قال حمدين صباحي، المرشح الرئاسي المحتمل، إنه قرر الترشح لرئاسة الجمهورية سعيًا لتحقيق أهداف ثورة 25 يناير، مؤكدًا أنه لا مانع لديه في التعامل مع «وزير دفاع قوي» إذا في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وأوضح «صباحي»، في مقابلة مع صحيفة «السفير» اللبنانية، الأربعاء، أنه قوبل بضغط من شباب الثورة، الذين رأوا أن عزوفه عن الترشح «يساهم في استمرار الوضع الحالي، الذي يشهد تراجعا في الحريات السياسية وعودة للقبضة الأمنية القديمة بدرجات أسوأ مما كانت عليه في عهد حسني مبارك»، حسب تعبيره. وأشار إلى وجود حوار مفتوح مع عدد من القوى السياسية للتنسيق قبل بدء معركة الانتخابات رسميًا. وأضاف أن لقاءً سيعقد مع المرشح الرئاسي السابق، خالد علي، ل«بحث مدى التوافق على مرشح واحد للقوى الثورية»، معتبرًا أن «هذه المرة الانتخابات أصعب بكثير لأسباب من بينها أن كل المرشحين الحالمين بوصول الثورة إلى السلطة كانوا محمولين على موجة 25 يناير، لكن هناك الآن شعورا واسعا لدى الناس بالتعب والاستنزاف، وقد أصبحت الدولة في حد ذاتها مطلبا». وعن خوضه سباق الرئاسة، قال: «أعلنت ترشحي بناءً على قرار شخصي وقرار تنظيمي من حزب الكرامة والتيار الشعبي، وأكدنا أننا في حوار مفتوح، قد يصل إلى نتيجة». وبسؤاله عن أطراف هذا الحوار، أجاب: «حتى الآن لم يطرح أحد نفسه إلا المرشح الرئاسي السابق، خالد علي، بالإضافة إلى أطراف حزبية كحزب التحالف الاشتراكي، الذي نقل أنه يتجه لتأييدي، غير ذلك، فتحنا حوارًا مع الحزب المصري الديمقراطي وحزب المصريين الأحرار، وننتظر حزب الدستور لينتهي من بعض الأوضاع التنظيمية». وتابع: «أنا أعتقد أننا لو كنا نريد مرشحًا يمثل هذه الثورة، فيجب علينا أن نحسب الأمور جيداً، لأننا نواجه مرشحاً قوياً ومدعوماً من الدولة وله رصيد شعبي كبير، ومن جهة أخرى، نحن قلنا منذ أشهر، عبر حملة (مرشح الثورة) إننا نريد الحوار حول الانتخابات الرئاسية، لكنّ أحداً لم يستجب، والشركاء في جبهة الإنقاذ الوطني إما يريدون دعم المشير السيسي أو لا يريدون دعمي، وحزب التجمع، على سبيل المثال، أعلن أنه سيدعم السيسي.. أي أننا نجحنا سويًا في ميدان التحرير وفي 30 يونيو ولكننا فشلنا بعد ذلك في التوافق». وعن حواره مع حركات ثورية وشبابية، قال: «بالرغم من وجود تفاوت واسع في بعض المساحات، إلا أننا نسعى لتجاوز الخلافات، خاصة أننا قريبون فيما يتعلق بالموقف من العدالة الاجتماعية والبناء الديمقراطي واستعادة الدور الإقليمي المستحق لمصر، وأنا أختلف مع شعار (يسقط حكم العسكر)، وأراه تعبيراً زاعقاً عن نقد واجب لممارسات المجلس العسكري، لكنني لا أرى أنه يجب أن يقف هذا بيننا». وسألت «السفير» في حوارها «صباحي»: «هل تقبل أن تكون رئيسًا في ظل وزير دفاع قوي ومحصّن»، فأجاب: «أنا من المؤمنين بأهمية أن يكون الجيش المصري قوياً، وذلك لأسباب تتعلق بالخارج والداخل، وبأهمية الجيش في بناء الدولة المصرية، وهذا دوره التاريخي منذ عصر محمد علي، غير أن الجيش المصري أصبح لديه اليوم رصيد ثوري، بانحيازه إلى الناس خلال ثورتي 25 يناير و30 يونيو، وهذا معناه ألا يكون طرفا في التجاذبات السياسيات، وألا يقدم نفسه كحاكم بل كحارس وحام». واستطرد: «من وجهة نظري، فإنّ دخول الجيش طرفاً في اللعبة سياسية يضر بالقوات المسلحة، وكلنا يعلم أن الرئيس المقبل محكوم عليه بأن ينجح فقط في حال تحقيقه آمال الناس، وفي ظل ثورة التوقعات لدى المصريين مع محدودية الموارد، من المرجّح ألا ينجح في كل التوقعات، وفي هذه الحال، ماذا سيحدث في حال قال الشعب لهذا الرئيس القادم من الجيش أنت فاشل ودخل معه في مواجهة؟