الشخص الوحيد الذي أكرهه هو الإنسان الضعيف الذي يقود قوماً ضعفاء، يأخذ الأوامر من غيره ويعطى الأوامر لمرؤوسين لا يريدونه، يسرق السلطة دون كفاءة ويلقى بالمسئولية دون خجل، وحين يقصم التخلف ظهر الجميع يغالب الضعفاء سطوة قائدهم يلبسونه صورة الممسك بنواصي الحكمة، يظهرونه في صورة مقاتل مرعب تمهيداً لطرح سيرته في مزابل التاريخ، وأفعل ما تفعل ( ...) لتدرك أن السلطة الحقيقية تساويها مسئولية حقيقية وفي بلادنا كثير من الناس تعلوا سلطاتهم فوق قدر مسئولياتهم ..... الجميع يعبث الطالب والموظف والمسئول ... كل لا يقدر المهام التي خُولت إليه ليعتلي تلك المكانة .... حتى حكومتنا الرشيدة لازالت تمارس معنا نفس اللعبة التي اعتادت عليها منذ أمد بعيد، تلك السياسة المتعارف عليها، سياسة أن توهمك الحكومة بأنك صاحب الحق في المشاركة والمطالبة بكافة الحقوق ثم يتهمونك بكونك أخرس لا تطلب حقك وأنك من فاقدي الوعي السياسي أو تلاحقك بتهم العمالة، تفعل ما تفعل وهى متأكدة أن الشعب المصري في أحواله الحالية أعجز من أن يكون له أي موقف تجاه الأزمات الطاحنة التي يتعرض لها يومياً من أزمات اقتصادية وتضييق للحريات والممارسة السياسية وغلاء عام في الأسعار طال حتى أبسط ما يحتاج له المرء من غذاء، حتى تزايدت نسبة من يعيشون تحت خط الفقر فقد أفاد تقرير الأممالمتحدة عن التنمية البشرية أن 14 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر، بينهم أربعة ملايين لا يجدون قوت يومهم، يا للمفارقة أم الدنيا يقبع أبنائها تحت خط الفقر .. ومن الغرابة أن تصريحات المسئولين شيء يحرق الدم يتحدثون عن الانجازات وكأنهم يتحدثون عن دولة أخرى غير مصر، بل ويؤكدون أن مستوى معيشة الفرد في تحسن كبير رغم أن جميع الدراسات تؤكد أن هناك حالة فقر مستشرية بالمجتمع المصري نتيجة للسياسات الاقتصادية التي تتبعها الدولة من ارتفاع معدلات التضخم وسياسات الخصخصة والانخفاض المتوالي لقيمة الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية الأخرى، وما يقابله من استمرار انخفاض معدل الادخار المحلي، وزيادة العجز في الموازنة العامة بصورةٍ مطردة، وارتفاع مستمر في أسعار معظم السلع، وخاصةً المواد الغذائية فضلاً عن ذلك سوء الخدمات الصحية والتعليمية والسكانية المقدمة للمواطنين .... كل هذا ولا يخجل المسئولين من الحديث عن الانجازات والتحسن المستمر في مستوى معيشة الفرد ... حتى إنه لم يعد يمر يوم على مصر إلا وكان هنا وهناك أي شكل من الإضرابات أو التظاهرات الكثير منها إضراب للعمال والموظفين تلك الفئة التي تعد أكبر فئة تعاني من تلك السياسات المجحفة لحقوقهم. وهناك أشكال من التظاهرات ترتكز على المطالبة بالممارسة السياسية الحرة والقضاء على سياسة تكميم الأفواه والمعاملة الحضارية للمواطن صاحب الأرض والحق، ورغم تلاحق الأحداث بمصر الحقيقي منها والمفتعل من جانب الحكومة لشغل الرأي العام بمصر بقصد التورية عن هدف أخر أو قانون يراد تمريره في غفلة من الفئة المعارضة، إلا إن حكومتنا تعلم جيداً أن فورات الغضب سوف تمضى لحالها سريعاً، أسبوع أو أسبوعين على الأكثر، وتنتقل مصر كلها إلى جدول أعمال جديد. وهذه مشكلة حقيقية لابد أن نعترف بها في بنية الحياة السياسية المصرية الحالية لا تراكم في الموقف، ولا قضية نمضى فيها إلى نهايتها، ولا معركة نصر عليها حتى الفصل الأخير، والرهان على المواقف الرسمية أقرب إلى المشي إلى السراب. كلام المعارضة الكثير منه بلا إرادة سياسية، تصريحاتهم بلا مواقف حقيقية لا تعدو عن كونها كلام في كلام، فبلدنا ابتلي بوجود البعض من المزايدين والنفعيين التي يتصورون جهلاً أو حماقة أنهم ينفعون البلد ويدافعون عنه وإذا بهم أول من يلحق الضرر والأذى بالوطن وأبنائه متناسين أن مجرد الادعاء بالحق أو بالوطنية لا يكفي ما لم تكن هناك حقائق على أرض الواقع تثبت وتدعم هذه الادعاءات وهو ما يفتقده أصحاب هذه المزاعم والادعاءات الوهمية الذين لا هم لهم سوى أنفسهم ومكاسبهم الشخصية وتحقيق ذواتهم على حساب المواطن المسكين، والوطن المبتلى بأمثال هؤلاء الانتهازيين الذين لم يعرفوا كلمة الإصلاح ولم يقفوا معه يوماً في حياتهم، ولذلك تراهم يذهبون يميناً وشمالاً حسب ما تمليه المناخات السياسية ومعها المصلحة الشخصية لهم من دون رؤية أو تفكير ولذلك فإن خطر هؤلاء على الوطن كبير ومؤثر لأن هذا التلون يلقي بظلاله على الحياة السياسية والاجتماعية فيعمل على تشويش الرؤية عند كثير من الناس وربما تختلط الأمور حتى على البعض من المخلصين. وكأنه لا يكفي ما يعانيه المواطن والوطن معه من ويلات وضغوطات وأعباء حتى يتحمل مثل هذه الأعباء الإضافية التي لا تهم هؤلاء المزايدين ولا تعنيهم في شيء ما دامت توفر لهم مكانة ووجاهة ومكسباً ولو على حساب الوطن الذي يدعي كل وصلاً به وتغنياً وتفانياً بينما الوطن بريء من أمثال هؤلاء،الألم هنا بجد على الشخصية المصرية فأسفاً قد قضت عليها مشاكل الحياة الاقتصادية والسياسية والفساد وقانون الطوارئ ...... ويبقى السؤال هل من الممكن أن يحاول المواطن المصري التأهب لاستعادة دوره الغائب في تفعيل واجباته وانتمائه فعلاً لا قولاً؟ هل نحلم يوماً بوجود معارضة حقيقية تنشد التغيير الفعلي لا المكاسب الشخصية لذاتيتهم؟ هل من الممكن أن يمضي الشارع المصري وراء أي تغيير حقيقي يسعى لتحسين أوضاعهم حتى لو كان نابعاً من النظام الحالي؟