في أول ظهور.. محافظ البحيرة الجديد: كل الأبواب مفتوحة أمام المواطنين.. وخطة عاجلة لحل شكاوي الطرق (فيديو)    المعلومات عن الشراكة بين "مبادرة ابدأ" ومجموعة مون دراجون الإسبانية    الجامعة العربية تدرس خطوات عزل مشاركة إسرائيل فى الأمم المتحدة    الأهلي يصل إلى ستاد القاهرة استعدادًا لمواجهة الداخلية    السيسي يمنح رئيسي مجلس الدولة وهيئة النيابة الإدارية السابقين وسام الجمهورية من الطبقة الأولى    الري تفتح باب التقديم في مسابقة الأبحاث العلمية بأسبوع القاهرة للمياه    محافظ القاهرة يعتمد جدول امتحانات الدور الثاني    الأرصاد: اليوم ذروة الارتفاع في درجات الحرارة.. والقاهرة تُسجل 39 درجة    ضبط 1500 لتر سولار وطن جبنة داخل مصنع بدون ترخيص في البحيرة    كشف حقيقة فيديو مشاجرة الساحل الشمالى.. ضبط المتسببين ولا وفيات    جدول حفلات مهرجان العلمين.. عرض مسرحية التليفزيون لحسن الرداد وإيمي سمير غانم 8 أغسطس    رزان جمال تواصل دورها في الجزء الثاني من The Sandman    18 حفلاً غنائيًا بمهرجان الأوبرا الصيفي    وزير الصحة: متابعة الرئيس عبدالفتاح السيسي للملف الصحي ساعد في تحسين جودة الخدمات الطبية    وزير الصحة يجتمع بنوابه الثلاثة لوضع أسس وخطط العمل خلال الفترة المقبلة    خطوات اضافة المواليد في بطاقة التموين 2024    الفريق أسامة ربيع: مستمرون فى تقديم خدماتنا البحرية والتواصل المباشر مع العملاء    تنسيق مدارس التكنولوجيا التطبيقية 2024 بعد الإعدادية.. طريقة التقديم عبر الموقع الرسمي    جدول امتحانات الدور الثاني للعام الدراسي 2023-2024 بمحافظة القاهرة    أردوغان يحذر خلال لقاء مع نظيره الصيني من امتداد الصراع بالمنطقة    ميناء دمياط يستقبل 7 سفن بضائع عامة ومتنوعة خلال 24 ساعة    رغم قوته.. أفضل 4 أبراج تنسجم مع «الأسد» عاطفيًا    اتحاد الألعاب الترفيهية يهنئ أشرف صبحي باستمراره وزيرا للرياضة    مطار القاهرة يسير اليوم الخميس 580 رحلة جوية لنقل أكثر من 80 ألف راكب    "جهار": مشروع "مؤشر مصر الصحي" يستهدف قياس أثر تطبيق معايير الجودة على الخدمات    خالد محمود يكتب : دموع رونالدو .. فيلم بلا نهاية    الرئيس السيسي ينيب محافظ القاهرة لحضور احتفال العام الهجري الجديد    الخشت: أسامة الأزهري سيكون خير سفير للإسلام السمح    طلاب من أجل مصر المركزية تنظم زيارة تعليمية لإحدى شركات بورسعيد    أمريكا تخصص حزمة مساعدات عسكرية جديدة لدعم أوكرانيا ب 150 مليون دولار    تعرف على إيرادات فيلم جوازة توكسيك لليلى علوى في أول أيامه بالسينما    صاحب فكرة "بيت السعد": أحمد وعمرو سعد يمتلكان موهبة جبارة وهما الأنسب    ورش رسم وأداء حركي ومسرحي للموهوبين في ثاني أيام مصر جميلة بدمياط    وزارة الأوقاف تحتفل بالعام الهجري الجديد 1446ه بالسيدة زينب مساء السبت    7 اخبار رياضية لا تفوتك اليوم    اعتقال 6 أشخاص على خلفية حادث التدافع بولاية أوتار براديش الهندية    تنسيق_ الجامعات.. تعرف على كلية الهندسة بالمطرية جامعة حلوان    مانشستر يونايتد يمدد تعاقد تين هاج    تقرير مغربي: اتفاق شبه نهائي.. يحيى عطية الله سينتقل إلى الأهلي    وزير الأوقاف يتلقى اتصالا هاتفيا من وزير الشئون الإسلامية بدولة