وامتلأت الميادين عن آخرها بتلك الطاقة العالية، بكهرباء الثورة، كهرباء مصممة لإنارة الأوطان، ومن حاول أن يسرق التيار من جماعات العشوائيات الفكرية وضعاف النفوس لإنارة بيته وحده، فيسصعقه التيار الجارف، وربما يحرق بيته ومعه يحرق من حوله. هذا التيار الجارف لإنارة مصر كلها كوطن، ليس لإنارة منتجعات خاصة أو عزب أو مصانع، أو دكاكين خاصة، حتى تلك التى تنتمى لمن يظنون أنهم مفجرو الثورة، كهرباء الأوطان تضىء الأوطان فقط، متى حاولنا أن نسرق منها لإنارة بيوتنا، حرقنا بيوتنا، ومعها نحرق الوطن أيضاً، إنه فارق التوقيت وفارق اللحظة الذى فشل النظام القديم فى استيعابه، وأرجو أن نمسك به هذه المرة، كى تشرق علينا أنوار الحرية، الحرية للجميع وليس للجماعة، أى جماعة. فى ليلة 11 فبراير، يوم الرحيل ويوم النصر العظيم تغيرت مصر كلها، غير النيل اتجاهه، فبدلا من أن يصب ماؤه فى المتوسط، رأيت النيل يرفع رأسه عند القاهرة كما ثعبان الكوبرا، الذى تسيد المشهد الفرعونى، ويعود النيل إلى الوراء إلا قليلا، ليمطر على المصريين من مائه بردا وسلاما يطهرهم به من رجس حقبة حولت المصرى الفصيح إلى مصرى قبيح، حقبة حولت أرض الحضارة وأرض الكنانة العظيمة إلى أرض التفاهة وأفكار الدرجة الثانية، حقبة سممت ماء النيل، فلم تنم فيها سوى الحشائش العفنة، التى كانت تطفو على سطح الحياة الثقافية والسياسية المصرية، وجاءت الثورة لتنقلنا من حالة العبيد التى عشناها لسنوات إلى أحرار فى سبعة عشر يوما حسوما، ترى فيها الناس سكارى بنشوة النصر، إيمانا بأن هناك عادلاً فى السماء، وإن ربك لبالمرصاد، فمتى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً. أصبح المصريون أحرارا، عندما تفجرت فى المجتمع طاقة لا قبل للناس بها، كهرباء من نوع الضغط العالى، طاقة تصلح فقط لإنارة الأوطان، ومن يحاول أن يسرق هذا التيار فبكل تأكيد ستحرقه وتحرق من معه وقد تحرق بيته، لأن كهرباء الثورة مصممة فقط لتنوير وطن، لا لإضاءة عزبة أو دكاكين خاصة أو شركات، أو بيوت، فأياً كانت قدرة الشركات، وأياً كانت أسلاك البيوت القديمة، فلن تقوى على استيعاب هذا التيار الجارف. لذا أحذر إخواننا من يريدون أن يركبوا الموجة، من محاولة إلقاء سنارة، أو توصيلة أسلاك غير شرعية لسحب تيار الثورة إلى بيوتهم، فمن يحاول سيصعقه التيار، كقطة تحاول المشى على خطوط الضغط العالى، وهذا ليس تحذيرا للناس فقط، وإنما للجيش أيضا، الذى أوكلناه عنا لحراسة هذه الثورة وحراسة الوطن، فإذا ما أراد الجيش نفسه أن ينتفع من الثورة بشكل فئوى، أو أن يوصل توصيلة غير شرعية لإنارة بيوت الجيش فقط ومكتسبات الجيش فقط، فتأكد أن التيار العالى سيحرق كل شىء، لأن هذه الكهرباء العالية، يا جيشنا العظيم الذى نكن له كل التقدير، والذى تصرف بدرجة عالية من الحضارة طوال أيام الغضب، يا أيها الجيش الأبى، إن هذه الكهرباء وهذه الطاقة مصممة فقط لإنارة الأوطان، لا البيوت الخاصة. مهمتكم اليوم، أيها الجيش العظيم، هى منع الأسلاك غير الشرعية من ركوب الموجة أو التوصيل غير الشرعى من كهرباء إنارة الوطن، خوفا على مصر، وحماية للانتهازيين وأصحاب الدكاكين الخاصة من غبائهم ومن أنانيتهم، ومن سذاجتهم، ساعدوهم على تجاوز وهم ما قبل 25 يناير، الذى كان فيه كثير من الدكاكين ينار طوال الليل بكهرباء مسروقة، قولوا لهم أن تحذيرنا الأخير هو ذات التحذير المكتوب على محطات الضغط العالى، خطر الموت هو أن يحاول أى شخص سرقة كهرباء غير مصممة لإنارة بيوت خاصة، فكهرباء الثورة مصممة فقط لإنارة الأوطان.