مواعيد إجراء الكشف الطبي لطلاب وطالبات المدن الجامعية بجامعة جنوب الوادي    مصر تطالب إسرائيل بوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بالقانون الدولي    تعادل مثير بين فرانكفورت وفيكتوريا بلزن بمشاركة عمر مرموش    توتنهام يفوز بثلاثية على كاراباج في الدوري الأوروبي    «الأهلي طول عمره جامد».. رد ناري من سيد عبدالحفيظ قبل السوبر الأفريقي (فيديو)    محمود أبو الدهب: القمة بطولة خاصة والأهلي يجب أن يحترم الزمالك رغم مشاكله الفنية    مصرع 4 أشخاص من أسرة واحدة في حادث تصادم بمدينة حلوان    طقس اليوم.. حار نهاراً على أغلب الأنحاء والعظمى في القاهرة 33 درجة    لازم يتأدبوا في السجون.. نقيب الأطباء يعلق على فيديو أطباء التحرش بالمرضى    وزير التعليم: مادة الجيولوجيا لا تدرس كمادة أساسية في أي دولة    سر رفض عاطف بشاي ورش الكتابة في الأعمال الفنية.. أرملته تكشف (فيديو)    حسام حسن: صفقات الأهلي والزمالك قوية.. ومن الصعب توقع مباراة القمة    هشام يكن يضع روشتة فوز الزمالك على الأهلي في السوبر الإفريقي    «عبدالله السعيد مش أكيد».. مدحت شلبي يكشف مفاجأة في تشكيل الزمالك أمام الأهلي    رياضة ½ الليل| الأهلي يختتم مرانه.. جوميز يتمنى فتوح.. بطولة تبحث عن ملعب.. ومجاهد يترشح للجبلاية    كأنهم في سجن: "شوفولهم حلاق يحلقلهم زيرو".. شاهد كيف تعامل محافظ الدقهلية مع طلاب مدرسة    بعد سحب ضابط مطاوي على الأهالي .. داخلية السيسي تضرب الوراق بالقنابل والخرطوش والقناصة!    أسعار الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الجمعة 27 سبتمبر 2024    عقب التراجع الأخير.. سعر الريال السعودي اليوم الجمعة بالتزامن مع إجازة البنوك    القبض على عامل بتهمة النصب على الفنان مصطفى كامل بالعجوزة    لمدة شهر.. غلق كلي للطريق الدائري من المنيب اتجاه وصلة المريوطية    سعر التفاح والخوخ والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 27 سبتمبر 2024    بمشاركة 4 دول .. ختام فعاليات مسابقات جمال الخيل بمهرجان الشرقية للخيول    عليك تحديد أولوياتك.. توقعات ونصائح برج اليوم 27 سبتمبر    إيمان الحصري تكشف عن تطورات حالتها الصحية    توضيح من معهد تيودور بلهارس للأبحاث بشأن وحود مصابين بالكوليرا داخله    وزير الصحة اللبناني: أكثر من 40 عاملا في مجال الرعاية الصحية استشهدوا في العدوان الإسرائيلي    وزير الداخلية اللبناني: استقبلنا أكثر من 70 ألف نازح في مراكز الإيواء الرسمية    القطار الكهربائي السريع في مصر.. كيف سيساهم مشروع سيمنس في تعزيز قطاع النقل والبنية التحتية؟(التفاصيل)    الأنبا مرقس يترأس الاحتفال بعيد الصليب والقديس منصور بالقوصية    د.