صباح أمس الأول، أدارت المتألقة دينا عبدالرحمن حواراً ساخناً فى برنامجها «صباح دريم» بين المهندس أحمد عز، أمين التنظيم فى الحزب الوطنى من جانب، وبينى من جانب آخر، على مدى نصف ساعة تقريباً، كنت ضيفاً على البرنامج، على قناة دريم، وكان المهندس عز يتكلم على التليفون، وكان الحوار يدور حول عبارة له كانت قد جاءت على لسانه، فى أثناء جلسة للبرلمان، صباح الاثنين! كانت الجلسة تتعرض لقضية تراكم تلال القمامة فى شوارع البلد، وكان أمين تنظيم الحزب الحاكم يرى، حين تعرض لها تحت قبة المجلس، أن وجود أكوام القمامة بالشكل الحالى، فى الريف على وجه الخصوص، يعود فى وجهة نظره إلى ارتفاع القدرة الشرائية نسبياً لدى الناس! وحين نشرت «المصرى اليوم» الخبر، فى صباح اليوم نفسه، فإنها قالت ما معناه إن المهندس عز يقول: إن القمامة فى الشوارع دليل على رفاهية يعيش فيها المواطنون، وهو عنوان على كل حال، قد أزعج الرجل، بما دفعه إلى أن يدخل فى البرنامج على الهواء، ويقول إن كلاماً بهذا المعنى الوارد فى عنوان الخبر، لم يأت على لسانه، وإن ما قاله، على وجه التحديد، هو أن هناك فى السنوات الأخيرة، ارتفاعاً نسبياً، فى قدرة المواطنين، فى الأرياف على وجه الخصوص، على الشراء بما يجعل حجم المخلفات الناتجة عن تزايد الشراء أو الاستهلاك، مرتفعاً بالضرورة، إذا ما قورن بالحجم الذى كان عليه من قبل! وكنت أناقش المهندس «عز» على مدى نصف الساعة، فى أن المعنى واحد تقريباً فى الحالتين، سواء قلنا ارتفاع القدرة الشرائية نسبياً للمواطنين، أو قلنا رفاهية المواطنين، ففى المرتين هناك اختلاف فى مستوى معيشتهم، ارتفاعاً، عما كان عليه فى السابق، قبل أن تظهر القمامة كرؤوس الجبال فى الشوارع والميادين، وكان هو من ناحيته يرفض أن يكون المعنى فى الحالتين واحداً، وكنت أحاول إقناعه، وتحاول دينا عبدالرحمن، دون جدوى، لدرجة أنه لما زهق، واستبد به اليأس، قال إنه يرضى بأستاذ صحافة نختاره نحن، ليكون حكماً بيننا، ويرى ما إذا كان المعنى الذى جاء فى عنوان «المصرى اليوم» على لسانه، قد ورد فى نص كلامه، كما نشرته سائر صحف الحكومة، وكما جاء فى مضبطة المجلس أم لا؟! وفى كل الحالات، يظل المهندس عز مشكوراً، لأنه اهتم بإيضاح شىء منسوب إليه يخص الناس، حتى لا يقع المواطنون أسرى اللبس والغموض.. ويظل الحوار الذى جرى فى البرنامج، قيمة يجب أن ندعو إليها، ونحرص عليها، ويبقى من المهم أن ألفت نظره إلى أن هناك فارقاً، هو يعرفه، بين نص كلام كان قد قاله، وجاء فعلاً فى ثنايا الخبر، وبين عنوان أرادت الصحيفة به فى تقديرى أن تقرِّب المعنى إلى القراء، وأن تضع عبارة رفاهية المواطنين، بدلاً من عبارة «ارتفاع القدرة الشرائية»، التى هى بطبيعتها، أقرب إلى عقول المتخصصين فى علم الاقتصاد منها إلى أفهام عامة الناس، الذين هم، فى غالبيتهم، يمثلون الشريحة الأكبر، من طبقة قراء أى صحيفة! وبعبارة أخرى، كان العنوان فى «المصرى اليوم»، حين تكلم عن رفاهية المصريين، فى فئة منهم، بدلاً من أن يتكلم عن ارتفاع قدرتهم الشرائية أقرب ما يكون إلى فنان اجتهد فى أن يرسم شكلاً كاريكاتيرياً للمهندس عز.. قد تكون إحدى أذنيه فى الرسم، أطول من الأخرى، وقد يكون أنفه بارزاً بأكثر مما هو عليه، وقد.. وقد.. خضوعاً لمقتضيات فن، أكثر منه رغبة فى الإساءة لرجل، ولكنه فى النهاية يبقى لكل مَنْ يتطلع إلى الكاريكاتير، هو أحمد عز!
