اتفق المشاركون فى مؤتمر «مستقبل الديمقراطية فى مصر» الذى ينظمه التحالف المصرى الأمريكى بنيويورك، فى يومه الثانى، على أن الوضع السياسى فى مصر دخل «مرحلة الغليان»، محذرين من «انفجار» الأوضاع فى البلاد بسبب ما اعتبروه «تجميد الديمقراطية» و«تدمير كل أشكال الحريات» وإصرار الحكومة على تمديد العمل بقانون الطوارئ. ووصف الدكتور يحيى الجمل، الفقيه الدستورى، قرار الحكومة تمديد العمل بقانون الطوارئ بأنه «مثير للضحك والسخرية»، لافتاً إلى أن القانون الطبيعى وضع العقوبة القصوى لمن يجلب المخدرات إلى البلاد وهى الإعدام شنقاً، وبالتالى لا يحتاج تجار المخدرات لقانون الطوارئ الذى تقرر قصر تطبيقه على تجار المخدرات والإرهابيين، فضلاً عن أن وصف الشخص الإرهابى وصف «مطاط» ويمكن للحكومة تفسير نظرة مواطن يسير فى الشارع لأى فرد أمنى على أنها عمل إرهابى. وقال الجمل إن الغرض الأساسى من كل دساتير العالم هو أن تكفل الحريات الشخصية للمواطنين والشعوب، لكن الدستور المصرى «يفعل العكس تماماً»، لافتاً إلى أن المحكمة الدستورية كان لها قوة كبيرة ودور إيجابى فى مصر، خاصة فى مرحلتى الثمانينيات والتسعينيات، حيث لعبت دورا كبيرا فى الدفاع عن الحقوق الفردية «إلا أن وضعها بدأ فى التدهور منذ عام 2000». وأضاف الجمل أنه تقدم بمشروع قانون إلى مجلس الشعب بأن تُعتبر جميع الأديان السماوية أساساً للتشريع، مشيراً إلى أن التعديل الذى أُدخل على دستور 71 فى عهد الرئيس فى المادة الثانية الخاصة بأن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، «أراد به النظام مغازلة الشعب ودغدغة عواطف الناس». ورفض الدكتور أسامة الغزالى حرب، رئيس حزب الجبهة الديمقراطية، اتهام المصريين المقيمين أو العاملين فى الخارج ب«العمالة» أو الإضرار بالمصلحة العامة للبلد، لافتاً إلى أن المصريين فى الخارج ومنظماتهم لهم دور كبير فى دعم التحول الديمقراطى. وأكد الغزالى أن هناك عاملين سيؤثران بالفعل على مستقبل مصر والتحول الديمقراطى فى الفترة المقبلة، الأول هو التطورات الصحية للرئيس مبارك، والثانى هو عودة الدكتور محمد البرادعى، وتلميحه إلى إمكانية ترشحه للرئاسة. من جانبه، قال الدكتور جودة عبد الخالق، القيادى بحزب «التجمع» أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، إن مصر عاشت 50 عاماً من «الديمقراطية المجمدة»، لافتاً إلى أن مصر وكوريا الجنوبية كانتا متساويتين من حيث معدلات النمو فى الخمسينيات، أما الآن فأصبح متوسط دخل الفرد فى كوريا الجنوبية 28 ألف دولار سنوياً، مقارنة ب6 آلاف جنيه فى مصر. وأوضح عبدالخالق أن جميع دول العالم تطبق نظرية أن التحرير الاقتصادى يؤدى إلى تحرير سياسى، إلا أن مصر تشهد تحريراً اقتصادياً دون أن ينعكس ذلك على السياسة، متهماً النظام المصرى بأنه يعانى من «أزمة فى الشرعية» بسبب عدم قدرته على تنفيذ الوعود التى يطرحها. وأكد الدكتور حسن نافعة، منسق الجمعية الوطنية من أجل التغيير، أن النظام السياسى فى مصر لم يتغير منذ الثورة وحتى الآن، وإن كانت هناك فترات تغير من الناحية الاقتصادية، مشيراً إلى أن عهد الرئيس مبارك بدأ بعد اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات فى ظل وجود حشد ودعم داخلى للرئيس الجديد استمر عقداً من الزمن، خاصة أن مبارك «كان وعد بألا تطول فترة رئاسته، ووصف عهده بأنه قصير، عملاً بمقولة (الكفن ملوش جيوب)، إلا أن (الكفن طال)». وقال نافعة أن القوة المضادة للديمقراطية فى مصر حالياً، هى الطبقة العليا ذات النفوذ والقريبة من الرئيس، معتبراً أن أفراد هذه الطبقة «لا يشجعون وجود الديمقراطية حتى لا تتعارض مع مصالحهم». فى سياق متصل، حضر الدكتور سعدالدين إبراهيم، رئيس مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، المؤتمر دون أن يشارك بإلقاء أى كلمة أو مداخلة فى المحاضرات، وعلمت «المصرى اليوم» أن عدداً من أعضاء الوفد المصرى الذين قدموا من القاهرة اجتمعوا بإبراهيم فور وصوله من المطار، لإقناعه بعدم الحضور، حتى لا يعتقد البعض أن له علاقة بتنظيم المؤتمر مما يضعهم فى حرج أمام الرأى العام ووسائل الإعلام، وبالفعل قبل سعد الدين النصيحة إلا أنه فاجأهم بحضور المؤتمر ومصافحة الجميع. من جانبه، قال الدكتور سعدالدين إبراهيم ل«المصرى اليوم» إن إدارة المؤتمر قدمت له دعوة رسمية للحضور وأعطته استمارة بيانات لكى يملأها، ثم أنكرت قيامها بدعوته، مضيفاً: «لا أحد يستطيع منعى من حضور أى محفل أو مؤتمر يُعقد لصالح المصريين».