حماد عبدالله يكتب: أنا وانت ظلمنا الحب    استشهاد النقيب محمود جمال ومصرع عنصر إجرامي في تبادل إطلاق النيران بأسوان    غرفة التطوير العقاري: لا فقاعة عقارية في مصر.. والأسعار ترتفع بشكل طبيعي    أسباب ارتفاع أسعار الطماطم في السوق.. ومفاجأة بشأن القمح    فلسطين.. الاحتلال الإسرائيلي ينسف مباني سكنية في محيط الكلية الجامعية جنوب غزة    بعد مشادة كلامية مع شقيقها.. فتاة تقفز من الطابق الخامس في الهرم    وزير الداخلية اللبناني: رسائل التهديد الإسرائيلية وصلت للدوائر الرسمية وأجهزة الدولة    بولندا: خسائر السكك الحديدية جراء الفيضانات تبلغ أكثر من 206 ملايين يورو    ارتفاع جنوني في أسعار السفر الجوي من وإلى إسرائيل بسبب تداعيات الحرب    المغرب يحتل المركز 66 عالميًا في الابتكار وفقا للمؤشر العالمي ل2024    «الأوروبي لإعادة الإعمار» يستثمر 3 ملايين دولار في صندوق استثمار فلسطيني    أنغام تستعد لحفلها الغنائي ضمن حفلات "ليالي مصر" في المتحف المصري الكبير    آثار الحكيم حققت النجومية بأقل مجهود    رئيس جامعة الأزهر الأسبق: الكون كله احتفل بميلاد نبينا محمد وأشرقت الأرض بقدومه    مشيرة خطاب: بذلنا جهدا كبيرا للإفراج عن صفوان ثابت وعلاء عبد الفتاح (فيديو)    أفضل الطرق لمنع فقدان العضلات مع تقدم العمر.. نصائح للحفاظ على قوتك وصحتك    أحمد الطلحي: سيدنا النبي له 10 خصال ليست مثل البشر (فيديو)    أحمد الطلحي: الصلاة على النبي تجلب العافية للأبدان (فيديو)    لمحة عن مسلسل «مطعم الحبايب» بطولة أحمد مالك وهدى المفتي (فيديو)    نائب رئيس هيئة الأركان الأردني الأسبق: إسرائيل تريد اجتياح لبنان لمواجهة إيران    وزير التعليم: من الآن مفيش مدرس هيخاف تاني من طالب    حملة "100 يوم صحة" قدمت أكثر من 89 مليونا و740 ألف خدمة مجانية خلال 56 يومًا    أول تعليق من «الأزهر» على تلاوة القرآن الكريم مصحوبًا بالموسيقى: «جريمة»    عادات يومية من أجل الاستمتاع بيومك للتخلص من التوتر نهائيا    وزير التعليم: نستهدف تدريس البرمجة كلغة أساسية.. المنافسة في سوق العمل ستكون عالمية    دار الإفتاء: المشاركة في ترويج الشائعات حرام شرعًا    نقابة المعلمين تنعى مدير مدرسة توفي بأزمة قلبية أثناء اليوم الدراسي بالمنصورة    وزير الصحة يستعرض تحديات صناعة الأدوية محليا وسبل توطينها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسكندرية: عشش السكة الحديد.. الحياة بين الأمراض والزواحف
نشر في المصري اليوم يوم 31 - 03 - 2014

لم تتخيل زينب حميدة، بعدما دفنت زوجها، ولملمت ما تبقى لها من أثاث، بعد انهيار العقار الذى كانت تسكن فيه- أنها ستضطر إلى الإقامة مع ابنتيها داخل «عشة» من الخشب والصفيح بلا خدمات على شريط السكة الحديد فى القبارى، غربى الإسكندرية. هذا ما حدث مع زينب التى أدركت قبل 10 أعوام أن حلم حصولها على شقة من المحافظة تحمى أسرتها من بهدلة الشارع- يبدو بعيد المنال.
«ما فيش فلوس، وما لقيتش حته تلمنى، وتستر بناتى أحسن من هنا».. قالتها زينب البالغة من العمر 55 عاماً، وهى تشير إلى زقاق ترابى ضيق يكاد يكفى مرور شخص واحد، وتفتح عليه أبواب مجموعة من العشش المبنية من الخشب والصفيح أو من الطوب الأبيض، ولا تتجاوز مساحة أكبرها 15 مترا مربعا.