، هذا بالطبع سيعرّض الجيش للخطر ونحن لا نريد ذلك». وقال: «كنت أفضل أن يبقى المشير السيسي، وهو يملك مكانة شعبية مستحقة، على رأس القوات المسلحة وليس طرفًا في اللعبة السياسية، وعموما، في حال فوزي في الانتخابات الرئاسية، أنا أفضّل أن اتعامل مع مسؤولين أقوياء ولا أرى مانعاً في التعامل مع وزير دفاع قوي، خاصة أنني أسعى لتقوية الجيش المصري». وبسؤاله عن تصريحات له أعلن خلالها أنه عرض شراكة على السيسي، وذلك قبل إعلان ترشح «صباحي» للرئاسة، قال: «نعم، عرضت بشكل علني وعبر وسطاء على اتصال قوي شراكة مبادئ، وليس شراكة مناصب». وحدد صورة هذه الشراكة في أنها «4 مبادئ رئيسية، منها إطلاق سراح كل شباب الثورة المعتقلين وعدم السماح بعودة رجال مبارك للمشهد، وطرح رؤية واضحة للعدالة الاجتماعية والانحياز للفقراء، ولكن لم تصلني تأكيدات حاسمة»، حسب قوله. وردًا على سؤال حول قبوله الشراكة في حكم رئيس آخر حال عدم فوزه في سباق الانتخابات الرئاسية المقبلة، أجاب: «المعيار بالنسبة لي هو تحقيق أهداف الثورة، وإذا كنا سنقع في خندق المعارضة فسيكون الأساس هو الضغط لتحقيق هذه الأهداف، وفيما يتعلق بشخصي، فأنا ليس عندي إلا خيارين، إما مواطن طبيعي له موقف سياسي يعارض أو يدعم السلطة، وإما مواطن منتخب لشغل دور معين، إذن أنا لن أشغل أي منصب سياسي تنفيذي، وهذا لا يتعارض مع مفهوم الشراكة». في الوقت نفسه، أبدى «صباحي» رضاه ب«إنجاز الدستور»، وأضاف: «ها نحن ندخل مرحلة الانتخابات الرئاسية، وإذن على المستوى الزمني، فإن الإدارة الانتقالية كانت موفقة، أما على المستوى السياسي فالسلطة الانتقالية لم تتمتع بكفاءة سياسية، والدليل هو تفكك (تحالف 30 يونيو)». واعتبر أن «هناك خطأ كبير في إصدار قانون التظاهر، الذي لا يحترم حقوق المصريين وأودى بشباب الثورة وراء السجون، المعادلة التي تجعل شباب الثورة في السجن والمفسدين من رموز مبارك خارجه هي بمثابة ناقوس خطر على الفشل السياسي». وقال: «صحيح أن حجم الإرهاب ضخم ومواجهته واجبة، وهذا يتطلب دعم الشرطة والجيش، لكن إلقاء القبض على مواطنين أبرياء تحت عنوان (مكافحة الإرهاب) فهذا إفراط في القبضة الأمنية واستعادة للوجه القديم للشرطة المصرية». وواصل: «على المستوى الاجتماعي، فإن اعتماد قرار الحد الأدنى للأجور قد مثّل أول ثمرة للثورة المصرية المستمرة منذ 3 أعوام، ولكن حتى الآن لم يطبق القرار بشكل واضح، وعندما نرى أن العمال يحتجون فهذا مؤشر على أن هذه السلطة ليست سلطة ثورية، فالسلطة الثورية تكون مع العمال بوضوح» وعن رؤيته لملف السياسة الخارجية حال توليه رئاسة الجمهورية، قال: «أفضل دور لمصر أن تتسق مع حقائق الجغرافيا والتاريخ، لا مستقبل لنا من دون دور عربي ناهض للتفاعل مع