أما أنا فلم أر ظلماً يشبه هذا الظلم، ولا إجحافاً بحضارة عظيمة يشبه هذا الإجحاف! سمعت كثيراً.. كلمات الفرعون، الفراعنة، وطبعاً مصحوبة باللعنات، والشىء العجيب أنهم يطلقونها ولا يعرفون معناها، ويعممونها.. وهم بضع عشرات من حكام العصر الهكسوسى! كلمة فرعون ليست اسماً لملك.. بل قصر لمن يحكم مصر سواء من المصريين القدماء أو الهكسوس أو اليونان أو الرومان، وهى كلمة من كلمتين مصريتين: بر أى بيت، عا أى العالى.. فيكون معناها البيت العالى.. كما نقول الآن قصر عابدين أو البيت الأبيض أو عشرة داونج ستريت فى لندن! إن عدد الملوك الذين حكموا مصر حتى الأسرة 30 كانوا 557 ملكاً، منهم 78 ملكاً هكسوسياً فى الأسرات 15، 16، 17، وكان فرعون موسى.. هو الملك الهكسوسى السادس من الأسرة الخامسة عشرة كما جاء فى كتاب «العالم فى أيام إبراهيم» تأليف ثلاثين عالماً بريطانياً، أما الهكسوس فهم الملوك الرعاة للبدو الرحل، معظمهم من الآراميين ومعهم العرب البائدة. أما ملوك أجدادنا المصريين.. فمنذ قدموا للعالم التوحيد والعدالة.. هو ذا الإمام محمد أبوزهرة يقول: كان إله قدماء المصريين واحداً فرداً ليس كمثله شىء، كما يقول العقاد: فالتوحيد فى مصر كان معروفاً قبل عصر إبراهيم، ويقول ثروت عكاشة: لم يتخلف المصريون عن التوحيد أو يحيدوا عنه. أما عن العدالة.. فقد أقامت مصر حضارة منذ آلاف السنين 5619 ق.م «الأسرة الأولى- مانيتون».. وما زالت جيناتها تجرى فى عروقنا حتى الآن «شباب 25 يناير»، كان خطاب العرش لكبير الوزراء: اعلم أن الماء والهواء سوف ينقلان إلى كل ما تفعل أنت وباقى الوزراء فى الخفاء، ليكن نبراسك ماعت «ربة العدالة». هل قرأتم الرسائل التسع للفلاح الفصيح خونانوب، والتى أرسلها لحاكم إقليم وادى النطرون؟! إليكم عينة منها: إتق دنو الآخرة، أنت الدفة فلا تنحرف، وأنت الميزان فلا تمل «تميل»، أنت المفروض أن تكون عادلاً لا وجود لعدلك! لا تكن ظالماً.. فغداً ستدور عليك الدوائر، أولاك الناس ثقتهم فتخليت عنهم، سيضيعك إهمالك، ويقضى عليك جشعك!.. هل عينك الملك حاكماً على الإقليم حتى تكون معيناً للصوص وقطاع الطرق؟! أخيراً.. أرسل «رنسى بن ميرو» حاكم وادى النطرون إلى خونانوب الفلاح الفصيح يقول: لقد تعمدنا عدم رد مسروقاتك.. حتى تكتب لنا رسائلك البليغة.. هو ذا اللص تحت أيدينا، وها هى بضاعتك.. تعال وتسلمها. والآن هل ندين التاريخ المصرى كله لأن 78 هكسوسياً.. من 557 ملكاً حكموا مصر.. كانوا مجرمين؟! هل أدين البطاركة جميعاً لأن أحدهم كان وراء مصرع العالمة المصرية العظيمة هيباشيا 415م؟! هل أدين التاريخ الإسلامى كله لما فعله يزيد بن معاوية، أو الوليد بن يزيد.. وما فعله بالقرآن الكريم؟! حين سألوا فرانسيس بيكون: كيف تتقدم أوروبا؟ قال: 1- أن يكون لها تاريخ، وعليها أن تأخذ التاريخ اليونانى الرومانى.. المبنى على التاريخ المصرى. 2- ثورة صناعية. 3- فصل الدين عن الدولة. ونحن نملك أعظم تاريخ، وأعظم من يشوه تاريخ بلاده بسبب جهلنا وتعصبنا، وتصديقنا لما يقوله اليهود عن فرعون.. والمذهل أنهم يذكرون اسمى القابلتين «الداية» فى ميلاد موسى، ولا ينكرون اسم الفرعون فى ذلك الوقت.. ليس غريباً أن يجمع كثيرون من علماء اليهود مثل، زائف هرتزوج، سيلبرمان، فنكلشتاين، على أن اليهود لم يدخلوا مصر حتى يخروجوا منها!! يقولون سُخرة!! إن سُخرة العالم كله لا تستطيع رفع حجر وزنه سبعون طناً حتى يكون سقفاً لغرفة الملك فى الهرم الأكبر.. قالوا.. سحراً، وقالوا سكان كواكب أخرى.. والحق أنها حضارة وعلوم لم نكتشف كل ما فيها حتى الآن. [email protected]