على امتداد مسافة كيلومتر تقريباً، بحذاء شريط السكة الحديد وقرب محطة القطارات تتناثر نحو 300 عشة، يقطنها نفس العدد من الأسر، ويصل متوسط عدد أفراد كل منها إلى 4 أفراد، وكان هناك 200 عشة فقط فى المنطقة قبل نحو عامين، كما ظهر فى إحصاء أجراه حى غرب التابعة له المنطقة- أى أن العدد يزيد 50 عشة فى المتوسط كل عام.
قالت زينب التى تعمل ابنتاها الشابتان فى تنظيف المنازل إن كل محاولات تركهن المنطقة باءت بالفشل، لأنه ليس لديهن دخل يتيح لهن استئجار حجرة واحدة فقط فى مكان آخر، مشيرة إلى أنها ترغب فى مغادرة المنطقة بسبب ما تعانيه من أمراض تقول إنها أصيبت بها، عقب مرور 4 سنوات على استقرارها بالمنطقة، أبرزها الفشل الكلوى والالتهاب الكبدى، وفقاً لفحوصات طبية حديثة أظهرت أوراقها.
وأضافت: «إحنا عايشين عيشة الكلاب، الوضع هنا ما يرضيش حد أبداً، لا نومة كويسة ولا ميه نظيفة، ولا صرف، ولا كهرباء، والمرض ينهش أجسام الناس كلها».
رغبة زينب فى المغادرة قابلها إصرار على البقاء من جانب جارتها رضا قبارى، (37 سنة)، التى تسكن فى المنطقة منذ 8 سنوات، ولديها 7 أطفال: «إحنا ناس غلابة مش عايزين نتشال من هنا، وراضيين باللى إحنا فيه بس يوصلوا لنا الميه والنور والصرف ويسيبونا فى حالنا». لافتة إلى أن هذا الطلب يرفضه رؤساء شركات المياه والكهرباء والصرف الصحى بالمحافظة، بحجة مخالفته القوانين، باعتبارها منطقة غير مخططة أو منظمة من جانب الحى، على حد قولهم.
يذكر أن سكان العشش التى يعود تاريخ ظهورها إلى نحو 20 سنة مضت يحصلون على مياه الشرب منذ 7 أعوام من بئر حفروها على عمق 16 متراً، وقبلها كانوا يحصلون عليها من «اسطبل الأفندى» للخيول الذى يبعد عن المنطقة نحو 400 متر. وتنقل ماسورة بلاستيكية لا يتجاوز قطرها 4 بوصات مياه الصرف الخاصة بكل عشة إلى مسافة لا تتجاوز المترين خلف العشش. وقال الدكتور ثروت عبد الفتاح، أستاذ الجيولوجيا بكلية العلوم جامعة الإسكندرية، إن هذا الوضع كارثى، فعمق البئر ليس كافياً لاستخراج مياه صالحة للاستخدام الآدمى، بخلاف تشبع المنطقة بمياه الصرف الخاصة بهم، لذا لا بد من توقف الأهالى عن استخدامها فوراً، لأنهم يشربون مياها جوفية مختلطة بالمجارى.
وأضاف إن الدراسات أكدت تشبع هذه المنطقة أيضاً بالمياه المهاجرة أرضاً من بحيرة مريوط القريبة منها، فى ظل أعمال الردم والتعديات التى تشهدها البحيرة، وهى مياه ثبت أنها تحتوى على ملوثات عضوية وصناعية خطرة، على حد وصفه.
ويشكو سكان العشش من انهيار الأسقف الخشبية واندلاع الحرائق فى بعضها، خاصة فى فصل الشتاء بفعل عشوائية تركيب أسلاك الكهرباء، حيث يسرقون التيار الكهربى من أعمدة الشوارع. قال خلف عبدالحكم عباس، (65 عاما)، الذى يقطن إحدى العشش الخشبية: الأمطار تغرقنا فى الشتاء، فالأسقف تشبعت بالمياه وانهار معظمها، وتبطينها بالخرسانة أو المشمع لا يجدى.
