أنشئت وكالة «بازرعة» فى العصر الفاطمى، وتحديدا فى القرن ال11 من الهجرة، واسمها الأصلى وكالة التمبكشية، وتقع فى الشارع الذى يحمل نفس الاسم فى الدرب الأصفر المتفرع من شارع المعز لدين الله بالقاهرة، وتحاط جوانبها بأجزاء أخرى من التاريخ، حيث تتجاور مع وكالة عباس أغا، وخانقاه جمال الدين يوسف الأشادار، وتقف الوكالة شاهدة على عصر الفنون الإسلامية، وكذلك ما سبقنا إليه أجدادنا من أفكار معمارية. وعرفت وكالة بازرعة بين الناس باسم وكالة الكخيا نسبة إلى حسن كتخدا الذى كان يلقب بالكخيا، وكان الغرض الأول من بنائها هو بيع الأخشاب، إلى أن اشتراها التاجر اليمنى الحضرمى محمد بازرعة فى أواخر القرن ال13 الهجرى، الذى يقال إن اسمه «بازرعة»، يعود لتجارته فى البذور والحبوب، وبالفعل خصصها لبيع الحبوب، خاصة البن اليمنى الشهير. وتعد وكالة بازرعة مع نظيراتها من الوكالات القاهرية القديمة أول شكل لما يعرف الآن بالمراكز التجارية «مولات»، فرغم وجود الأسواق فى ذلك الوقت فإن الوكالة كانت أمرا مختلفا حيث كانت مكانا شبه مغلق، وتتميز عن الأسواق بوجود أماكن مخصصة للدواب، ومبيت التجار أيضا، بالإضافة إلى غرف تخزين البضائع، مما جعل منها مركزا تجارياً وفندقا فى آن واحد. ويتسم تصميم بازرعة أو التمبكشية بأنه على شكل مستطيل يعتمد على نظام الصحن أو الساحة الواسعة المكشوفة التى تحاط بالمحال التجارية فى الطابق الأرضى، والوحدات السكنية فى الطوابق العليا، وتتكون الوكالة من 3 طوابق، الأرضى كان مخصصا للتجارة وبه محال ومخازن تصل إلى 25 مخزناً، وكان يتم تفريغ حمولة الجمال والبغال فى هذا الطابق والمصمم خصيصا ليسع 100 من الدواب مع وجود ساقية مياه بحوض يشبه النافورة فى منتصف الساحة. ويرتبط الطابق الأرضى بالطابقين الثانى والثالث بسلالم واسعة، وتوجد فى الطابق الثانى 366 غرفة سكنية كان يتم تأجيرها للتجار والحرفيين وحتى المسافرين وزبائن الوكالة، ويتميز تصميم الوحدات بأنه رأسى أو بنظام «الدوبليكس» الحالى فى صورة طابقين متصلين بسلم داخلى، وكان معتادا وقتها بجانب وجود الغرف الرئيسية أن توجد غرف أخرى غالبا اثنتين، يتم تخصيصهما للمسافرين ذوى الأهمية، ورغم دقة المعمار فإن الوحدات السكنية خلت من أى مظاهر جمالية باستثناء المشربيات، وعلى عكس تصميم أغلب الوكالات التى تحوى بابا واحدا، تميزت بازرعة بوجود بابين: الأول مفتوح على الساحة الداخلية ويهدف لجذب الزبائن، والثانى يقود إلى الوحدات السكنية مباشرة، مراعاة لخصوصية النزلاء ليدخل منه الساكن إلى الوحدات التى تتراص عبر ممر طويل تنتشر به فتحات عليا «مساقط» لتجديد الهواء.