إندونيسيا    محافظ قنا يبدأ عمله برصد حالات تعدٍ على الأراضي الزراعية    وزير التعليم يتفقد ديوان الوزارة ويعقد سلسلة اجتماعات    الهلال الأحمر الفلسطيني: العدوان المستمر أخرج غالبية المستشفيات عن الخدمة    «السبكي» يشارك في احتفالية الهيئة العامة للتأمين الصحي لمرور 60 عامًا على إنشائها    أشرف زكي يكشف حقيقة تدهور الحالة الصحية لتوفيق عبدالحميد    «الداخلية» تكشف تفاصيل فيديو ظهور أطفال يخرجون من نوافذ سيارة ملاكي بالمنصورة    أمين الفتوى: لا ترموا كل ما يحدث لكم على السحر والحسد    بدء الصمت الانتخابي اليوم تمهيدا لجولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية الإيرانية    تحرير 35 ألف مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    أستاذ جراحة تجميل: التعرض لأشعة الشمس 10 دقائق يوميا يقوي عظام الأطفال    أمن القليوبية يضبط حداد بحيازته أسلحة نارية وذخائر بدون ترخيص بقصد الإتجار بها    العكلوك: الاحتلال يستهدف التوسع الاستيطاني وتقويض صلاحيات الحكومة الفلسطينية    "رغم سنه الكبير".. مخطط أحمال بيراميدز يكشف ما يفعله عبدالله السعيد في التدريب    البيت الأبيض: هدف باريس وواشنطن حل الصراع عبر الخط الفاصل بين لبنان وإسرائيل دبلوماسيًا    بعد فاركو.. موعد مباراة الزمالك المقبلة في الدوري المصري    موعد إجازة رأس السنة الهجرية واستطلاع هلال شهر المحرم    أول ظهور لحمادة هلال بعد أزمته الصحية    دعاء استفتاح الصلاة.. «الإفتاء» توضح الحكم والصيغة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فوازير فطُّوطة.. العبقري والقزم و«كدّاب الزفة»
نشر في المصري اليوم يوم 23 - 07 - 2014

كان سمير غانم يأخذ الحياة بخفةٍ تَصِل إلى درجة الهَزَل، وفهمي عبدالحميد يأخذ الهَزَل بجديَّة، ويُحاول أن يصنع منه فَنَّاً يَعيش، لقاءهم كان فُرصة مثالية لخلقِ شيئاً للذّكرى.
«سمير»، هو فرد الثلاثي الأقل تقديراً خلال الستينيات، لدرجة جعلت الكاتب الساخر محمود السعدني يَصفه، في كتابه المضحكون الذي صدر في مايو عام 1971، باعتباره «كداب الزفَّة» بين الثلاثي، اعتبر أن «الضيف أحمد مُضحكاً بالفِطرة»، وأن «جورج سيدهم ممثلاً وموهوباً»، في حين رأى «غانم» «ليس جورج أو الضيف، ولكنه معهم، ولكي يستمر يجب أن يكون مع أحد»، وما جرى خلال العقودِ اللاحقة أن الضيف أحمد رَحَل، وجورج سيدهم تَوارى، وسمير غانم فقط من استمر.
هَزلية سَمير هي السبب الحقيقي في استمراره، الطريقة التي يتعامل بها مع الدُّنيا «دون أن يأخذها على صدره»، كما يصف نفسه في لقاءٍ إذاعي في السبعينات، هو يعرف أنه فنان كوميدي، أو –بوصفه أيضاً- «مضحَّكاتي»، «كدَّاب زفَّة» بصورته الكلاسيكية، يخرج عن النَّص والمِساحات لأن وظيفته الوحيدة أن يُضحك الناس، وهو يَرغب في إضحاكهم حتى لو تَشَقْلَب قدماً فوقَ رأس، حتى لو شارك في عددٍ كبير من أفلام المُقاولات، حتى لو تنقَّل بين أفلام البطولة والأدوار الثانية دون حسابات مُعقَّدَة للنجومية أو السوق، وهذا القدر من الهَزَل جعله لا يُمانع أبداً في أن يقوم بدورِ قزم صغير وخيالي يُدْعَى «فطوطة»، دون اقتناع حقيقي باحتمالية نجاحها، أخبر المخرج فهمي عبدالحميد حين اقترح عليه الأمر لأول مرة «وماله؟! نجرَّب».
