كشف آخر بحث للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء حول الدخل والإنفاق الصادر نهاية 2013، عن وصول نسبة الفقر في مصر إلى 40%. وفي ديسمبر الماضي، قال اللواء أبوبكر الجندي، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، خلال لقائه ببرنامج «الحدث المصري»، على فضائية «العربية الحدث»، إن 40 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر وفق آخر الإحصائيات، وأنه يوجد 3.6 مليون عاطل في مصر، و«هي نسبة مفزعة وكبيرة للغاية، ومعدلات الفقر في ريف الصعيد زادت على 50%». وفي لقائه ببرنامج «في الميدان» على قناة «التحرير»، في وقت سابق من شهر مايو الحالي، أشار «الجندي» إلى أن متوسط الفقر طبقًا لآخر بحث، وصل ل26.3% من الأسر المصرية التي تصل إلى 21 مليون أسرة، مُضيفًا أن نسبة الزيادة السكانية من المتوقع أن تصل في 2016 إلى 91 مليون نسمة في الداخل فقط. واعتبر «الجندي» أن مرشحَي الرئاسة يعيان تمامًا كل حقائق المجتمع وأهمها أننا نزيد بنسبة 2.5% كل سنة، لافتا إلى أن معدلات الزيادة السكانية يقابلها زيادة متواضعة في النمو الاقتصادي، وأن معدلات الفقر في المدن الكبرى زادت بعد الثورة، موضحًا أن هناك 42% زيادة في معدلات البطالة في السنوات الماضية. ويأتي الكشف عن زيادة عدد الفقراء في مصر، قبل أيام من إجراء انتخابات الرئاسة، وسط مساعي المشير عبدالفتاح السيسي وحمدين صباحي لكسب أصوات هؤلاء الملايين، تارة بمواجهة «صادمة» تدعو المصريين إلى مزيد من التقشف والتوفير في تناول الطعام واستخدام الكهرباء وغيرها من احتياجات الحياة اليومية، وهي رؤية يراها البعض واقعية، وتارة، حسبما يعتبرها آخرون، ب«دغدغة» مشاعر الجماهير بوعود تحقيق عدالة اجتماعية تحسن مستويات المعيشة وتنتشل المصريين من وطأة الفقر. «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية».. هتاف المصريين الخالد منذ اندلاع ثورة 25 يناير مازال يبحث عمن يحول حلم الحياة الكريمة إلى حقيقة، وإرادة تشعر وتُفعل ذلك بسياسات تؤمن بأن المصريين يستحقون الأفضل دائمًا. ويتصدر ملف الاقتصاد اهتمام مرشحي الرئاسة، في الوقت الذي تراجع فيه اقتصادنا إلى المرتبة 140 على مستوى العالم في السنوات الثلاث الماضية، كما وصل عجز الموازنة العامة للدولة إلى 200 مليار جنيه. ويشير خبراء اقتصاديون إلى أن دعم سلع الفقراء لا يستحوذ سوى على 25 مليارًا من الموازنة، وحذروا من أن إلغاء الدعم من الممكن أن يتسبب في حدوث أزمة اجتماعية خطيرة.. وطالبوا بالبحث عن بدائل أخرى لإلغائه حتى لا نقع في أزمات أكثر تعقيدًا. ومنذ «30 يونيو»، تعتمد مصر في سد احتياجاتها ومعالجة عجز الموازنة على سخاء تبرعات دول الخليج. «مش قادر أديك» «فكرة العوز حاكمة المشهد المصري أكثر من 30 سنة ودي يتطلب منا نقف.. مش هقدر أعمل حاجة دلوقتي.. مع تقديري لمطالب المعلم ولو أنت هتهد ولا البلد هتعيش.. مش عشان خاطري إحنا هنصبر شوية وهنجري قوي لا مش هنجري قوي هنقفز عشان نخرج من دائرة العوز وهنخرج منها بفضل الله».. هكذا كانت رؤية المرشح الرئاسي، المشير عبدالفتاح السيسي، للأوضاع في مصر. المشير في حوارته الإعلامية دعا المصريين إلى الصبر وترشيد استخدامهم للطعام والكهرباء، لحين تحسين القدرات الاقتصادية للدولة: «لو ال 25 مليون أسرة وفروا رغيف يوفروا 25 مليون