أبرز حالات إخلاء سبيل متهم وظهور أدلة تلغي القرار    أحمد موسى يكشف موعد الإعلان عن الحكومة الجديدة -(فيديو)    افتتاح مركز ثقافي شامل بمقر كنيسة القيامة بالمنيا الجديدة    وزير الآثار يهنئ الأعضاء الفائزين في انتخابات مجلس اتحاد الغرف السياحية    خبير اقتصادي: الحزمة الأوروبية لدعم مصر تقدر ب57 مليار دولار    "الوزراء" يسلط الضوء على أهمية منطقة القرن الإفريقي من الناحية الجيو-استراتيجية    هافيرتز يضع ألمانيا بالمقدمة أمام الدنمارك في يورو 2024 (فيديو)    إصابة 18 عاملاً في حادث انقلاب سيارة بالمنيا    قرار جديد بدعوى إثبات نسب طفل للاعب الكرة إسلام جابر    أخبار الفن: محمد رمضان يعتذر عن إحياء مهرجان موازين وملك المغرب يرفض.. استمرار تراشق الاتهامات بين شيرين وشقيقها.. وخالد النبوي يتحدث عن فيلم "أهل الكهف"    هيئة الدواء تصدر ضوابط لصرف المضادات الحيوية بالصيدليات    منتخب ألمانيا يضيف الثاني في شباك الدنمارك عبر جمال موسيالا.. فيديو    مصرع طفلين في انهيار بئر صرف صحي بأسيوط    انتخابات موريتانيا.. نسبة المشاركة تصل إلى 40%    محمد فايز فرحات: يجب أن تتراجع الصراعات لتعزيز التعاون الدولي لمواجهة التحديات    قاهرة المعز من أعلى نقطة على النيل.. بث مباشر    بأغنية "نويت أعانده".. لطيفة تتصدر تريند "إكس" في عدة دول عربية    بعد كمينها الأخير.. مدينة جنين أنشأها الكنعانيون ومر بها المسيح وفتحها صلاح الدين الأيوبي‬    تحرير 13 محضرا تموينيا ضد مخابز بالفيوم لصرفهم وتهريبهم دقيق مدعم    مانشستر يونايتد يفتح خط اتصال مع دي ليخت.. والأخير يحدد موقفه    متظاهرون يتوجهون لمقر نقابة العمال العامة في إسرائيل لإعلان إضراب شامل    رمضان عبد المعز: الصلاة على النبى تنصرك على آلام وأحزان ومصاعب الدنيا    يضم 124 باكية.. محافظة القاهرة تستعد لفتح سوق سوهاج للفاكهة بمصر الجديدة    أستاذ تمويل يوضح مكاسب مصر من ترفيع العلاقات مع أوروبا    برقم الجلوس.. نتيجة الدبلومات الفنية 2024 عبر الموقع الرسمي (الرابط المباشر للاستعلام)    وزير النقل يبحث مع وفد من كبرى الشركات الألمانية الموقف التنفيذي لعدد من المشروعات الجاري تنفيذها    رئيس الوزراء يلتقي رئيسة منطقة شمال إفريقيا والمشرق العربي بشركة إيني الإيطالية    مبابي يختبر قناعا جديدا قبل مواجهة بلجيكا في أمم أوروبا    حدث في 8 ساعات|أخطاء في بعض أسئلة امتحان الفيزياء.. وموعد تشكيل الحكومة والمحافظين الجدد    وفد شؤون الأسرى المفاوض التابع للحوثيين يعلن وصوله إلى مسقط    الأوقاف تعلن افتتاح باب التقدم بمراكز إعداد محفظي ومحفظات القرآن الكريم - (التفاصيل)    حبس 20 متهماً بتهمة استعراض القوة وقتل شخص في الإسكندرية    تطوير عربات القطار الإسباني داخل ورش كوم أبو راضي (فيديو)    الداخلية تكشف ملابسات واقعة طفل الغربية.. والمتهمة: "خدته بالغلط"    ليفربول يحاول حسم صفقة معقدة من نيوكاسل يونايتد    مانشستر سيتي يخطف موهبة تشيلسي من كبار الدوري الإنجليزي    «مياه الشرب بالجيزة»: كسر مفاجئ بخط مياه بميدان فيني بالدقي    استشارية أمراض جلدية توضح ل«السفيرة عزيزة» أسباب اختلاف درجات ضربة الشمس    ننشر أسماء الفائزين في انتخابات اتحاد الغرف السياحية    إحالة أوراق المتهم بقتل منجد المعادي للمفتي    عرض أول لفيلم سوفتكس لنواز ديشه في مهرجان كارلوفي فاري السينمائي بالتشيك    القاهرة الإخبارية: لهذه الأسباب.. الفرنسيون ينتخبون نواب برلمانهم بانتخابات تشريعية مفاجئة    وفد من وزارة الصحة يتفقد منشآت طبية بشمال سيناء    برقية تهنئة من نادي النيابة الإدارية للرئيس السيسي بمناسبة ذكري 30 يونيو    مهرجان المسرح المصري يكرم الفنانة سلوى محمد على خلال دورته ال 17    الأهلى تعبان وكسبان! ..