وحكى عصام جمعة عن حريق التهم عشته الصيف الماضى، قائلاً: لاتزال على ذراعى آثار الحريق الناجم عن ماس كهربائى فقدنا بسببه كل متاعنا، وكدت أخسر حياتى أيضاً.
الافتقار إلى الخدمات لم يكن مصدر الشكوى الوحيد من الحياة التى يعيشها هؤلاء المواطنون، لكنهم يشكون أيضا من انتشار الزواحف والحشرات المميتة، قال سيد عبدربه، أحد سكان هذه العشش من داخل عشته التى تسودها القذارة، وتغطى أرضيتها الطحالب الناشئة بفعل مياه الصرف: أصبحنا ننام وأعيننا مفتوحة، خوفاً على أطفالنا وأرواحنا من لدغات العقارب والثعابين التى كثيراً ما تتسبب فى انسداد مواسير الصرف الصحى وغرق العشش بمياه المجارى. مسؤولو المجالس المحلية السابقة كانوا يدركون خطورة مشكلات المنطقة، لكنهم لم يمتلكوا الإمكانيات لحلها آنذاك، قال صابر رواق، رئيس لجنة تنمية وتطوير العشوائيات بالمجلس الشعبى المحلى المنحل للمحافظة: لم نكن نمتلك عصاً سحرية، لتنمية المنطقة أو نقل سكانها إلى مناطق لائقة.
ويرى بهاء الدين مبروك، خبير التنمية المجتمعية، مدير المشروعات بجمعية الحرية لتنمية المجتمع والبيئة، أن الجهود الرسمية تأثرت سلبا بأحداث ثورة 25 يناير 2011، قائلا: المشروعات التطويرية شهدت تراخيا وتراجعا تدريجيا، بسبب تخوف مسؤولى الأحياء والمحافظة من تحمل مسؤولية أى قرار يتخذونه طوال الفترة الماضية.
وقال اللواء أحمد محمود متولى، رئيس الحى منذ يونيو 2012، إن المسؤولية لا تقتصر على الحى أو المحافظة فقط، وإنما تمتد إلى هيئة السكك الحديدية التى قال إن معظم سكان العشش يتعدون على حرمها الخاص، مشيراً إلى أن عدد من هذه العشش يقع ضمن حرم السكك الحديدية، ولا نستطيع إزالتها إلا بقرار منها، وهو ما لم يحدث حتى الآن.
وأشار إلى أن دور الحى يقتصر على إبلاغ المحافظة بمشكلات المنطقة وحصر عدد سكانها على أن تتولى الأخيرة مسؤولية التنسيق مع صندوق تنمية وتطوير العشوائيات التابع لمجلس الوزراء، لوضعها ضمن أقرب خطة تطوير يتم اعتمادها.
ورفض محمد حسن، رئيس الإدارة المركزية للهيئة فى الإسكندرية، التعليق بحجة وجود تعليمات وزارية تقضى بعدم الإدلاء بأى تصريحات صحفية.
قال اللواء حسين رمزى، سكرتير عام المحافظة، إن الأولوية فى عملية التطوير تكون للمناطق العشوائية الأكثر خطورة المعرضة لانهيار صخرى أو جبلى، تليها المناطق ذات المسكن غير الصالح للإقامة ثم تلك التى تفتقد المرافق العامة بأنواعها.
وإلى أن تتوفر المخصصات، وتدخل عشش حرم السكة الحديد فى مخطط التطوير، سيبقى سكانها يعانون غياب الخدمات وغزو الأمراض والزواحف.
تم إعداد هذا التقرير الإخبارى بدعم شبكة أريج إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية، ضمن برنامج تدعيم الإعلام لتغطية قضايا الإدارة العامة فى المحافظات)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.