رغيف ويقسم الرغيف أربعة أرباع.. وإذا ماكنتوش تصبروا فالظروف مش هتتحسن.. وأنا مش قادر أديك». ويقول السيسي إنه سيفعّل القانون: «القانون موجود إحنا مش هنهزر.. وهتاكلوا مصر يعني؟!.. إديني فرصة وما تعرقلنيش».. إلا أنه استدرك «هعمل آليات مالهاش حل.. مانسيبش الفقير في عوز.. وهقف جنب الغلبان في مدة قصيرة». جانب من الآليات التي تحدث عنها المشير في مواجهته على سبيل المثال لأزمة ارتفاع أسعار اللحوم، كان ب«عمل عربيات مبردات شايلة لحوم بتتباع بأسعار الكل يستفيد»، بالإضافة إلى تحفيز «المصريين دون أن يمس الفقير منهم على الترشيد والدعم في الموضوع ده مش الدعم اللي بنتكلم.. القدرة الذاتية للمصريين.. عندي 8.5 مليون مصر في الخارج.. هتسيبوا بلدكم كده.. بتكلم أقول له ساهم مع بلدك». ويأمل السيسي في تلقي مساعدات من دول الخليج من منطلق أن مصر تعيش «محنة»، حسب تعبيره: «إحنا دلوقي في محنة.. نحن في محنة حقيقية وما قدم لمصر كتير وما سيقدم مهم وقد يكون كثير.. وأنا واثق من وطنيتهم وحكمتهم وفهمهم للواقع الجديد». الفقر وحرب صباحي «المقدسة» حمدين صباحي على الضفة الأخرى يقول: «أنا عندي حرب مقدسة ضد الفقر والقضاء على الفساد، واللي عاوز أوضحه للشعب هوزع على الفقير مش على البهوات وسنيدة لكل سلطة وهخلي التوزيع للأراضي واحدة واحدة». ويعتبر «صباحي» الفقر «أهم مشكلة ونص المصريين تحت خطه والقضاء على الفقر حرب مقدسة هي حربنا على الفقر.. إحنا داخلين ننجز المستحيل من الصعب والانتخابات الرئاسية معركة سهل أن أنتصر فيها، ولكن المعركة الصعبة أن انتصر على الفقر». يغازل حمدين جماهير الناخبين بقضية العدالة الاجتماعية باعتبارها لا تتجزأ عن قضية الفقر «أنا إنسان مؤمن بالناس وجهودها وبمكانة المواطن وبتحقيق عدالة اجتماعية ينتشلهم من الفقر»، ويقول صباحي ذلك من منطلق «شايف بطن الدولة المصرية بفسادها واستبدادها وبقدم طلبات إحاطة واستجوابات وبقيت مع الشارع وأنا بعبر عن قناعاتي وبستفيد من خبراء وطنيين ولو لقيت كلام بيقولوا المنافس من برنامجي ده كويس، ومن بينها العدالة الاجتماعية والقضاء على الفقر». وحول الدعم، يعتزم «صباحي» يوضح أن «الدعم اللي بيروح للمواد البترولية مقدر ب 130 مليارًا، وخطتنا دعم الفقراء ومش هنمسه ودعم الأغنياء هنلغيه». وبجانب الدعم، كان بنك الصعيد ومواجهة الفساد بهيئة لمكافحته والاهتمام بالمشروعات المتوسطة ومتناهية الصغر من بين آليات حمدين في مواجهة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية. على ساحات شبكات التواصل الاجتماعي، تهكم مستخدموها من دعوات المشير السيسي إلى «التقشف» وتندروا بعبارات قالها في حواراته، في حين تسوق حملته الانتخابية لعبارة أخرى قالها في أول حوار له، وهي «العمل كل ما أملكه.. العمل كل ما أطلبه» باعتباره السبيل للخروج من الأزمات التي تواجهها مصر. بينما اعتبر كُتاب للرأي في العديد من الصحف، يحسب بعضهم على التيار المؤيد للسيسي، تصريحات حمدين صباحي عن العدالة الاجتماعية وكيفية مواجهته للفقر بأنها «دغدغة حالمة» لمشاعر المصريين فقط، رغم أن حملة صباحي الانتخابية تبرهن على صدق توجهات مرشحها ببرنامجه المُعلن بعكس السيسي، الذي تحدث قيادات حملته عن أنه لا وقت للحديث عن برنامج انتخابي، بجانب قرب حمدين من الشارع طوال 40 عامًا من عمله السياسي.