القرم.. حكم ذاتى تحت سيادة أوكرانية على أغلبية روسية

تحولت شبه جزيرة القرم إلى مسرح الأزمة الراهنة بين روسيا وأوكرانيا، وهى منطقة يعود ولاء أغلبية سكانها لروسيا، وهى مفصولة جغرافيا وتاريخيا وسياسيا عن أوكرانيا، كما تعد مقر أسطول البحر الأسود الروسى الذى يضم الآلاف من عناصر القوة البحرية، وهو ما يبرز أهميتها الاستراتيجية والعسكرية بالنسبة لروسيا.
ورأت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن الأوضاع المتوترة فى القرم الآن تعيد إلى الأذهان الماضى الدامى لشبه الجزيرة الاستراتيجية، وأشارت الصحيفة إلى النزاعات التى وقعت، فى مايو 1992 بعد وقت قصير من انهيار الاتحاد السوفيتى عندما أعلن برلمان القرم الاستقلال عن أوكرانيا، وتمت تسوية النزاع بموجب اتفاق منح القرم حكما ذاتيا داخل أوكرانيا فيما حصلت روسيا على حق الحفاظ على قاعدة أسطول البحر الأسود، حتى 2017.
وفى 2012، أقر الرئيس المعزول، فيكتور يانوكوفيتش، تمديد الاتفاق لمدة 25 عاما حتى سنة 2042، وبالمقابل، قدمت موسكو أسعارا تفضيلية للغاز الذى يباع إلى أوكرانيا،. وكان الرئيس الأوكرانى الموالى للغرب، فيكتور يوشنكو، أثار مخاوف موسكو عندما أعلن، فى 2009، أن على روسيا إخلاء قاعدتها البحرية فى القرم، وتخشى روسيا الآن أن تعمد السلطات الأوكرانية الجديدة فى كييف إلى طرد الأسطول مجددا.
وقالت الصحيفة الأمريكية إنه إذا كانت روسيا تمتلك مصالح اقتصادية كبيرة فى شرق أوكرانيا، فإن أعظم اهتماماتها العسكرية الاستراتيجية يقع فى شبه جزيرة القرم، التى قرر برلمانها إجراء استفتاء على الانفصال نهاية مارس، وأضافت أن العلاقات التاريخية العميقة بين روسيا وشبه جزيرة القرم، خاصة المصالح العسكرية فى القواعد البحرية تساعد فى تفسير سبب معارضة روسيا لتقارب أوكرانيا مع الغرب.
وتمتد شبه جزيرة القرم فى البحر الأسود، ولا تتصل بالبر القارى إلا من خلال شريط ضيق من جهة الشمال.
ويمتد من جهتها الشرقية شريط أرضى يكاد يتصل بالأراضى الروسية. ووفقا لإحصائيات السكان الأوكرانية، تعد شبه جزيرة القرم موطنا لحوالى مليونى شخص، مع ما يقرب من 60% منهم من الروس، وما يقرب من 25% من الأوكرانيين، وحوالى 12% من التتار.
وكانت القرم مركزا للنزاعات الإقليمية على مدى القرون الماضية، حيث يمثل موقعها نقطة محورية للإمبراطوريات المتنافسة وقد احتلت أو اجتيحت من قبل الإغريق، والمغول، والروس، والبيزنطيين، والعثمانيين، والتتار وغيرهم. ولم تصبح القرم جزءا من أوكرانيا إلا فى 1954، عندما قرر الزعيم السوفيتى، نيكيتا خروتشوف، وهو أوكرانى الأصل، إهداءها إلى موطنه الأصلى، ولم يكن لذلك القرار أثر عملى إبان الحقبة السوفيتية، ولكن بعد انهيار وتفكك الاتحاد السوفيتى، 1991، أصبحت شبه جزيرة القرم جزءا من أوكرانيا المستقلة.