يومًا بعد آخر يثبت الإيطالي مارتشيلو ليبي، المدير الفني لفريق جوانزو إيفو جراند الصيني، أنه أسطورة حية في عالم التدريب، بعد أن حقق خلال مسيرته كل الألقاب العالمية التي يحلم بتحقيقها أي مدرب سواء على مستوى الأندية أو المنتخبات. كما يحتفظ «ليبي» برقم قياسي فريد بين أقرانه، وهو أنه المدرب الوحيد الذي قاد ناديين في قارتين مختلفتين للفوز بلقب دوري الأبطال، بعدما حقق اللقب لأول مرة مع يوفنتوس الإيطالي عام 1996، قبل أن يعود هذا العام ويأخذ بيد جوانزو للقب الآسيوي، لأول مرة في تاريخ الصين، بعد سيطرة كورية ويابانية وأندية غرب آسيا على ألقاب البطولة. وكان نادي جوانزو قد أعلن في 2012 عن تعاقده مع «ليبي»، لتولي مهمة تدريب الفريق بدلًا من الكوري الجنوبي لي جانج سو في عقد لمدة عامين ونصف العام، مقابل 12.7 مليون دولار للموسم الواحد، ليبلغ إجمالي عقده نحو 32 مليونًا، وحينها قال «ليبي»: «عملي في الصين لن يختلف عن العمل في إيطاليا، سوف أبدأ مهمتي اعتباراً من اليوم داخل وخارج الملعب، وسأقود هذا الفريق بخبرتي الاحترافية وحماسي الشديد». وقبِل «ليبي» تدريب جوانزو فترة طويلة ابتعد فيها عن التدريب، حيث امتدت لعامين، وتردد خلالها أن المدرب المخضرم رفض عروضاً تدريبية من أوكرانيا والسعودية والإمارات. وسرعان ما جنى نادي الأثرياء الصيني الإنجازات مع المدرب العجوز، بعد أن قاده للفوز بلقب الدوري في 2012 و2013 ثم توّج جهده بالفوز بدوري أبطال آسيا على حساب سيول الكوري الجنوبي بركلات الترجيح، وكان جوانزو هذا العام أول فريق صيني يتأهل لنهائي البطولة منذ 1998 عندما خسر مواطنه داليان واندا أمام بوهانج ستيلرز الكوري الجنوبي. وكانت بطولة العالم للأندية في المغرب فرصة لعودة «ليبي» لأضواء العالمية مجدداً، بعد غيابه عنها منذ مونديال 2010 بجنوب أفريقيا، حينما فشل في تكرار إنجازه مع منتخب بلاده بقيادته للفوز بكأس العالم في ألمانيا 2006، وكان يحلم بتكرار إنجاز مواطنه فيتوريو بوتزو بقيادة «الآزوري» إلى لقبه الثاني على التوالي والخامس في تاريخه، لكنه مُنِيَ بفشل ذريع بتوديعه النهائيات من الدور الأول بحلوله رابعًا وأخيراً في مجموعته خلف باراجواي (1/1) وسلوفاكيا (2/3) ونيوزيلندا (1/1). وكانت المرة الأولى التي تودع فيها إيطاليا المونديال من الدور الأول، بعد كأس العالم 1974 في ألمانيا، بينما قاد بوتزو «الآزوري» للفوز باللقب عامي 1934 و1938. وقال «ليبي»، قبل مباراته مع الأهلي التي فاز فيها بهدفين نظيفين: «أنا أمام تحدٍّ جديد هو تأكيد أحقية فريقي باللقب القاري وقيادته لتشريف الكرة الآسيوية، بالإضافة إلى أنني أسعى للظفر بلقب البطولة بنظامها الجديد، بعدما سبق لي التتويج فيها بنظامها القديم بكأس الإنتركونتننتال». وولد «ليبي»، فى 11 إبريل سنة 1948 بمدينة فياريجيو الإيطالية، ولم تكن مسيرته كلاعب مشرقة، حيث بدأها عام 1969 في نادي سافونا، ثم انتقل إلى سامبدوريا في مطلع السبعينيات حين كان الأخير يلعب بين الدرجتين الأولى والثانية، واختتم مسيرته الكروية مع نادي بستوييزي، ولعب طوال مشاركاته في مركز الليبرو، واعتزل اللعب بعد 239 مباراة في الدوري الممتاز، كما لعب مباراتين مع المنتخب الأوليمبي الإيطالي. بدأ مسيرته التدريبية عام 1982 مديراً فنياً لفريق الشباب في سمبدوريا، ثم درب فرق بونتيديرا وسيينا وبيستويزي وكاراريزي، قبل أن يبدأ مهامه في الدوري الممتاز مع تشيزينا عام 1989، وبعدها درب لوشيزي وأتالانتا ونابولي، قبل أن يتسلم مهمة تدريب يوفنتوس عام 1994 ليقوده للفوز بلقب الكالتشيو خمس مرات وكأس إيطاليا مرة ومثلها في كأس السوبر الإيطالية ودوري أبطال أوروبا في 1996 على حساب أياكس الهولندي الرهيب في ذلك الوقت، ولقب كأس السوبر الأوروبية والكأس القارية «إنتركونتننتال» في الموسم ذاته. وترك «ليبي» يوفنتوس عام 2000 ليدرب إنتر ميلان، لكنه وجد مصاعب كثيرة ليتركه عام 2002، ويعود ل«يوفنتوس» ويقوده للفوز بالدوري عام 2003، وإلى نهائي دوري أبطال أوروبا، حيث خسر أمام مواطنه ميلان بركلات الترجيح، إلى أن عين عام 2004 مدرباً للمنتخب الإيطالي. ويتميز «ليبي» بالهدوء الشديد، ولا يتدخل إلا للضرورة أو لإعطاء التعليمات للاعبيه. ويقول عنه الحارس العملاق، جانلويجي بوفون: «إنه مدرب رائع وذكي جدًّا، لم أعمل مع مدرب مثله حتى الآن، إنه يشجع اللاعبين ويحمسهم حتى يعطى كل منا 120 بالمائة من جهده، فهو يُشعِر كل لاعب بأنه أهم عنصر في الفريق ويعامل جميع اللاعبين معاملة واحدة وعادلة، من الصعب أن تجد مدربا مثله بهذه الامتيازات والخصال». وتبقى المحطة الأعظم في مسيرة «ليبي» هى تدريب إيطاليا، حيث أسندت له مهمة قيادة «الآزوري» عام 2004 بعد كأس أمم أوروبا التي أقيمت في البرتغال، لينجح في قيادة الفريق للفوز بلقب كأس العالم 2006 للمرة الرابعة في تاريخه والأولى منذ 24 عامًا، واستقال من تدريب المنتخب، بعد فوزه باللقب مباشرة، وقال: «لقد كان هدفي اللقب وقد حققته»، وبعد كأس الأمم الأوروبية 2008 عاد لتدريب المنتخب مجدداً، إلا أنه فشل في تحقيق أي نتائج تذكر في كأس العالم للقارات 2009 حيث سقط أمام منتخب مصر بهدف شهير ل«حمص»، ثم أمام البرازيل، وخرج من الدور الأول.