تشهد إسبانيا، في الوقت الحالي، قدرا كبيرا من الجدل بخصوص ملكية «مسجد- كاتدرائية» قرطبة المتنازع عليها بين الكنيسة وحكومة إقليم الأندلس. ويعتبر المعلم الأثري التاريخي رمزا ثقافيا ووطنيا لمدينة قرطبة، التي أنشأها أعظم ملوك الأندلس، عبد الرحمن الثالث، الملقب ب«الناصر»، وجعل منها في القرن العاشر حاضرة الخلافة الإسلامية في الأندلس، إلا أنه عقب سقوط الأندلس وحروب الاسترداد تحول مسجدها العريق لكاتدرائية، ولكن البناء ظل محتفظا بأقواسه وعقوده الحمراء المميزة، وقبابه الرائعة ومحاريبه بالإضافة إلى زخارف جدرانه والنقوش القرآنية. كانت الكنيسة الإسبانية سجلت المنشأة باسمها، في 2006، بالسجل المدني وذلك حيث استغلت قانونا يسمح بهذا الأمر حيث ستعود ملكية الأثر بالكامل لها، في 2016، ما لم يتم وقف الأمر عن طريق اتخاذ اجراءات قانونية أخرى. وبدأ عدد من النشطاء حركة تسعى لنقل ملكية الأثر العريق من يد الكنيسة إلى حكومة إقليم الأندلس. وقال الشخص الذي قام بتسجيل الملكية، خوان خوسيه خورادو، إن كتاب «تاريخ إسبانيا» يشير إلى أنه، في 1882، حينما تم اعلان «مسجد-كاتدرائية» قرطبة أثرا قوميا، فإنه يعترف به ك«مكان كاثوليكي مقدس»، وهو نفس النص الذي استخدمته منظمة «يونسكو» عند ادراج الأثر في قائمتها للتراث الإنسان، في 1984. ووصل الجدل إلى الساحة السياسية، حيث قال عمدة المدينة، خوسيه أنطونيو نييتو، إن «هذا الأمر في الوقت الحالي لا يعد شيئا يمكنه احداث توتر في المجتمع»، مطالبا بوجود حركات ومبادرات مماثلة «لمساعدة العاطلين والعائلات التي تواجه خطر الطرد من منازلها». من ناحيتها فإن حكومة إقليم الأندلس تحتوي بداخلها على أراء متعارضة، حيث يؤيد نائب رئيسها، دييجو فالديراس، المبادرة التي تقدم بها النشطاء بحذافيرها، إلا أن موفدة الثقافة الاقليمية، مانويلا جوميث، ترى أن مسألة تسجيل المنشأة من قبل الكنيسة كان «قانونيا». ويعتبر مسجد قرطبة واحدا من أروع الآثار التي أنشأها المسلمون من الأعمال المعمارية بالأندلس، جنوب إسبانيا، خلال فترة الوجود العربي هناك، 711 م. إلى 1492 م.، وبجانبه أيضا قصر الحمراء بمدينة غرناطة، وعدد أخر وكبير من الآثار بمدن مثل إشبيلية ومالاجا.