الصناديق السيادية، وأستراليا ب 104 مليار دولار، وأخيرا أميركا الجنوبية بمبلغ يقدر بنحو 72 مليار دولار. وتدخل مصر ضمن قائمة الدول المستثمر فيها من قبل أكبرصندوق سيادى فى العالم، من خلال الاستثمار فى أسهم 41 شركة أبرزهم المصرية للاتصالات وحديد عز وعبور لاند وايديتا والسويدى إلكتريك، ونعرض فيما يلى نبذة عن أكبر عشر صناديق استثمارية سيادية فى العالم: الكويت صاحبة التجربة الأولى يرجع تاريخ نشأة هذا النوع من الصناديق إلى بداية خمسينيات القرن الماضى تحديداً عام 1953، وذلك فى ظل توجه دولة الكويت العربية للاستثمار فى عوائد البترول الفائضة لتأمين احطياتى بديل للنفط الذى يُعد مصدر غير متجدد وقابل للنفاذ سعياً من الحكومة للحفاظ على مقدرات وحقوق الأجيال القادمة، وفى هذا الصدد قامت الحكومة الكويتية بانشاء أول صندوق استثمار سيادى فى العالم لتكون البداية عربية.