شهدت مصر عقب «30 يونيو» وإزاحة «الإخوان» عن الحكم، سيلًا كبيرًا من الفتاوى التي تبيح قتل أفراد الجيش والشرطة، وتحرض على الكراهية والفتنة بين أبناء الوطن الواحد، وصولاً إلى الفتوى الأخيرة للشيخ يوسف القرضاوي والتي تحرم المشاركة في الانتخابات الرئاسية، وربما ستكون القشة التي ستقسم ظهر البعير، لاسيما وأن الأزهر الشريف يدرس بقوة حظر فرع نشاط الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بالقاهرة. لم يقتصر أمر الفتاوى المثيرة للجدل على «القرضاوي»، وإنما امتد ليشمل عددًا من الشيوخ أبرزهم، الشيخ محمد عبدالمقصود الذي أجاز حرق سيارات الشرطة ومداهمة منازلهم. وفي ظل هذه الفتاوى التي أثارت جدلاً كبيرًا في الشارع المصري، انتفض الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف لمواجهتها سواء من خلال الإدانة أو من خلال إصدار عدة قرارات تؤكد أنه ليس من حق من هب ودب إصدار الفتاوى وإنما هناك شروط يجب أن تتوافر في هؤلاء. سارع الأزهر والأوقاف في رفض فتاوى «القرضاوي» ووصفوها بالمخالفة لشرع الله، مؤكدين أن المشاركة السياسية واجب وطني والإسلام حث على المشاركة الإيجابية في كل ما من شأنه إصلاح أمور البلاد والعباد. ومن الخطوات الإيجابية التي أكد عليها محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، ضم جميع المساجد والزوايا بمصر إلى الوزارة، وقصر أداء الخطب بمساجد الأوقاف على الأزهريين، ممن شهد لهم العلماء بحسن العلم والخلق والسيرة وعدم التطرف والالتزام بصحيح الدين الوسطي الحنيف، فضلاً عن ضرورة كتابة إقرار أمام هيئة كبار العلماء بعدم ممارسة السياسة، وترك أي حزب سياسي يعملون به. وفي سبيل مكافحة الفكر المتطرف، قام «جمعة» بمنع 12 ألفًا من غير المتخصصين من اعتلاء المنابر واعتماد تعيين17 ألفًا و248 أزهريًا خطيبًا بالمكافأة من المتخصصين، وتوزيعهم على مساجد الجمهورية، خاصة المساجد التابعة للجمعيات التي تعمل لصالح أحزاب سياسية. بالإضافة إلى إنشاء مرصد بدار الإفتاء مهمته الرئيسية رصد ومتابعة فتاوى التكفير والمقالات على مدار الساعة على الإنترنت ومواقع التواصل وكل الوسائل المقروءة والمسموعة، وكتابة مقال أسبوعي يكتبه المفتي للرد على هذه الفتاوى. بينما على الصعيد القضائي، قال المستشار وديع حنا، الأمين العام للجنة، حصر أموال أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، إن «القرضاوي» من ضمن الشخصيات التي تمت مصادرة أموالهم في القرارات الأخيرة، كما تم وضع اسمه في قوائم ترقب الوصول. بجانب وجود دعوى قضائية قدمها المحامي طارق محمود ضد «القرضاوي» تطالب بإسقاط الجنسية المصرية عنه، والتي لم يتم البت فيها حتى الآن. لم يقتصر أمر محاربة الفتن على الجهات الرسمية وإنما امتد ليشمل الأكاديميين الأزهريين كالشيخ أحمد كريمة، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، الذي طالب برفع دعوى قضائية ضد القرضاوي، بتهمة ازدراء الأديان وسحب جميع الدرجات العلمية منه. وأخيرًا، يمكن القول إن الجهات المخولة بإصدار الفتاوى في مصر هي الأزهر الشريف والأوقاف اللذان يسعيان دومًا لمحاربة هذه الفتاوى، كما أن محاربة الإرهاب تتطلب مزيدًا من هذا الدور لنشر الفكر الوسطي المستنير ومحاربة الفكر المتطرف.