فهمي عبدالحميد في المُقابل لم يَرغب في أكثر من (التجربة)، الرجل الذي حقق طَفْرَة في التلفزيون المصري خلال السبعينيات، وجعل من الفوازير الرمضانية فناً مختلفاً وجزءً أساسياً من العادة المصرية، كان منذ بداية حياته (يُجرّب)، مسيرته المهنيَّة بالتلفزيون المصري، تدرُّجه في قسمِ الرسوم المتحرَّكة، حماسه لتقديم الفوازير مع نيللي، الرسوم والشخصيات الخيالية والمؤثرات البصرية المُبهرة تبعاً لزمنها، كل شيء يَخضع للتجربة واللَّعب، دونَ خجل أو خوف، يأخذ «فن الترفية» بجديةٍ تامة، ويُحاول تَطويره طوال الوقت، ولذلك ففي ذَروة نَجاح فوازيره مع نيللي قرر أن يقوم بتلك النقلة المفاجئة، وأن يَصنع فوازير رمضان مع سمير غانم.
كانت الفكرة في البداية للكاتب عبدالرحمن شوقي، وهي تقديم شخصية البحَّارة ابن بطّوطة ورحلته حول العالم في شكلٍ مُسَلّي، تحمَّس فهمي عبدالحميد كثيراً، لم يتحمّس سمير غانم ولكنه قرر خوض التجربة، والمُحصَّلة الأولى لم تكن جيدة، ملابس «بطوطة» السوداء خلقت مشكلة حقيقية في «الصورة»، فهمي عبدالحميد كان لديه حسَّاً عالياً بالمشاهدين، أكد أنهم لن يتفاعلوا مع شخصية بهذا الشكل الكئيب، ومن جديد قرَّر التجريب: لماذا يكون الالتزام بملبس ابن بطُّوطة؟ لماذا الاسم نفسه؟ ماذا عن ملابسٍ خضراء وشعر أشعَث وصوت «مِسَرْسَع» وشخصية عصبية الطِباع وحذاء أصفر عملاق جداً؟ ماذا لو سُمِيَ «فطُّوطة»؟
خَرجت الفوازير للمرة الأولى عام 1982، وقَسَّم الناس أيامهم في رمضان بين مُشاهدة كأس العالم المُقام في أسبانيا، وُمتابعة عادل إمام وهو يَضْحَك على إسرائيل في «دموع في عيونٍ وَقحة»، وحَل فزُّورة «فطوطة وسمُّورة» وإرسال الحل بريدياً إلى «مبنى التلفزيون، فوازير فطُّوطة، الرسوم المتحرّكة».
وجود سمير غانم جعل الفوازير أقل استعراضية وبَهْرَجَة من «نيللي»، ولكنه منحها خفَّة مُطلقة، وصارت أكثر إضحاكاً من أي نُسخ سابقة، ورغم ذلك لم يكن السبب الأهم في النجاح سمير نفسه، ولكن هذا الكائن المُدهش الذي اخترعه فهمي عبدالحميد، مع مصممة الأزياء وداد عطيَّة، وأسموه «فطُّوطة»، حَجمه وملابسه وطَبقة صَوته الغريبة التي يتحدَّث بها، عصبيته الدائمة على الجميع، في مُقابل معرفته وحكمته وقيادته للأمور، خَليط كوميدي جداً، حقق رَبطاً مع الناس منذ ظهوره الأول على الشاشة، يَكفي أن يتحدَّث فَطوطة بانفعالٍ في أي موقف من أجل أن يُسْتَقْبَل بالضحك.
إلى جانب ذلك، أخذت الشخصية الفوازير لمنطقةٍ جديدة بالكامل، وربما لم تَكُن مَقصودة بهذا الشكل أثناء الصناعة، وهي «جذب الأطفال»، الصورة الطفولية جداً للشخصية، شكلاً وحَجماً وطَريقة، جعلت الفوازير، في نُقطةٍ منها، تبدو وكأنها مُوجَّهة بشكلٍ مُباشر لصغار السن، كشريحة كبيرة من المُشاهدين صَارت الفوازير تُحادثهم، وتؤثر فيهم، وهو أمر ظَهر لاحقاً في العَرائس والجُمَل المُتداولة وتَقليد بعض الحركات والتفاصيل الخاصة ب«فطُّوطة»، وجعل فوازيره أنجح من أي فوازير أخرى سبقتها.
ولموسمين بعدها، ظلَّ العَمَل يُحقق نجاحاً مُدْهشاً، وبالتنقُّل بين «فوازير الشخصيات»، و«فوازير الأفلام»، و«فوازير المعلومات العامّة»، في مواسِم «فطوطة» الثلاثة، كان «عبدالحميد» نفسه يتنقل بين مساحات مختلفة من السخرية وأشكال الكتابة وتقديم الأغاني والاستعراضات واستغلال المواهب المُتاحة، ليحقق نجاحاً تاريخياً فعلاً في تاريخ التلفزيون، ويؤكد، من جديد، أن «الهَزَل» و«الترفية» يُمكن أن يكون فناً راقياً، يعيش طويلاً ويتذكره الناس دوماً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.