كولر يهاجم نظام الدورى.. وكهربا يعلن العصيان    مصر تدعو دول البريكس لإنشاء منطقة لوجستية لتخزين وتوزيع الحبوب    الصحة: اختيار «ڤاكسيرا» لتدريب العاملين ب «تنمية الاتحاد الأفريقي» على مبادئ تقييم جاهزية المرافق الصيدلانية    مجلس جامعة الأزهر يهنئ رئيس الجمهورية بالذكرى ال 11 لثورة 30 يونيو    بدءا من اليوم.. فتح باب التقدم عبر منصة «ادرس في مصر» للطلاب الوافدين    الصحة: الكشف الطبى ل2 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    كيف فسّر الشعراوي آيات وصف الجنة في القرآن؟.. بها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت    شرح حديث إنما الأعمال بالنيات.. من أصول الشريعة وقاعدة مهمة في الإسلام    مجلة جامعة القاهرة للأبحاث المتقدمة تحتل المركز السادس عالميًا بنتائج سايت سكور    الإفتاء: يجب احترم خصوصية الناس وغض البصر وعدم التنمر في المصايف    حكم استئذان المرأة زوجها في قضاء ما أفطرته من رمضان؟.. «الإفتاء» تٌوضح    «غير شرعي».. هكذا علق أحمد مجاهد على مطلب الزمالك    البنك الأهلي: تجديد الثقة في طارق مصطفى كان قرارا صحيحا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المتحرش فى السينما والتليفزيون: «لا ده أنا عاملها قبل منك»
نشر في المصري اليوم يوم 14 - 02 - 2016

سبحة وجلباب، لحية وسجادة صلاة، آيات قرآنية وأحاديث شريفة تدعم ما ينطق عنها ويبرر أفعالها المخالفة تماما لهذا المظهر والقول.. هكذا ظهرت شخصيات تغرق فى التدين السطحى وبعيدة تماما عن الدين وعقائده فى عدد من الأعمال الفنية، التى أراد صناعها كشفها وإسقاط القناع عن ممارساتها وتخفيها بستار الدين، محاكاة لنماذج واقعية تأثروا بها، من شخصيات تدعى التدين فى ظاهرها، لتحصل على مكتسبات ومستحقات ما كانت لتأخذها لو لم تبدو متدينة أمام الناس، لكنها فى أقرب لحظة تتكشف حقيقتها وتتعرى عن ذلك الغلاف الظاهرى، ويظهر قبحها، خاصة حين تتعامل مع المرأة، فتتحرش بأى أنثى لفظا أو فعلا.
على مدى سنوات برزت أعمال قدمت مثل تلك الشخصيات المستترة بأفعالها ونواقصها وراء الدين، ف«المعلم بيومى»، الذى جسده زكى رستم فى فيلم «رصيف نمرة 5» كان أبرز مثال لذلك المتدين ظاهريا، يتاجر فى المخدرات ويقتل زوجة الشاويش خميس، فريد شوقى - ويتحرش بالمغنية – هدى سلطان، رغم أن السبحة لا تفارقه، وسجادة الصلاة كثيرا ما يقف عليها، ويتخذ أداءه للصلاة حجة حين يطارده الشاويش خميس، الذى يقفز من النافذة، بعد قوله «الله أكبر» تأهبا للصلاة، لمطاردة الشرطة له، وهو ما يجعل خميس فى مشهد آخر يدرك تلك المراوغة، فحين يهم المعلم بتكرارها يفطن إلى ذلك ويمنعه من الهرب هذه المرة، فى إفيه ردده الراحل فريد شوقى وتداول عبر سنوات طويلة «لا ده أنا عاملها قبل منك»، وقبلها تندر خميس من تدين المعلم رغم جرائمه فى إفيه شهير «أمال سبحتك فين يا معلم؟ أصلى لمتهالك».
