يبدو أن الأزمات ترفض التوقف عن ملاحقة المنتخب الإسباني لكرة القدم الذي لم يتمكن من استعادة مستوى ما قبل كارثة مونديال البرازيل 2014 الذي أقصي فيه من دور المجموعات على الرغم من كونه حامل اللقب وذلك بعد أداء كارثي أمام هولندا وتشيلي وفوز بلا معنى على أستراليا. وعلى الرغم من تصدر إسبانيا للمجموعة الثالثة في التصفيات المؤهلة لكأس الأمم الأوروبية (يورو 2016) إلا أن أداء الفريق غير مقنع بالمرة على الرغم من ضعف المنافسين الذي أوقعتهم القرعة مع ال«ماتادور» وخير مثال على هذا هو الفوز الباهت الذي حققه على مقدونيا بهدف نظيف. وبخلاف انخفاض المستوى كل الشكوك المحيط به فإن هنالك مجموعة من الأزمات التي يعاني منها الفريق ولم يظهر لها حلا حتى الآن: - الكتالوني تتمثل المشكلة الأولى في جيرارد بيكيه لاعب برشلونة وصافرات الاستهجان التي لا تتوقف ضده من قبل جماهير إسبانيا بسبب الكثير من مواقفه الخارجة عن المألوف وتلك الأخرى التي تتعلق بسباب لاعبي ريال مدريد الكبير الآخر لكرة القدم الإسبانية مؤخرا. مسيرة بيكيه مليئة بالتصرفات الصبيانية بجانب موقفه السياسي العلني من مسألة استقلال اقليم كتالونيا عن إسبانيا وعدم ثبات مستواه، حيث تشهد إسبانيا الآن حالة من الانقسام بين مؤيد ومعارض للاعب الكتالوني. وحصل بيكيه على أي حال على دعم كبير من زملاء الفريق مثل القائد إيكر كاسياس، والمدرب فيسينتي ديل بوسكي. وعلى الرغم من الدعم الذي حصل عليه بيكيه من ديل بوسكي وكاسياس، إلا أن سرخيو راموس قائد ريال مدريد غير طريقة حديثه حول الموضوع حيث قال في تصريحات نقلتها الصحافة الإسبانية إن على الرغم من ان الجميع عرضة لارتكاب الأخطاء إلا أن تصرفات بيكيه الأخيرة لا تساعده ومما يثير استياء المطالبين بالاستغناء عن بيكيه أنه لم يخرج بنفسه لدحض ادعاءات أنه لا يشعر بقميص المنتخب الإسباني وهو الحل البسيط الذي من الممكن أن يعالج به خطاياه مع جماهير ال«ماتادور». وكان الفتيل الأساسي لاشعال هذه الأزمة وصف صافرات الاستهجان ضد النشيد الوطني الإسباني في نهائي كأس الملك العام الماضي ب«حرية التعبير»، حيث يحاربه الآن معارضوه من المشجعين بنفس السلاح الذي اعتبره يدخل تحت بند حرية ابداء الرأي. وكان الاتحاد الإسباني قرر نقل ودية الفريق المقبلة أمام إنجلترا من ملعب البرنابيو في العاصمة مدريد لأليكانتي القريبة نسبيا من كتالونيا في محاولة منه لابعاد اللاعب عن أي ضغط محتمل وصافرات استهجان وسباب أكثر. ولا يمكن النظر لكل هذه الأمور دون التفكير مع مردودها على اللاعب نفسه وتركيزه داخل الملعب، وبالتالي دفاعات المنتخب الإسباني. - حارس العرين لعب ديل بوسكي دور المنقذ دائما في أزمة «كاسياس-ريال مدريد» على مدار المواسم الثلاثة الماضية فكان لا يترك أي فرصة للدفاع عنه ضد أي شيء يتعرض له سواء اجلاسه على دكة من قبل البرتغالي جوزيه مورينيو في الموسم الأخير أومشاركته فقط بدوري الأبطال خلال الموسم الأول للإيطالي كارلو أنشيلوتي أو لانتقاد صافرات الاستهجان التي كان يتلقاها من قطاع معين من البرنابيو. خلال هذا الصيف رحل كاسياس نحو بورتو حيث اختفى الضغط تماما وعادت له الابتسامة، ولكن ما لبث ديل بوسكي أن شعر بالهدوء والطمأنينة إلا وتفجرت أزمة حارسه الأخر الصاعد ديفيد دي خيا وفشل انتقاله لريال مدريد الإسباني في اللحظات الأخيرة وبشكل درامي، هذا فضلا عن عدم مشاركته في أي مباراة رسمية مع فريقه مانشستر يونايتد الإنجليزي منذ بداية الموسم. أجبر هذا الوضع المعقد ديل بوسكي على تحويل دفة الدفاع والمديح لدي خيا بل واشراكه أساسيا أمس أمام مقدونيا حيث كان لا بأس به، ولكن المشكلة تكمن في المستقبل، فماذا لو استمر الخلاف بين الحارس الشاب ومدرب «الشياطين الحمر»، الهولندي لويس فان جال ليصبح صديقا للدكة؟ سيكون الخيار الوحيد هو كاسياس «قديس الإسبان المفضل» ولكن أي اصابة أو انخفاض في المستوى الأخير و(يورو 2016) على الأبواب سيضع ديل بوسكي وحراسة عرين «الماتادور في أزمة». لماذا؟ دييجو لوبيز لم يكن أبدا من رجال ديل بوسكى بل أنه دائما ما تجاهله فيما أن فيكتور فالديس يعاني هو الأخر من قرارات فان جال، بينما كيكو كاسيا حارس إسبانيول السابق صاحب المستوى المميز هو الحارس الثاني الآن في الريال بعد الكوستاريكي كيلور نافاس، والخيار الأخير بيبي ريينا العائد لنابولي لم يكن أساسيا في الموسم الأخير مع بايرن ميونخ في ظل وجود مانويل نوير بالطبع. - البرازيلي كان نزاع كبير نشب بين إسبانيا والبرازيل قبل كأس العالم الماضي على اللاعب دييجو كوستا الذي قرر في النهاية التخلي عن بلده الأم وتمثيل «لاروخا» ولكنه على مدار ثمان مبارايات لم يهز الشباك سوى مرة واحدة وهو رقم لا يليق برأس حربة «سفاح». في الوقت الحالي بدأت الأصوات تعلو في إسبانيا عن أن «صفقة تجنيس كوستا» كانت فاشلة فهو لم ينجح في التأقلم مع أسلوب لعب الفريق بصورة مناسبة، وهو الأمر الذي سيلقي بضغط كبير على ديل بوسكي لأنه كان من أعطى الضوء الأخضر ووافق على الرهان. وحتى الآن يبدو الرهان خاسرا، لدرجة أن اللاعب نفسه قال مؤخرا بأنه يشعر بكونه «مديون» للمنتخب الإسباني الذي منحه ما كان يرغب فيه ولكنه لم يرد الجميل كما يجب.