الذين شاهدوا جمال مبارك يتحدث فى برنامج «مصر النهارده» مع الأستاذ خيرى رمضان، مساء أمس الأول، لابد أنهم قد لاحظوا الطريقة المختلفة التى كان يتكلم بها هذه المرة، ثم تساءلوا بالضرورة عن حدود ومعالم الفكر الجديد، الذى كان قد جاء به أمين سياسات الحزب الوطنى، إلى الحزب، قبل عشر سنوات من الآن؟! لقد كان جمال مبارك بوصفه أميناً للسياسات، يتحدث طول الحلقة، عما كنا عليه، من وجهة نظر الحزب، عام 2005، حين جرت انتخابات البرلمان الماضية، ثم ما صرنا إليه، اليوم، ونحن على مسافة أسبوعين من انتخابات برلمانية جديدة. ولم يكن الشىء الذى نظن أنه لفت نظر كثيرين، هو فقط كلام جمال مبارك، عن أن حكومة الحزب وفرت 4 ملايين فرصة عمل، على مدى السنوات الخمس الماضية، وأن أغلب هذه الفرص قد تكفل بتوفيرها القطاع الخاص، لا الحكومة، التى لم تعد قادرة على تعيين جدد، فى أجهزتها، إلا لضرورة قصوى! لم يكن هذا فقط، هو الذى استوقف المشاهدين، بكل ما يعنيه من أن الحكومة قد أدركت أخيراً، أن الأصل هو القطاع الخاص، لا العام، وأن عليها بالتالى، أن تشجع هذا القطاع، بكل ما تملكه، وأن تفتح أمامه طريقاً جديداً كل يوم، وأن تغريه دائماً، وتقدم له ما يكفى من المحفزات، لا أن تعطله، وتعرقله، وأحياناً تلاحقه، دون أن تكون على بينة بعواقب ذلك، على اقتصاد البلد، إجمالاً! ولم يكن الشىء الذى استوقفنا أيضاً، أن الرجل وهو يتكلم، قد راح يخوض فى جراح الناس، خصوصاً فيما يتصل بالمدرسين، وأحوالهم، ثم الثانوية العامة، ومواجعها، والدروس الخصوصية، وأعبائها، وأخيراً التعليم فى إجماله، الذى رأى فيه تحدياً كبيراً لنا، وهو كنوع من التحدى، لن يكون فى إمكاننا - كمال قال - تجاوزه اليوم، ولا غداً، ولا بعد غد، وإنما هو فى حاجة إلى وقت، والمهم أن نبدأ، فيما يخصه، وأن نستمر! لم يكن هذا كله، مع أهميته طبعاً، هو الذى يجب أن يستوقفنا فى الكلام، وإنما اللافت للنظر حقاً، أنه كان يتحدث بطريقة «كنا.. وأصبحنا» على مستويات كثيرة، وكان يتحدث بطريقة أن برنامج الرئيس الانتخابى، الذى كان «مبارك» قد طرحه فى 2005، قد تم تنفيذ ما جاء فيه، فى المجال الفلانى، بنسبة كذا، ليتبقى منه كذا، وكذا! هذا هو الجديد، فى حديثه، لأنه لأول مرة، يخاطب الحزب الناس، على أساس برنامج معلن، ثم على أساس أن هناك مواطنين سوف يحاسبونه، على ما جرى تنفيذه، من برنامجه، وما لم يتم تنفيذه، وكان يخاطب الناس، على أساس أن هناك برنامجاً جديداً، فيه بنود، لها أول، ولها آخر، وسوف يكون الحزب مسؤولاً عنها، ومتقبلاً للحساب عليها، أمام الناس. هذا، فى ظنى، هو الجديد، وإذا لم يكن هناك سواه - حالياً - فهو يكفى، وهو نجاح معقول، للفكر الجديد، فى داخل الحزب، فقبل اليوم، لم يكن هناك برنامج يعلنه، ويتعهد بتجسيده على الأرض، ولا كان هناك بالتالى، إحساس لدى قادة الحزب، بأنهم سوف يأتى عليهم يوم، يكونون فيه أمام أى حساب من هذا النوع! ولكن.. إذا كان هذا هو أثر الفكر الجديد، فماذا عن «حلم» جمال مبارك؟! هذا ما سوف نعود إليه غداً، بإذن الله.