في البدء كانت التنورة صوفية فقط، راقص يقف بين خمسة من الكواكب يدور حول نفسه منطلقًا ومنتهيًا في نفس النقطة، محاكيًا حركة الكون بحسب الاعتقاد الصوفي، رافعًا بين يديه أربعة من المزاهر ترمز للاتجاهات الأربعة، منطلقًا في موالد أولياء الله الصالحين ومواكب الاحتفال بمولد النبي سيد الخلق محمد بن عبد الله (ص)، حتى وصل أحد الراقصين إلى قصر الغوري ليدخل التنورة «الاستعراضية» إلى الصورة ويطوف بها 57 دولة. محمد محمود حسين، 58 عامًا، والمعروف منذ أكثر من 47 سنة باسم «عطية شرارة»، ورث التنورة «أبًا عن جد». وكان الجد حسين سرور ثاني اثنين لعبا التنورة في مواكب الموالد، ينطلق عازف «الحانة»، المصنوعة من خشب وجلد خيل وصفيح، وأمامهم الراقص يدور بتنورته الملونة بألوان أعلام الطرق الصوفية، التي يطلق عليها «البيارق»، ويسلمها إلى أبنائه وأحفاده الذين يكملون الطريق بألوان «شيخ العرب السيد»، و«الرفاعي» و«البدوي» وغيرهم. تعلم «شرارة» التنورة الصوفية بالوراثة وتعلمها معه صديقه «بندق»، المتوفى الآن، وشاركا في بعض الأفلام مثل «مولد يا دنيا»، «يارب توبة» و«وكالة البلح». وفي 1 مايو 1988 تقرر وزارة الثقافة أن يكون «قصر الغوري» مقرًا لفرقة «تنورة» يشرف عليها الدكتورصلاح العناني. يقول «شرارة»: في «الغوري» بدأنا البروفات بالشكل الصوفي التقليدي الذي يتكون من راقص رئيسي يحيط به خمسة راقصين آخرين يمثلون «الكواكب الخمسة»، وفي نفس التوقيت كان «العناني» يعيد تصميم شكل التنورة للراقص الصوفي، فبدلًا من شكل «السمكة» الذي كانت تتخذه ألوان البيارق بسبب خطوطها المستقيمة على التنورة، أصبحت على شكل «الأحجبة» المكونة من ألوان متداخلة بأشكال هندسية مختلفة. كما أضاف «العناني» التطريز إلى القطعة «الثابتة»، التي يرتديها الراقص فوق الجلابية وتغطي منطقة الصدر، بعد أن كانت قطعة من القماش غير مشغولة سوى بشريط على «الحرف علشان يديها أي شكل.« من قصر الغوري انتشرت التنورة المصرية عالميًا، وترك «شرارة» الفرقة عامًا، سافرت فيه مع «العناني» لليابان والأردن وسوريا، وكانت الأخيرة قد طورت أسلوبها الخاص في التنورة المستمد من الأسلوب المصري، وفي سوريا خسرت الفرقة المصرية مسابقة أمام مثيلتها السورية، وبعد عودته إلى مصر قرر «العناني» إعادة «الريس عطية» من أجل العمل معه على تطوير الفريق. يقول «شرارة»: «رحت وعملنا شغل تنورة جديدة، عملت صولو صاجات، وصولو دف، وصولو طبلة، وصولو مزمار، وجبت للفرقة مصطفى أنوس اللي كان بيلعب على أتوبيسات وميكروباصات وقلتله عايزين نعمل ده على المسرح». استكمل «شرارة« عمله في تطوير رقصة التنورة وجلب المزيد من الراقصين للفرقة حتى ظهرت «التنورة الاستعراضية» والتي يرتدي فيها الراقص ما يتراوح ما بين 3 و6 تنانير ويمارس بهم بعض الاستعراضات كأن يجلس على كرسي أو يمدد جسده على الأرض، ويقوم بلف التنورة في الهواء، بينما يرتدي راقص التنورة الصوفي تنورتين فقط، وتنحصر حركته في الدوران بعكس عقارب الساعة حاملًا المزاهر الأربعة على يديه متطلعًا إلى السماء. يقول «شرارة»: بعد الاستقرار على العرض الجديد و«بقى عندنا تنورة صوفي واستعراضي»، كانت أول رحلة لنا إلى اليابان ومررنا بسبعين دولة، وفي السويد قابلنا الفرقة السورية مرة أخرى في مهرجان أقيم في حديقة عامة، قدم السوريون عرضهم أولًا وبعدها صعدت فرقتنا وفوجئنا برفض الجمهور نزولنا من على المسرح بعد انتهاء العرض واضطررنا إلى إعادة العرض 4 مرات بسبب طلب الجمهور، وفي الصباح علمنا أن الفرقة السورية انسحبت من المهرجان بسبب تفوقنا الواضح، وأمضينا ال12 يومًا الباقية في المهرجان نقدم عرضين يوميًا بدلًا من عرض واحد من شدة الإقبال. تطورت الفرقة وأصبحت تقضي الكثير من الوقت خارج مصر، فظهرت الحاجة إلى إعداد فريق آخر. يقول «شرارة»: شكلنا فرقة ثانية للتنورة من أجل الجمهور المصري، وبعدها فرقة ثالتة، وكان العمل نابعًا من «تصميمي ومزيكتي وإيقاعاتي ورقصاتي بالاشتراك مع العناني»، ووصل عدد الفرقة الآن إلى 65 فردًا بعد أن كانت قد بدأت ب13 فردًا فقط. نقل «شرارة» إلى قصر ثقافة الطفل بالسيدة نفيسة، والذي يحمل الآن اسم قصر ثقافة شهداء 25 يناير، بعد أن غادر «العناني» قصر الغوري. وعمل في الفترة الماضية على إنشاء فرقة تنورة مصرية للأطفال والنشء، تضم عازفي «ربابة» و«كولة» و«إيقاعات» بالإضافة إلى الراقصين الذين يعد أصغرهم «عبد الله عنتر» البالغ من العمر 9 سنوات.