الرئيس السيسي: مصر ستكون من أوائل الدول في معالجة المياه بأحدث وسائل التكنولوجيا    وزير الإسكان ومحافظ الأقصر يتابعان سير العمل بمختلف القطاعات بمدينة طيبة الجديدة    استعدادات إسرائيلية لعملية برية في لبنان ومحاولات أمريكية لمنعها    سلامي: اغتيال نصر الله سيحدث تحولا تاريخيا في العالم الإسلامي    كيف أدّت "مصافحة باليد" إلى مقتل نصر الله؟    حقيقة غضب إدارة الأهلي من كولر لسفره بعد الهزيمة من الزمالك.. مصدر يوضح    5 مصابين في تصادم عدة سيارات ب"بصحراوي الإسكندرية"    بلاغان للنائب العام ضد "كروان مشاكل" بتهمة الإساءة والشائعات    الجمهور يحتشد حول زينة أثناء تصويرها فيلم بنات الباشا في طنطا.. (صور وفيديو)    هل يجوز أن أترك عملي لأتابع مباراة أحبها؟.. رد صادم من أمين الفتوى لعشاق كرة القدم (فيديو)    وكيل «تضامن الشيوخ»: يجب وضع فلسفة لتحويل برامج الدعم ومستهدفاتها لنقدي    كاف يكشف عن خطأ حكم الفار في لقاء الأهلي والزمالك بالسوبر الأفريقي    سليمان يحتفل بثاني ألقابه في السوبر الأفريقي مع الزمالك    فضيتان وبرونزية لمنتخب ناشئي الجولف بالبطولة العربية    انطلاق صالون المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي بندوة «التعليم إلى أين؟»    السيسي: مصر من أوائل الدول التي تعالج المياه بأحدث وسائل التكنولوجيا    إصابة طفل سقط من الطابق الثالث بمنطقة البدرشين    محافظ الإسكندرية يوجّه بإزالة الإشغالات وتعديات المقاهى على الطريق العام    لأول مرة في السوق المصرية.. «هواوي» توقع شراكة مع «طلعت مصطفى» لتقديم خدمات التكنولوجيا السحابية للمدن الذكية    عقب نجاح حفل دبي.. أنغام تواصل سيطرتها في الخليج وتستعد لحفل عالمي بالمتحف الكبير    ضمن مبادرة «بداية».. الثقافة تفتتح مؤتمر «مستقبل تأهيل ذوي الإعاقة» بالقاهرة    جامعة سوهاج توافق على لائحة «نظم المعلومات المكتبية والإعلام الرقمي» بكلية الآداب    النصر ضد الريان.. تريزيجيه: هدفنا تحقيق الفوز.. واللعب تحت الضغط ممتع    نائب محافظ دمياط تبحث عملية تطهير خزانات المياه بمبانى الجهات الحكومية    وزير الثقافة يتفقد معرض نقابة الصحفيين للكتاب ويفتتح حفل توقيع ديوان جمال بخيت    مستشار البنك الدولي السابق: الدعم العيني هو الأفضل لمصر بشرط    100 ألف.. فيلم "عنب" يتراجع في تحقيق الإيرادات    رئيس مياه الشرب بسوهاج يتفقد محطة غرب للتأكد من صيانتها    وصول طائرة مساعدات أردنية إلى لبنان    1640 شهيدا و8408 مصابين جراء عدوان إسرائيل على لبنان منذ أكتوبر الماضي    رشوان: الرئيس يجدد مطالبته للحوار الوطني بإيلاء الأولوية لقضايا الأمن القومي    أجواء معتدلة على مطروح والساحل الشمالي والحرارة 30° والرطوبة 50٪.. فيديو    مفاجأة حول المتسبب في واقعة سحر مؤمن زكريا.. عالم أزهري يوضح    إبراهيم رضا: الزوج الذي لا يعول أولاده خان علاقته بالله.. فيديو    رمضان عبد المعز: الله سبحانه وتعالى يكره هذه التصرفات من عباده    إخماد حريق محدود في محطة وقود سيارات بالشرقية    وزير المالية لممثلي المجتمع التجاري والصناعي: نمد إليكم «يد الثقة والشراكة والمساندة» بحلول عملية توفر حلولا متكاملة للتحديات الضريبية    طبيب قلب: تجنب التدخين والوزن المناسب والرياضة حلول تمنع تصلب الشرايين    حملة مكبرة لإزالة أماكن النباشين بمدينة الإسماعيلية    ميكالي يوقع عقود تدريب منتخب الشباب.. ويتفق مع اتحاد الكرة على تفاصيل المرحلة المقبلة    دون جراحة، مستشفى ملوي تنجح في علاج حالة سرطانية نادرة (تفاصيل)    وزير الطاقة الإسرائيلي: نبحث عن ثغرة لإلغاء اتفاق الغاز مع لبنان    «كوت أوفسايد»: الموسم الحالي قد يكون الأخير ل محمد صلاح في ليفربول    بينها رفعت عيني للسما.. 