الأمة، ولكي تتمكن من أداء هذا الدور فإنها تحتاج إلى التعافي داخليا، وبالتأكيد أنا لا أسمّي دور مصر العربي سياسة خارجية بل سياسة عربية، لكن لعب أي دور في الخارج يتطلب أولا بناء دولة قوية سواء كانت هذه الأدوار على المستوى العربي أو الافريقي، أو على مستوى العالم الثالث». وحدد ملامح هذه الدور، بقوله: «أولًا لابد من إعادة النظر للدور المصري في القضية الفلسطينية، وينبغي أن يكون أي دور مصري منطلقا من حقيقة أن إسرائيل عدو يسعى للتوسع واغتصاب الأراضي الفلسطينية، وهذا أمر لا يتغير بالتقادم، ونحن نحتاج إلى دور مصري يواجه السياسات الاسرائيلية الغاشمة، التي تتجلى في مفاوضات برعاية أمريكية لن تؤدي إلا إلى مزيد من الظلم والنهب والتوسع، وجزء من هذا هو لعب دور حاسم في اتمام مصالحة مفتقدة في فلسطين، تعرضها لاقتتال داخلي أو لاقتحامات اسرائيلية جديدة». وعلق على المشهد السوري، بقوله: «أي تقسيم للأراضي السورية هو ضرب مباشر لأمن مصر، أي عدوان خارجي على سوريا هو عدوان مباشر على مصر، وموقف مصر الصحيح هو الوقوف بحسم مع سوريا ضد أي عدوان أجنبي، وعلى مصر أن تقول بطريقة صحيحة إنها مع الشعب السوري وخياراته، وأنها مع وحدة الأرض والشعب والدولة». وأضاف: «لابد أن تكون مصر واضحة في أنها تقف ضد أي سفك للدم السوري سواء من قبل السلطة أو من قبل جماعات مسلحة اختطفت مشروع الشعب السوري، وحولته إلى جريمة مستمرة بتمويل وتسليح من الخارج، وتنفذ أجندات إقليمية على حساب سوريا والشعب السوري». وأكمل: «في النهاية لا مستقبل لسوريا من دون دولة سوريا.. إذا انكسرت الدولة السورية الآن فستنقسم سوريا وهو الخطر الأكبر في رأيي، والنظام الحالي، بغض النظر عن الرئيس السوري بشار الأسد لا مستقبل له إذا لم يعط حريات واضحة للشعب». وعما يتعلق بالملف الإيراني والتركي، قال: «هناك مثلث طبيعي عربي إيراني تركي، يمثل قلب العالم الإسلامي، وهذا المثلث أمامه خياران، إما رؤية مشتركة تراعي المصالح المشتركة لأطرافه، أو تناحر متواصل.. وأنا بالتأكيد مع الخيار الأول»، واصفًا تصريحات رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان ب«المقيتة»، معتبرًا أنه «لا يهيء أجواء علاقة مع تركيا». وقال: «على المستوى الإيراني، أرى أن أي استنزاف عربي مع إيران لا يصب في مصلحة الطرفين، وهنا يبرز الدور المفترض لمصر في إعادة صياغة علاقات عربية مع إيران، بما يطمئن المخاوف المشروعة لدى الخليج من تمدد النفوذ الإيراني». وبسؤاله عن مدى تبعية مصر لدول الخليج، التي دفعت لها هبات اقتصادية عقب عزل مرسي، رد: «مصر لن تعيش على مساعدات أحد حتى من الأشقاء العرب، وقد تكون هذه جرعات واجبة لبلد انهك طويلا، لكننا نستطيع الاعتماد على مواردنا الذاتية، وعلى العلاقات الحقيقية مع الأمة العربية، ونحن نقدّر هذه المساعدات، ولكني لا أسميها هبات، وما دفعه الخليج لمصر هو تعبير عن مصالح هذه الدول، لأن ما دخلته مصر من تحدٍ أمام سلطة التمكين الاخوانية أبعد مخاطر ليس على الدولة المصرية فقط، بل أيضا عن الأنظمة العربية بما فيها أنظمة الخليج، ولذلك فهي ساعدت مصر لاعتبارات أخوّة نحترمها، لكنها أيضا خاضت معركة قبل أن تصل لأرضهم هم».