فاز الكاتب الليبى العالمى إبراهيم الكونى بجائزة ملتقى القاهرة للرواية العربية، الذى نظمه بنجاح كامل المجلس الأعلى للثقافة تحت قيادة أمينه العام الدكتور عماد أبوغازى، أحد أساتذة التاريخ الجامعيين المرموقين، ومن نبلاء المثقفين المصريين المعاصرين الذين أصبحوا من العملة النادرة. وتبرع الكاتب الفائز بالقيمة المالية للجائزة وقدرها مائة ألف جنيه مصرى إلى أطفال قبيلة الطوارق، وهم من قبائل الأمازيغ الذين يعيشون فى ليبيا والجزائر والمغرب وموريتانيا والنيجر ومالى، والتى ينتمى إليها الكاتب. ولكن الكاتب الروائى المصرى المعروف محمد يوسف القعيد فى مقاله بمجلة «المصور» عدد 22 ديسمبر الماضى يصف تبرع الكونى لأطفال الطوارق بالتصرف الغريب، ويقول «هل يحاول الكونى أن يعلق فى رقبته قضية الطوارق مثلما فعل أورهان باموك مع قضية الأرمن، ألم يكن من الأجدى أن يتبرع الكونى لأطفال فلسطين والعراق، أم أن ذلك قد يغضب الغرب». وفى هذه السطور القليلة تكمل مجموعة من المشاكل الكبرى التى يعانى منها العقل العربى، وأولاها اعتبار ما يسمى «الغرب» هو محور كل شىء، وأنه عدو «الشرق» الأبدى، وأنه حتى تبرع الكونى لأطفال قبيلته البؤساء كان من أجل إرضاء ذلك الغرب. ما الغريب فى أن يعلق الكونى قضية الطوارق فى رقبته على حد تعبير القعيد، وإذا لم يعلقها فى رقبته أكبر كتاب الطوارق، فمن الذى يعلقها، وما هذا الربط بينه وبين «باموك» فى موقفه من قضية الأرمن رغم أنه ليس منهم، وإنما يرى أن ما حدث لهم على يدى بنى جلدته الأتراك عار يريد محوه، أم أن القعيد يرى أن موقف باموك كان لإرضاء ذلك الوحش الخرافى المسمى الغرب لكى يفوز ب«نوبل»، كما قال البعض إن نجيب محفوظ فاز بالجائزة المرموقة لأنه يؤيد السلام بين العرب واليهود فى فلسطين. ثم لماذا يتبرع الكونى لأطفال العراق وهم ليسوا فى حاجة إلى أى تبرعات ويعيشون فى أحد أكبر بلاد الأرض ثراء، ولماذا يتبرع لأطفال فلسطين والتبرعات تأتيهم من كل حدب وصوب، وقضيتهم تحت الضوء، فى كل الدنيا، بينما لا أحد يعرف شيئا عن قضية الطوارق، وهل «الغرب» إياه تعنيه قضية الطوارق حتى يكون التبرع لأطفالهم إرضاء له، أو لا تعنيه قضية العراق أو قضية فلسطين حتى يغضبه التبرع من أجلهما، وأليس من يسعى إلى العدل يسعى إليه لكل الناس وفى كل مكان. [email protected]