فاز الفائزون وخسر الخاسرون، لكن السؤال الأهم الآن هو: هل فازت مصر؟.. يحتفل الوطنى «باكتساحه» المقاعد ونجاح خططه و«تكتيكاته».. وتحزن المعارضة على خسارتها بعد «الوعود» وتتهم التزوير.. ويدرك الإخوان أنهم فقدوا قوة حشدهم.. ولكن هل فازت مصر؟ لقد خسرنا جميعا فى عملية انتخابية عشوائية.. لم تعد الثقة إلى المواطن أو الناخب المصرى المتطلع إليها، ولم تُحرَز المقاعد لمن يستحقونها، ولكن لم «يقدروا» عليها. لقد استسلمنا جميعا، أغلبية ومعارضة، لقواعد معركة، أدواتها ليست النزاهة والاختيار، لكنها البلطجة والمال.. ولن يكون مدهشاً أن نجد مجلس الشعب المصرى لخمس سنوات مقبلة يعج بأصحاب الأموال الضخمة، شرعية كانت أو غير شرعية، المهم أنها أوصلتهم إلى «الكرسى» وإلى «الحصانة». كيف سيشرعون؟! بقرار من الحزب الوطنى.. كيف سيراقبون؟! هل تحدث أحد عن الرقابة؟! كيف سيصوتون؟! نعم، نعم، نعم. لقد سقط معظم رموز المعارضة، ونجح أغلب رموز الحزب الوطنى، لكن الجميع لم يصدقهم أحد.. فالنتيجة كانت إقبالاً ضعيفاً لم يتعد 25% بتقدير لجنة الانتخابات العليا.. بكل الرشاوى وكل الحشد وكل البلطجة لم يخرج إلى الصناديق سوى 25%، معظمهم من الناخبين المسجلين، معظمهم من الطبقات المهمشة، التى تحتاج لتلك الرشاوى وتنساق وراء تلك البلطجة. لا تلتفت إلى زمرة المشاهير والفنانين الذين وضعت صورهم فى الصحف.. فلا يتعدى عددهم حفنة قليلة.. أما السواد الأعظم من 41 مليون ناخب، أما الطبقة الوسطى، أما الشباب فقد جلسوا فى بيوتهم أو ذهبوا إلى أعمالهم ينظرون إلينا من أعلى ويضحكون علينا جميعاً. واصلوا التمثيلية، العبوا كل الأدوار، الأغلبية والمعارضة والكومبارس.. فالجمهور قد انصرف بعيداً ولن يملأ الصالة ولن يصفق فى نهاية العرض.. «يمكن أيضا أن تصفقوا لأنفسكم إذا أردتم». أقل دموية؟.. ممكن.. لكن الحصيلة النهائية لم تظهر بعد.. أكثر عنفاً.. أكيد.. فالبلطجة والترويع كانت السمة الأكثر شيوعاً.. أما التسويد.. أما التزوير.. أما التلاعب، فلا يسأل عليها الوطنى فقط، بل مرشحون كثر تلاعبوا فى النتائج.. النظرية الجديدة فى الانتخابات المصرية هذه المرة كانت العقبات القانونية.. كله بالقانون وبالقواعد.. واشتكى، لو عندك مشكلة نحاول نحلها لك بعد الانتخابات إن شاء الله.. أو اطعن فالمحاكم أمامك مفتوحة.. وهكذا دفعونا دفعاً إلى أن يعيش الشعب المصرى كله على باب المحكمة. الفائزون يحتفلون.. والخاسرون يحزنون.. والذاهبون إلى الإعادة منهكون.. ولكن هل فازت مصر؟ لقد خسرنا جميعاً بريق أمل فى المستقبل.. النتيجة: لم ينجح أحد!