أسوأ ما فى هذه الفترة التى نعيشها هو ما يحدث من تشويه للجميع.. سواء كانوا وزراء أو مرشحين للرئاسة أو حتى إعلاميين.. الرذاذ يطال كل الرموز.. كأن المصريين إما عملاء لأمريكا.. وإما عملاء لأمن الدولة.. هكذا كانت وثائق أمن الدولة.. وإن شئت فقل: بذاءات أمن الدولة.. التى روّجها فى وقت من الأوقات كتَّاب الحكومة، المحسوبون على الأمن.. لحاجة فى نفس يعقوب! فكيف نبنى الآن دولة، معظم قياداتها مشوهون؟.. وكيف نمد أيدينا فى يد وزير شوهناه؟.. وكيف نتعامل مع مرشح رئاسى، يراه البعض يحمل «أجندة» أجنبية؟.. وهناك آخر يحمل «نتيجة» خارجية؟.. وبين الأجندات والنتائج ضاعت مصر، أو كادت.. فهؤلاء محسوبون على النظام الفاسد.. وهؤلاء بلا خبرة.. وهؤلاء من أصحاب الأجندات.. والنتيجة استبعاد جميع اللاعبين على المسرح السياسى! هل هناك قصد من بقاء الحال على هذا النحو؟.. الناس خايفة.. مش عارفين يصدقوا مين، ويكذبوا مين؟.. لا عارفين إن كانت التعديلات الدستورية كده كفاية، ولا عارفين إن كنا نعمل دستور جديد مرة واحدة؟.. ولا عارفين إن كانت الانتخابات الرئاسية الأول؟.. ولا عارفين إن كان البرلمان الأول؟.. إيه الصح وإيه الغلط؟.. كلنا طلعنا غلط فجأة.. كل شىء غلط.. كل شىء فاسد.. وكلنا عملاء! لابد أن ما قاله الدكتور عصام شرف كان لافتاً فى أول مؤتمر صحفى، بعد حلف اليمين.. قال: أهنئ السادة الوزراء، الذين «قبلوا» الوزارة.. وينبغى أن نضع تحت كلمة «قبلوا» عشرة خطوط.. فهناك من ينأى بنفسه.. وهناك من يهرب، وهناك من يخشى تجريسه بأى شىء.. هناك أيضاً من يؤثر السلامة.. لأن الاتهامات تطال الجميع.. فساد وأجندات ونتايج.. وعمالة داخلية وخارجية! فهل تتعاقد مصر على رئيس جمهورية من الخارج.. مثل حكام كرة القدم، لأن زامر الحى لا يطرب؟.. هناك من يقول إن كل المرشحين على الساحة لرئاسة الجمهورية لا يصلحون.. وهذا الفريق يرى أن الرئيس القادم لم يعلن عن نفسه بعد.. هناك تشكيك فى البرادعى وعمرو موسى.. والتعديلات تخرج زويل ومصطفى السيد من السباق.. وهناك تشكيك فى عمر سليمان وأحمد شفيق! فمن الذى يحكم مصر؟.. لا أحد يعرف.. ولا أحد يتقدم.. الكل خايف.. ليس الخوف من مصير الرئيس السابق حسنى مبارك.. ولكنه خايف من تقطيع هدومه.. الوزراء يخافون، والمرشحون للرئاسة يخافون، والشعب خايف من المستقبل.. كل من يتصل بك يقول إنه خائف.. كل المكاتبات تكشف عن حالة من الذعر.. المصريون إما ثوار أو عملاء.. هناك مخطط لتشويه المصريين، وتشويه أجمل ثورة! أخشى أن تتسرب الثورة من أيدينا.. أخشى أن تضيع، لأن هناك من يتربص بنا.. أخشى أن تضيع بسبب الأنانية المفرطة للبعض.. أخشى أننا لم نستوعب درس الثورة.. لابد أن نعود جميعاً إلى بيوتنا.. لابد أن نعطى الدولة فرصة للنهضة.. لابد أن ننكر ذواتنا.. لابد أن يعمل كل منا فيما يفهم فيه.. كلنا نتكلم ولا نسمع.. نشتم ولا ننقد.. نتهم ولا نفكر.. فين ثقافة قبول الآخر، وفين حرية التعبير؟! أشم رائحة انتهازية ينبغى أن نقاومها.. وأشم رائحة منتفعين بالثورة، بدلاً من المنتفعين بالحزب الفاسد، قبل الثورة.. أشم رائحة تشويه متعمدة، مع سبق الإصرار والترصد.. فلا أحد يصلح للوزارة ولا لرئاسة مصر.. معناه أننا داخلون على فوضى.. ربما لم يصل إليها خيال الرئيس السابق، يوم كان يتشبث بالسلطة بحجة استقرار البلاد.. فانتبهوا من فضلكم: السيارة ترجع إلى الخلف!