لقطة من «برنامج وش السعد»
«عتمان»- صلاح منصور- فى فيلم «الزوجة الثانية» هو العمدة والكبير الذى يدعى التدين أمام أهل قريته، وبدا ذلك من المشاهد الأولى التى استعرض بها المخرج صلاح أبوسيف الشخصية، فحين يلتقى العمدة الفلاحة البسيطة فكيهة وهى تتوجه إلى السوق لبيع 5 دجاجات ويسألها عن ثمنه، فيجيبه أحد معاونيه أنها ستهديه إياه «من غير فلوس»، فينفعل مؤكدا أنه سيدفع الثمن لها قائلا: «حد الله أنا ماكلش سُحت ولا أدخل بيتى سُحت»، وحين يتحدث عن ابنها الطفل الذى لم يبلغ الحادية عشرة ويطلب منها تجنيده فى الجيش، وهو ينهرها «ده فرض، خدمة الوطن واجب ومن الإيمان».
تلك المشاهد الافتتاحية التى ربما لمن يتابعها للوهلة الأولى، يظن أن «عتمان» شخصية متدينة وملتزمة ولا يمكنها أن تفعل ما يخالف ذلك التدين، لكنه تدين ظاهرى تتضح حقيقته، مع توالى الأحداث عندما لم تمنعه رغبته فى الإنجاب- بعدما فشلت زوجته حفيظة فيه - من التحرش والطمع فى زوجة رجل آخر، لرغبته فى الحفاظ على المعمودية فى عائلته، ولأن الفلاحة «فاطمة» جميلة وسبق أن أنجبت، ويجبر زوجها «أبوالعلا» على تطليقها والزواج منها. وتتشابه تلك الشخصية مع شخصية العمدة حسان التى قدمها الفنان الراحل نور الشريف فى مسلسل «ولسه بحلم بيوم»، فهو الكبير الملتزم الذى يؤدى الفروض والعبادات، لكن الأحداث تكشف ولعه بالفلاحة هنية صفاء أبوالسعود وتحرشه ومعاكسته لها رغبة فى الزواج منها. أيضا ممارسة طقوس العبادة من صلاة وصوم، وذلك التدين السطحى الذى يقوم به «على عبدالظاهر» عادل إمام فى فيلمه الشهير «الإرهابى» يبدو جليا فى انخراطه فى الجماعات الإرهابية وقبوله تكفير الآخرين وقتل النفس، بمنطق دينى مغلوط.
ويبرز أكثر فى تعامله مع المرأة، حين يتحرش «على» ب«فاتن» – حنان شوقى – منذ اللحظة الأولى لرؤيتها حين تستضيفه عائلتها، بنظره تارة، وبالإيحاءات اللفظية تارة أخرى، وفى أحد المشاهد يتطور التحرش البصرى بها إلى جسدى، حين يتحسس ساقها لمجرد استشعاره ظاهريا من ملابسها المتحررة أنها فتاة سهلة المنال، فتنهره تلك المتحررة وتنتقد تدينه الزائف.
شخصية المعلم عرابى التى قدمها الفنان صبرى فواز فى فيلم «كلمنى شكرا» للمخرج خالد يوسف نموذج آخر يكشف بعمق عن ذلك التدين الذى اختزل فى اللحية والجلباب والسبحة، لكن ذلك لم يمنعه من التجاوز وممارسة سلوكيات غير لائقة، كأى شخص عادى، فهو يشاهد أفلام الجنس، يدخن الحشيش ويشرب الشيشة فى قعدات المزاج مع رفاقه، ويرقص فى الأفراح الشعبية ذلك الرقص المثير للشهوات، ويتحرش بالنساء، وخاصة «أشجان» سيئة السمعة التى جسدت دورها غادة عبدالرازق رغم علمه بزيجتها العرفى من صديقه المقرب «إبراهيم توشكى» وشهادته على العقد العرفى بينهما، كما يتحرش ب«عبلة» داليا إبراهيم - خطيبة توشكى لفظيا بالإيحاءات والغزل وبصريا حين يتفرس جسدها.
أتقن فواز تقديم الشخصية لموهبته المتميزة، ولاقترابه على حد تأكيده - من شخصيات واقعية فى محيط معارفه وأصدقائه تعيش ذلك الغلاف من التدين وتتخفى بطقوسه.