12 فيلما تشارك في مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة بالدورة السابعة لمهرجان الجونة    مدير إدارة حدائق أكتوبر التعليمية تتفقد انتظام سير الدراسة بعدد من المدارس    ضبط مواد غذائية مجهولة المصدر بحملة تموينية فى العاشر من رمضان    الأمانة العامة بالنواب تخطر الأعضاء بجدول الجلسات البرلمانية    رئيس حزب الاتحاد: الشرق الأوسط ينزلق إلى حرب شاملة    ماء الليمون الأبرز.. 6 مشروبات صباحية لتقليل الإمساك وتحسين الهضم    مناقشة فرص زيادة الصادرات المصرية إلى فنلندا بالندوة الثالثة لمبادرة «ابدأ»    احذر.. حبس وغرامة مليون جنيه عقوبة مزاولة نشاط تمويل المشروعات الصغيرة بدون ترخيص    متفوقة علميًا وطيبة السمعة، الإدارية العليا تلغي استبعاد فتاة من وظيفة قضائية    هل اقترب موعد العمل العسكري؟.. تصريح قوي من وزير الخارجية بشأن سد النهضة    الرئيس السيسي: ندير أمورنا بشكل يحفظ أمن واستقرار بلادنا والمنطقة    بعد أحداث السوبر الأفريقي.. الأهلي يوقع عقوبة مغلظة على إمام عاشور    إصابة 14 شخصا في انقلاب ميكروباص أمام مدخل الجبلاو بقنا    الموت يفجع الشيخ أحمد عمر هاشم    الصحة تنظم برنامجا تأهيليا لأطباء الصدرية بالتعاون مع الجمعية المصرية للشعب الهوائية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الراجل.. الملط
نشر في المصري اليوم يوم 26 - 03 - 2010

‎■ فى فترة من الفترات.. يا صبيان ويا بنات.. قررت مستشفى المجانين أن تغلق أبوابها وأن تسرح مرضاها.. ومش فاكرة ليه.. لكن فاكرة كويس قوى شكل المجانين الذين انطلقوا فى الشوارع بملابسهم الرثة المقطعة ومنظرهم اللى يصعب ع الكافر.. فقد شعروا فجأة بالحرية، بعد ما كانوا محبوسين تحت رحمة التمرجية والدكاترة المفترية.. وكانوا يأكلون بالصدفة ويتم صعقهم بالكهرباء بانتظام.. محرومون من رؤية الناس.. قرايب كانوا أو وفوداً حضرت للفرجة عليهم أو تصويرهم.. ذلك الشعور الذى سرعان ما انقلب إلى ندم شديد لهؤلاء الذين كانوا يحتفظون بقليل من المخ.. وعدم فهم للذين اتلحس مخهم عن بكرة أبيه.. فقد انطلقوا فى الشوارع يتنفسون نسيم الحرية.. وينظرون إلى الناس محاولين التحدث معهم أو لمسهم.. مما كان يصيب الناس بالفزع ويدفعهم للقفز بعيداً وسبهم إن ماطالوش حجر م الأرض وطوحوه فى وشهم.. شوية شوية جاعوا وعطشوا ورغبوا فى قضاء حوائج عرضت.. فلم يجدوا ما يأكلونه أو يشربونه.. ولكن رحبت بهم شوارع البلد كلها ليقضوا حوائجهم العارضة.. فى هذا لم يجدوا غضاضة أو اعتراضاً.. فهو طقس قديم يحرص بعض المصريين على أدائه بين الفينة والفينة.. وبما أنهم انتشروا فى الشوارع فقد تفرقوا.. ولم يعودوا يجدون بعضهم البعض للفضفضة أو التعبير عن مشاعرهم أو، على أقل تقدير، التهييس.. فبدأوا يتحدثون.. ومعروف أن نسبة كبيرة من الفاقدين لعقلهم يبرعون فى الرغى والخطابة واستخدام أطرافهم فى التعبير عما يقولون‎.‎
‎■ وأذكر أننى صادفت منهم الكثيرين.. ووقفت أمامهم أستمع لما يقولون.. واعمل فيها مثقفة أو مفكرة وأقترب لأتجاذب أطراف الحديث.. إعزنى مذيعة وفيه كاميرا لازقة فى قفايا.. ولكن كانت النتائج دائماً غير سارة.. يا إما الراجل بيزقلنى بطوبة.. أو يأتى فعلاً خادشاً للحياء بأن يبلغ به الأسى مبلغه فيقوم فجأة وعلى حين غرة قالع ملط.. فارقع بالصوت واطلع أجرى والراجل يقلع ورايا وهو بيسمعنى م المنقى خيار‎..‎
