استغاث بى بعض القراء لأرد على ما يتلقونه من رسائل تطعن فى رسولنا الكريم، فقرأت هذه الرسائل بعقل مفتوح راغب فى الوصول للحقيقة، فوجدتها- كالعادة- تطرح الشبهات القديمة حول (السيف والنساء). نحن لا نطالب غير المسلمين بالإيمان بنبوة الرسول، ولا نحجر عليهم فى البحث المحايد لشخصيته وحياته، لكننا نعيب على بعضهم تعمد الإساءة إليه، زاعمين أنهم ينتهجون المنهج العلمى وهم أبعد ما يكونون عنه. والسبب أن المنهج العلمى يقتضى عرض الصورة كاملة، أما منهجهم فيقوم بالكامل على الانتقاء. يتعقبون ما لم يعد الذوق المعاصر يستسيغه (كتعدد الزوجات وفارق السن بين الزوجين)، ويتجاهلون باقى الشمائل المحمدية، ثم يعرضون الصورة الناقصة غير المكتملة وكأنها الحقيقة الوحيدة والصورة الكاملة، بقصد التشهير. أولا: حب المرأة لا يعيب الرجل، كونه الفطرة التى تضمن استمرار الحياة. ثانيا: أنبياء العهد القديم - الذين يؤمنون بهم - عدّدوا الزوجات ولم يعتبروا ذلك نقيصة بالنسبة لهم. ثالثا: سياق العصر، حيث كثرت الحروب وتراكمت أعداد النساء. رابعا: الاستسلام للشهوات هو آخر ما يستطيع الباحث المنصف - مسلما كان أو غير مسلم - قبوله عن الرسول، هو الذى لم يصنع صنيع الشبان فى الجاهلية قبل الإسلام، وتزوج فى الخامسة والعشرين (وهى سن متأخرة نسبيا حسب أعراف عصره)، وكانت زوجته تكبره بأعوام كثيرة، وبقيت زوجته الوحيدة حتى ماتت وهو فى الخمسين، وظل بعد وفاتها وفيا لذكراها، يحن لأيامها، ولم يُعدد الزوجات إلا فى السنوات الأخيرة من حياته، أما معظم عمره فكان زوجا لامرأة واحدة. خامسا: معظم هذه الزيجات كانت للإيواء الكريم لأرامل ومطلقات لم يُعرفن بالجمال، لمصالح تقتضيها مصلحة الدعوة، مثل توثيق الصلة بأصحابه (كأبى بكر وعمر) أو لاستمالة أعدائه (مثل ابنة أبى سفيان)، ولو كان دافعه الشهوة - كما يزعمون - لتزوج من الأبكار الجميلات. سادسا: رغم أنه كان سيد الجزيرة بلا منازع، وتُساق إليه الغنائم، ويسارع أصحابه إلى مرضاته، فإنه عاش معيشة الزهد والفقر الشديد، تمر على زوجاته ثلاثة شهور لا يأكلن غير التمر والماء، ولا تُوقد نار للطبيخ، حتى تحزبن ضده للمطالبة بزيادة النفقة، فاعتزلهن شهرا بعد أن أوشك على طلاقهن، فهل هذا الزهد من شيم المتكالبين على الشهوات؟! سابعا: بالنسبة لفارق العمر بين الزوجين فقد كان مقبولا بمعايير عصرهم، فعائشة كانت مخطوبة لرجل آخر قبل زواجه منها. وإذا كنا الآن نستغربه بأعراف عصرنا فقد كان شائعا فى مصر نفسها منذ عدد قليل من السنوات. والخلاصة أن آخر ما يمكن أن يُتهم به رجل ظل وفيا لذكرى زوجته العجوز، يُفضّلها فى قبرها على الصغيرة الناضرة، أن يُقال عنه إنه مستسلم للشهوات!. لكن المُشهّرين به تعمدوا أن ينسوا طهره وعفافه، وطويه الليالى جائعا، متعبدا وساجدا، باكيا وضارعا، وتذكروا فقط عدد زوجاته!!. [email protected]