وفى التليفزيون تعمق صناعها لتقديم مثل تلك الشخصيات، لتكون أبطال الأعمال الدرامية ومحور تناولها بالكامل، فتيمة التدين مع لقب «الحاج» وممارسة طقوس العبادة من الصلاة والصوم والزكاة والحج، برزت أكثر فى الدراما، من خلال عدد من المسلسلات خاصة فى السنوات الأخيرة، وقدمت كمرادف للتدين الظاهرى، والذى يسقط مع أول تعامل مع المرأة، فيجرى التحرش بها لفظيا أو جسديا، وروج أبطال هذه الأعمال جملا حوارية سرعان ما أصبحت إفيهات يرددها المتفرج للسخرية من وقائع مشبهة قام بها الأبطال مثل «كله بالحلال» و«كله بما يرضى الله» و«كله بما لا يخالف شرع الله». ورسخ عمل مثل «الحاج متولى» لتلك الظاهرة، حيث قدم الفنان الراحل نور الشريف شخصية الرجل المتدين الذى لا يخالف شرع الله فى تعاملاته التجارية والإنسانية، لكنه فيما يتعلق بالنساء وشهوته ناحيتهن يختلف الأمر تماما، ويتنقل الحاج من امرأة لأخرى ويجمع 3 زوجات فى عصمته، دون مراعاة لمشاعرهن، ومستثمرا تلك الغيرة بينهن فى إرضائه، ما يدفعهن للاتحاد ضده حين يرغب فى الزواج بأخرى ليكمل «شرع الله»، رافعا شعار «وكله بالحلال»، وخلال تطبيقه لذلك الحلال الذى يراه فإنه يتحرش بصريا بفتاة جسدت دورها نورهان- يكتشف أن ابنه مصطفى شعبان - يحبها ويرغب فى الزواج منها، ثم ما يلبث أن يطلب منه الابتعاد عنها، لأنه لن يقبلها زوجة لابنه وكان طامعا فيها لنفسه، وقدم نور الشريف العمل بمرادفات بصرية للشخصية مثل السبحة وأحيانا الجلباب والطاقية.
نجاح المسلسل كان دافعا لأحد أبطاله وهو مصطفى شعبان فى استنساخ تلك الشخصية ذات التدين الظاهرى فى السنوات الأخيرة، فقدم شعبان أكثر من عمل ل«الحاج» الذى يتحرش بالنساء، بصريا ولفظيا، ويلجأ للزواج منهن أحيانا كثيرة فى زيجات قصيرة المدى لإضفاء صفة الشرعية عليها، بشعارات «كله بما يرضى الله» و«كله بما لا يخالف شرع الله»، وهو ما قدمه شعبان فى مسلسلاته مثل «العار» و«الزوجة الرابعة» و«مولانا العاشق»، وبنفس المظهر من الجلباب والسبحة التى لا تفارق يده.
التحرش الذى باتت الأعمال الفنية متهمة بتصديره للمجتمع، انتقل من السينما والدراما إلى البرامج التليفزيونية، وكان آخرها الجمعة الماضى حين أحدث محمد سعد ببرنامجه «وش السعد» منذ حلقته الأولى جدلا كبيرا بسبب التحرش الجنسى بهيفاء وهبى قولا وفعلا حين أمسك ب«لقمة عيش» مازحا «ده انتى تتغمسي»، وهو ما علق عليه الناقد د. وليد سيف أن البرنامج فكرته تقدم فى شكل درامى، والقالب قد يسمح بكثير من التجاوز، ولكن كان يجب مراعاة أن هذا التجاوز له حدود معينة أيضا. وتابع سيف أن الدراما والإعلام دائما ما يلعبان على التواجد المختلف، فمن الممكن أن تظهر شخصية الطبيب النفسى مريضا نفسيا، والمصلح الاجتماعى يُقدم مخطئا، وشخصيات متدينة تظهر متحرشة، كجزء من هذه الحالة وما يمتلئ به المجتمع من مثل هذه النماذج فى الواقع. وحول اتهام السينما والدراما والبرامج بالتحريض على التحرش الحنسى قال سيف: السينما تتهم بذلك لأنها تغازل السوق والجمهور العريض لاكتسابه، وتقديم عمل يحمل إسفافا أو ابتذالا، يعكس ما نعيشه فى الواقع من إسفاف أسوأ، والمشكلة فى كيفية تقديمه ومعالجته دون خدش للحياء، كما أننا نعيش حالة انزلاق مجتمعى، والنوع الآخر من الفن الذى يعتمد على الاحترام والأعمال الجادة والارتقاء بالجمهور غائب بسبب غياب دعم الدولة له.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.