‎■ بيقول إيه بقى؟.. كلام يعجز العقلاء عن قوله.. رغم أنهم يدركونه جيدا.. وفى الغالب يكون هو سبب أزمته وهو الدافع الأساسى لحبسه وراء الجدران المبطنة.. فهو إما ضحية غدر إنسانى أو غباء وجهل أو ظروف قهرية.. أو ضحية نظام غبى وحمار اضطر أن يتعامل معه فقاده إلى الجنون.. العاقل والمجنون فى هذه الحالة واجها الظرف نفسه.. كل الفرق أن المجنون إنسان هش لم يتحمل كل تلك الصدمات فطار صوابه واتهبل ومخه اتلحس.. أما العاقل فهو البعيد جبلة وجلده تخين حبتين مثل جلد الخراتيت.. ويتمتع المجنون بميزة إنه بيبعبع ويهجص ويشوح ويشتم.. بس لأنه مجنون فهو لا يدرك هذه الميزة.. بل إنه يتمتع بميزة أهم.. هى أنه يستطيع أثناء البعبعة والشردحة أن يذكر أسماء ويتهم أشخاصاً بعينهم ممن كانوا السبب فى لوثته.. أما العاقل التنح فهو يحمل آلة حاسبة فى نافوخه.. يتلقى الصدمة فيهضمها ويحولها إلى معلومات ويحسبها ويوزنها ويضع علم الاحتمالات أمامه.. لو انفعل وقال وبعبع وانفلت عياره.. حايتودر ويتعلق ويتنفخ ويتقلم عليه بالقلم.. فما بالك به إذا تهور ونطق باسم أو أشار إلى شخص بعينه.. ده حايتحلقله حلقة البرابرة ويتقمر عالنار زى الرغيف البايت.. وبالتالى فهو يكتم ويكظم ويورم ويبقلل.. وبما أنه عاقل فهو يملك القدرة على التظاهر بالحكمة والتؤدة والتقل والتسامح‎.‎
‎■ وضعت نفسى فى مجموعة العقلاء.. مانا عاقلة ورزينة وزينة الصبايا.. كلى حكمة وموعظة وراسية.. أزن الكلمة قبل أن أنطقها بميزان الدهب.. وأفكر جيداً رايحة فين وحاتدق مرساها على أى مينا.. وحاتسمع عند مين وإيه رد فعل اللى حايسمعها.. ومن يملك مفتاح النور والضلمة.. كده يطفى ويعتمها وكده يولعها ويحرق مراكبها.. وحينما أريد أن أطول لسانى.. ألعب لعبة تدربنا عليها كثيراً.. كيف أعزف على الوتر دون أن أمس الآلة.. هو إحنا ناقصين قضايا وبلاوى؟.. ماهو الواحد ما بيطولش لسانه إلا على شخص عايز قطع رقبته.. بس البواخة بقى إن الشخص ده غالبا بيبقى طايل وواصل ومعاه كل الأكباس والفيوزات‎.‎
‎■ ولكنى لست وحدى.. ماهو العقلاء أكتر م المجانين.. بل نحن نشكل الأغلبية.. بدليل إن ما حدش حجزنا لسه.. وكنا فى الزمانات نشكو ونتحدث فى مواضيع محددة.. يعنى نعيش ناكل ونشرب ونتعلم ونتخرج ونتنقل ونعمل ونحب ونتجوز ونخلف.. وأحيانا نشكو.. فتبقى الشكوى لها معنى.. تلفت النظر والمشكو إليه يطقطق ببقه ويقول يا خبر ابيض لا مايصحش كده أبدا.. ادينى فرصة وانا احلها.. أما الآن.. فنحن نشكو من كل حاجة.. لأن كل حاجة باظت.. الأكل والشرب والتعليم والسكن والجواز والخلفة والصحة.. وأصبحنا نعانى من الشوارع والمرور والدخل والضرايب والرشوة والواسطة والتطرف والتفرقة العنصرية والتحرش الجنسى وتزوير الانتخابات وكل حاجة‎.‎
‎■ ولذلك بدأ صوتنا يعلو.. إفتح كل الجرايد.. كل التليفزيونات.. كل الإذاعات.. كل المدونات.. ستجد الجميع يرغى ويزبد.. يتحدث بلا توقف.. يشكو بلا هوادة.. الأول كان فى شكل نميمة وأحاديث جانبية.. ثم فى مقالات.. ثم فى كل الوسائل المسموعة والمرئية والمقروءة.. ثم فى الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات.. ثم بدأ الصوت يعلو.. ابتدينا نزعق.. وفى طريقنا للجعير‎.‎
‎■ وبما أننا كلنا فى حالة من الهبل.. أرانا بدأنا نهيم على وجهنا فى الشوارع.. ماشيين تايهين مش عارفين رايحين على فين.. والعلة كل العلة إننا مع كل هذا الزعيق والجعير والشكوى التى لا تسكت ولا تتوقف.. لا نرى حلا.. لا نتحدث إلى شخص بعينه.. لا يعدنا أحد بشىء حقيقى.. أو نسمع وعودا ولكننا لا نصدقها‎.‎
‎■ أرانا نتبادل الأماكن مع المجانين اللى سرحوهم.. يا نهار اسود.. ممكن تيجى لحظة والشعب كله يعمل عملة الراجل المجنون اللى جريت منه فى الشارع‎.‎
ويقلع ملط؟؟؟؟؟
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.