نصرة الدين لا تأتى بالتمسك بالشعارات الرنانة دون المضمون التى هى فارغة المحتوى لدرجة ان الجماعات السلفية متمسكة بالمادة الثانية من الدستور و اعتبرت ان من يقول نعم للتعديلات الدستورية فهو ينصر الاسلام و من يقول لا لتلك التعديلات هو ضد الدين لدرجة ان احد شيوخ السلفية الكبار اعتبر ان التصويت بنعم هو نصرة للدين لدرجة انه سماها غزوة الصناديق على الرغم من ان النقاش الدائر حول التعديلات ليس له علاقة من قريب او من بعيد بتلك المادة نريد ان نفتح قلوبنا وعقولنا لفكرة هامة انه مع وجود تلك المادة فى الدستور المعيب كانت سلطات رئيس الجمهورية مطلقة وبغير حدود و اصبح فرعونا يطغى فى الارض و يفسد فيها على الرغم من ان الاسلام ذم فكرة وجود الفرعون على وجه الارض فلم يمنع وجود تلك المادة التكبر والقهر والتسلط و الظلم الذى كانت تعيش فيه مصر منذ سنوات طويلة اليس تزوير الانتخابات و ان يحكم الحاكم من خلال تزوير الانتخابات جريمة مدانة من قبل الاسلام لماذا سكت السلفيين عن جرائم النظام السابق و لم ينتفضوا على نظام الحكم السابق و الآن اصبح لديهم موقف سياسى ليس له اى اساس علمى ؟ لو افترضنا الآن ان الاعلان الدستورى المؤقت نص على اسقاط دستور 71 فمعنى ذلك ان المادة الثانية سقطت بسقوطه وحتى هذه اللحظة فالمواد معطلة بمعنى ان المادة الثانية احكامها معطلة ايضا فهم لم ينصروا الدين كما يظنون و لكن لابد ان نفرق بين شيئان هامان هناك فرق بين القانون الدستورى و النظام الدستورى فهنا نجد ان القانون الدستورى هو مجموعة القواعد و النصوص القانونية التى تحكم النظام السياسى فى اى دولة حكاما و محكومين وتنظم عمل الهيئات السياسية داخل الدولة و علاقة مؤسسات الحكم بعضها ببعض ويمكن ان تعطل تلك النصوص او تسقط بثورة ولكن النظام الدستورى هو النظام الذى يضع قيود على الحكم لا تمكن من يحكم البلاد من اختراقها او انتهاكها حتى ولو لم ينص القانون الدستورى على ذلك فالدين مثلا فى حالتنا عامل مؤثر و جوهرى فى حياة المواطنين فلا يمكن الالتفاف عليه او محاولة انتهاكه او الغائه او العبث به و الاسلام يعلو الدساتير و الذى يهمنا فى حالة التعامل مع الجماعات السلفية ألا يتمسك هؤلاء بقشور الاشياء ويتركوا مضمونها غير متحقق على ارض الواقع فمصر تحتاج الى ان يتحقق جوهر الاسلام حتى ولو لم ينص الدستور على ذلك هل يهمنا النصوص فقط دون تفعيل و نصفق و نهلل ونكبر فقط على شئ لا وجود له اصلا هناك اشياء لو تحققت على ارض الواقع فأننا نكون نصرنا الدين حتى لو لم تكن منصوص عليها فى الدستور اولا ضرورة الدولة للدين وانه لا دين بلا دولة فالدين هو الذى يحتاج الى دولة قوية تحميه حتى يشعر كل اصحاب الاديان المختلفة بالحرية فى ممارسة شعائرهم التعبدية و لهم مطلق الحرية فيما يعتقدون و احترامنا لذواتنا نابعة من احترامنا للآخرين و ليس باقصاء الناس وان نشعرهم بأنهم منبوذين فى المجتمع بل و ندعوهم بالرحيل عن بلادنا فهذا امر غير مقبول مناقض لتعاليم الاسلام الحنيف و عندما يستشعر المواطن انه يعيش فى دولة مدنية قوية تحمى عقيدته و تمنحه حقوق وو اجبات فلن يكون لدينا مشاكل البتة ثانيا اقامة السلطة من خلال مؤسسات دولة حقيقية لا تعتمد فى حكمها على سياسات اشخاص تتغير بتغيرهم و لكن يكون لدينا نظام و رؤية استراتيجية للمستقبل لا تختلف باختلاف من يتولى شئون الحكم ثالثا ان يكون لدينا قانون دستورى قوى يعبر عن كافة اطياف الشعب المصرى معتمد على نظام دستورى لا يمكن لمن يحكم مهما علا شأنه ان ينتهكه فالحكم و السلطة ليس بالتفويض الآلهى و ليس بالحق الموروث رابعا ولن يكتسب هذا القانون شرعيته الا برضا الشعب و ايضا من خلال رضا الشعب عن الحاكم الذى سوف يحكم بهذا الدستور عن طريق الاختيار الحر من بين عدد من المرشحين يدخلون معترك المنافسة الحرة على الانتخابات بطريقة شريفة دون استخدام سطوة الدين للتأثير على ارادة المواطنين و العاطفة الدينية لديهم و توجيههم نحو مرشح بعينه لان ذلك سيضفى هالة من القدسية على هذا المرشح خامسا الا ينفرد الحاكم باتخاذ القرار بأن يكون امر الناس شورى بينهم اى عن طريق مؤسسات برلمانية منتخبة من الشعب سادسا و لا توجد شورى بين الناس بلا حرية حتى يستطيع ان يعبر عن رأيه كل انسان دون قيد او شرط سابعا تحقيق مبدأى العدل و المساواة فالاسلام كما جاء ليمنع من ان تكون السلطة التى هى اشد خطرا من المال دولة بين طبقة او اسرة او حزب او جماعة معينة حيث يتم تداول تلك السلطة بين الامة وفق رضاها او اختيارها دون سيطرة من احد او اغتصاب لحق الامة و ليمنع ايضا من قيام سلطة استبدادية تسيطر على الامة سياسيا ثامنا حماية الحقوق و الحريات الانسانية الفردية و الجماعية وصيانتها فمثلا حق الانسان فى الحياة فلا يمكن قتل انسان لمعارضته للسلطة او الاعتداء عليه او مصادرة ماله لمجرد انه عبر عن رأى مخالف للنظام الحاكم فلو تحققت الاشياء سالفة الذكر على ارض الواقع فقد حققنا جوهر الاسلام حتى لو لم يكن لدينا نص فى الدستور مثل نص المادة الثانية فى دستور 71 فمع وجوده كانت تنتهك الحرمات ويقتل الناس و يعذب البشر فى السجون والمعتقالات وذلك لمجرد ابداء رأى معارض ضد النظام الحاكم و عندما نحقق ذلك فنكون قد نصرنا الدين و رفع الدين من شأننا لنكون امة متحضرة بين الامم العظمى فى عالم اليوم و لا نحصر عقولنا فى مادة من المواد الدستورية التى كانت معطلة على الرغم من وجودها منذ اكثر من ثلاثين عاما لان الواقع كان مغايرا لما يحرص الاسلام على ايجاده فى دنيا الناس